أشادت المعارضة التونسية باعتقال قوات الأمن في البيرو للرئيس بيدرو كاستيو عقب صدور قرار من البرلمان بعزله، ردا على إعلان كاستيو حل البرلمان.
وكتب الوزير السابق، رفيق عبد السلام “في دولة تحترم نفسها ومؤسساتها، هكذا تجري الأمور: رئيس البيرو أراد أن يفرض إرادته الفردية على الجميع فسارع لحل البرلمان وإعلان حال الطوارئ، وبدأ يخطط لتشكيل برلمانه وتمرير دستوره الذي يرغب فيه، وكان الجواب سريعا وقاطعا: القضاء يرفض هذا الإجراء ويعتبره خروجا على الشرعية، ثم سارعت الأجهزة الصلبة للدولة باعتقال الرئيس وضرب القيود في معصميه، حماية للشرعية والمؤسسات وواجب القسم”.
وأضاف “المعادلة واضحة هنا: إما أن يعتقل الرئيس الدولة ويرهنها جملة وتفصيلا، أو أن تدافع الدولة عن نفسها بالتضحية بالرئيس، فأيهما أيسر: الدولة تقطع رأسها وتنتحر إراديا؟ أم تغير قبعتها التي تضعها فوق رأسها؟”.
وتحت عنوان “هل تجوز مقارنة البيرو بتونس؟”، كتب القيادي في جبهة الخلاص الوطني، عادل بن عبد الله “إن ما حصل في البيرو لا يشبه- في شيء- ما وقع في تونس. فالبرلمان في تونس كان رمزا للعبث السياسي ولبؤس الأحزاب، ولم يكن هناك ما يدفع الشعب للخروج إلى الشارع للدفاع عن مجلس فاشل وعن نظام سياسي (النظام البرلماني المعدل)، كما لم يكن هناك ما يدعو الشعب إلى الخروج للدفاع عن الأحزاب التي لا تتذكّره إلا خلال حملاتها الانتخابية (بوعود زائفة)، ثم تكون أداة في خدمة كل السياسات التفقيرية لعموم المواطنين. ولذلك فإن المقارنة الوحيدة المنطقية التي يجب الاشتغال عليها هي مقارنة ما وقع في البيرو مع ما وقع في تركيا، والبحث عن المشتركات بين هذين النموذجين الطاردين للسيناريوهات الانقلابية. أما النموذج التونسي فإنه قد كان- منذ المرحلة التأسيسية- فضاء خصبا وملائما لكل أنواع الانقلابات “الناعمة” والتي كان مستقرها في انقلاب 25 جويلية (تموز)”.
وأضاف “شخصيا، لا أعرف البيرو، ولا أعرف واقع السلطة فيه. ولكني على يقين بأن الشعب الذي خرج للدفاع عن مجلس النواب لم يفعل ذلك فقط دفاعا عن الديمقراطية، بل دفاعا عن مصالحه في ظل نظام ديمقراطي، أو خوفا من العودة إلى مرحلة كانت أسوأ من وضعه في ظل وجود البرلمان الحالي. فالديمقراطية عندما تكون عقيمة (بلا إنجازات لفائدة الشعب) لا يمكن أن تنتظر من الشعب أن يهبّ لإنقاذها من الانقلابيين، والديمقراطية عندما تعجز عن إصلاح الإعلام فإنها تجعل منه (بحكم ارتباطاته المعروفة بالمنظومة القديمة) معول هدم لأي انتقال ديمقراطي”.
وتابع بقوله “ديمقراطية يتحكم في مجلسها التشريعي لفيف من الفاسدين والانقلابيين والمكلفين بمهمة لدى السفارات الأجنبية ووكلائها في الداخل لا يمكن أبدا أن يجتمع برلمانها لمواجهة الانقلاب، بل سيرحب أغلب أعضائه بالانقلاب، لأنهم في الحقيقة لم يكونوا نوابا للشعب، بل كانوا منذ المرحلة التأسيسية مجرد طوابير خامسة لأي مشروع انقلابي (لقيس سعيد) يعيد البلاد إلى دائرة الاستبداد”.
وتحت عنوان “كأس العالم متزامنا مع موعد الانقلابات”، كتب الباحث والناشط السياسي حمّادي الغربي “تاريخيا، أكدت مجريات كأس العالم أنها تكون دائما متزامنة مع أحداث غريبة ومفاجآت صادمة، باعتبار أن سكان الأرض يتابعون مباريات كأس العالم، والقلة القليلة تخطط وتفكر في أشياء أخرى، فتستغل غياب الرقابة وانشغال الناس بالكرة”.
وأضاف “تفاجأنا في الأيام الأولى لانطلاق مباريات كأس العالم بمحاولة انقلاب فاشلة قامت بها فرنسا في تونس على المنقلب قيس سعيد، التي هي نفسها (فرنسا) جاءت به، يعني انقلاب على انقلاب. وبحمد الله تم التفطن للانقلاب وتم اعتقال مجموعة الانقلابيين عن بكرة أبيهم. وقبل يومين، أحبطت السلطات الألمانية محاولة انقلاب بقيادة عساكر في الجيش الألماني وعناصر ذوي التوجه النازي، وبلغ عدد المنقلبين الذين تم اعتقالهم 25 شخصا. والبارحة وزارة الداخلية في البيرو تحبط انقلاب رئيس الجمهورية في البلاد، وتأمر باعتقاله”.
وتابع الغربي “أتوقع محاولات أخرى للانقلاب. وكما تعلمون، قيس سعيد مدعو للسفر إلى السعودية وإلى الولايات المتحدة الأمريكية وإمكانية الانقلاب عليه واردة جدا، نظرا لتوقيت السفر المتزامن مع مباريات كأس العالم، ثم ارتفاع نسبة التنبؤ بسقوط قيس خلال الأيام المُقبلة، ناهيك عن حالات مشابهة حصلت في التاريخ القريب، حيث سافر رئيس موريتانيا إلى المملكة العربية السعودية لأداء واجب العزاء في وفاة ملك السعودية، وحين وصوله للرياض تم إبلاغه بالانقلاب عليه”.
وكتب ناشط يدعى حسين الجلاصي “بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي أعلن عنها رئيس البيرو بحل البرلمان، السفارة الأمريكية في البيرو تعبّر عن رفض الولايات المتحدة -رفضا قاطعا- لأي عمل غير دستوري من قبل الرئيس كاستيلو بعد إعلانه حل البرلمان! هل لاحظتم الفرق الشاسع بين الموقف الأمريكي من الانقلاب في تونس ونظيره في البيرو؟”.
وأضاف “كانوا يقولون- بعد مرور أسابيع على الانقلاب- ما زلنا ندرس هل ما فعله قيس سعيد انقلاب على الدستور أم لا! هذه عبرة للذين يتوهمون أن الدول الغربية تعترض على ما فعله المنقلب في تونس بالدوس على أحكام الدستور وعلى مؤسسات الدولة”.
فيما لجأت بعض الصفحات الاجتماعية إلى “التهكم” على ما حدث في البيرو، حيث دونت إحداها “البيرو تنجو- بشق الأنفس- من فقدان المواد الأساسية (زيت، سكر، حليب) بعد إحباط عملية انقلابية من قبل الرئيس على مؤسسات الدولة”.
وأضافت “لو نجح انقلاب البيرو لكان الناس هناك يجهّزون أنفسهم الآن كي يبدؤوا بعد شهر بالركض خلف بائعي الحليب والزيت لتأمين قوت عائلاتهم”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات