اعتقلت الشرطة التونسية اليوم الأربعاء عصام الشابي زعيم الحزب الجمهوري والمعارض البارز للرئيس التونسي قيس سعيد في خضم حملة إيقافات واسعة طالت مؤخرا عددا من السياسيين والنقابيين في قضايا مختلفة تتراوح بين الفساد والتآمر على أمن الدولة.
وأعلن الحزب في تدوينة مقتضبة أن شرطة مكافحة الإرهاب أوقفت مساء اليوم الأربعاء أمينه العام عصام الشابي شقيق نجيب الشابي زعيم تحالف جبهة الخلاص المعارضة (الواجهة السياسية لحركة النهضة) التي نظمت احتجاجات متكررة ضد سعيد، فيما لم يذكر سبب الإيقاف كما لم تصدر إفادة عن السلطات. وقال محامو الشابي وعائلته إن الشرطة اعتقلته أمام مركز تجاري بينما كان مع زوجته قبل أن تتم مداهمة منزله وتفتيشه.
وأصدر المكتب التنفيذي للحزب الجمهوري بيانا فور اعتقال أمينه العام، استخدم فيه عبارة "اختطاف" وهي عبارة تطلقها جبهة الخلاص الوطني والجهات المعارضة في إشارة إلى الإيقافات الموكولة لسلطة إنفاذ القانون في تونس.
ولا تتم الإيقافات إلا بإذن مسبق من النيابة العامة في حال تلقي أجهزة الأمن معلومات أو ما يفيد بضرورة التدخل أو تتم بأمر تلقائي من النيابة العامة من خلال ما يعرف محليا باسم "وكيل الجمهورية".
وقال الحزب الجمهوري في بيانه الذي نشره على صفحته الرسمية بفيسبوك "تواصل سلطة الأمر الواقع حملة الإيقافات العشوائية وغير المبررة ضد كل صوت حر لا يسير في ركابها".
وتابعت "وقد عمدت بعد ظهر اليوم الأربعاء 22 فيفري (فبراير) 2023 مجموعة أمنية إلى إيقاف الأمين العام للحزب الجمهوري الأخ عصام الشابي بينما كان يقود سيارته رفقة زوجته، كما عمدت نفس الفرقة الأمنية إلى تفتيش منزله قبل وضعه على ذمة فرقة مقاومة الإرهاب، دون الاستظهار بإذن قضائي للإيقاف، بل كانت إجابة الفرقة بأنها أوامر" .
وتابع في بيانه "وعليه فإن الحزب الجمهوري يعتبر أن الأخ الأمين العام مختطفا ويحمل السلطة مسؤولية سلامته. كما يعبر عن تضامنه المطلق مع أمينه العام واعتزازه بنضالاته ومواقفه التي كانت دائما بوجه مكشوف وفي نطاق الشفافية والمسؤولية والالتزام بالقانون".
وقال أيضا إنه "يؤكد للرأي العام ولكل الأحرار إصرار مناضليه على مواصلة النضال في اتجاه استعادة المسار الديمقراطي السليم والدفاع عن كرامة التونسيين وعزة تونس".
وشدد على أن الحزب الجمهوري "يعتبر هذا الإيقاف خطوة تصعيديه أخرى من جانب السلطة في إطار حملة الإيقافات العشوائية التي طالت شخصيات سياسية ونقابية وإعلامية على خلفية مواقفها الوطنية"، مطالبا في ختام بيانه بالإفراج عن أمينه العام وكافة من وصفهم بـ"المعتقلين السياسيين".
كما أوقفت الشرطة القيادية في جبهة الخلاص الوطني المعارضة شيماء عيسى، وفق ما ذكرت المحامية بشرى بلحاج حميدة، دون المزيد من التفاصيل، بينما ذكر القيادي السابق في حركة النهضة والمحامي سمير ديلو في تدوينة على حسابه بفيسبوك أن الشرطة كانت تحاصر عيسى في سيارتها، فيما تبقى هذه الروايات على لسان أصحابها مجرد تصريحات تأخذ في الاعتبار أن مطلقيها من معارضي مسار 25 يوليو، فتحتمل الصدق كما تحتمل المبالغة لأهداف سياسية. قالت المحامية بشرى بلحاج إن الشرطة التونسية اعتقلت المعارضة البارزة للرئيس والقيادية بجبهة الخلاص شيماء عيسى.
بدورها قالت المحامية دليلة بن مبارك إن الشرطة تحاصر منزل شقيقها جوهر بن مبارك لمحاولة اعتقاله لكنه ليس بالمنزل ويعد بن مبارك شخصية بارزة في جبهة الخلاص وحث في مناسبات عديدة على الإطاحة بسعيد من خلال احتجاجات الشوارع.
ومنذ 11 فبراير/شباط الجاري بدأت السلطات التونسية حملة اعتقالات ومن بين الموقوفين القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري والوزير الأسبق لزهر العكرمي والمدير العام لإذاعة "موزاييك أف أم" المحلية الخاصة نورالدين بوطار ورجل الأعمال النافذ كمال لطيف والقيادي السابق في حركة النهضة عبدالحميد الجلاصي والسياسي خيام التركي إضافة إلى القاضيين المعزولين البشير العكرمي والطيب راشد.
وأكد غازي الشواشي السياسي المستقيل من الأمانة العامة لحزب التيّار الديمقراطي استدعاءه للتحقيق من أجل قضية تحقيقية جديدة رفعتها ضده وزيرة العدل ليلي جفال، مشيرا إلى أن القرار جاء بتزكية من الرئيس سعيد ووفق المرسوم عدد 54 المتعلق بجرائم الثلب عبر وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
وأفاد بأن القضية تعود إلى نوفمبر/تشرين الثاني في إشارة إلى تصريحه المتعلق باستقالة رئيسة الحكومة نجلاء بودن قبل تراجعها.
واعتبرت منظمة العفو الدولية غير الحكومية أن حملة الاعتقالات "محاولة متعمدة للتضييق على المعارضة ولاسيما الانتقادات الموجهة للرئيس" وحثت سعيد على وقف هذه الحملة التي لها اعتبارات سياسية.
ووصف الرئيس قيس سعيد الموقوفين بـ"الإرهابيين" واتهمهم بالتآمر لضرب أمن الدولة والتلاعب بأسعار السلع الأساية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
ولئن يشدد سعيد مرارا على استقلال المنظومة القضائية فإن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021 ما أحدث انقساما حادا بين قوى تساند المسار وأخرى تعارضه.
ومن أبرز هذه الإجراءات حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى في تونس ومن بينها الحزب الجمهوري تلك الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسارة ثورة 2011".
أما سعيد الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".
تعليقات الزوار
لا تعليقات