أخبار عاجلة

“فاجعة جرجيس” بتونس “جريمة دولة” كاملة الأركان

تشهد مدينة جرجيس (جنوب شرق تونس) حالة من الغضب والاحتقان بعد غرق أحد مراكب الهجرة السرية وقيام السلطات بدفن الضحايا في “مقبرة الغرباء”، وهو ما اعتبرته المعارضة “جريمة دولة”.

وبدأت الحادثة التي باتت تُعرف بـ”فاجعة 18/18″ قبل نحو أسبوعين حين غرق مركب يحمل 18 شخصا من أبناء جرجيس، قبل أن تقوم السلطات بدفن عدد من الضحايا في المقبرة المخصصة لمجهولي الهوية، وهو ما أثار غضبا كبيرا في المدينة.

ونظم أهالي جرجيس، الأربعاء، مسيرة كبيرة بعنوان “يوم غضب”، مرددين شعارات من قبيل “أحضروا أبناءنا” و”الشعب يريد أولاده المفقودين” في محاولة للضغط على السلطات التونسية لإعادة جثامين الضحايا لذويهم.

وارتفعت وتيرة الغضب بعد اكتشاف ذوي المفقودين جثث ثلاثة من أبنائهم تم دفنها في “مقبرة الغرباء” من قبل السلطات دون محاولة التأكد من هويتها.
ونشرت وسائل إعلام وصفحات اجتماعية صورا لملابس الضحايا وتصريحات لذويهم الذين اتهموا السلطات بمحاولة التعتيم على القضية. فيما أشاد آخرون بالجهود الكبيرة التي بذلها بحارة جرجيس للبحث عن المفقودين في ظل “تقاعس” السلطات.
ودون مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان “التعرف على أربع جثث تعود لأبنائنا المفقودين. فتاة تم انتشالها من البحر، و3 شباب دفنوا في مقبرة الغرباء دون إجراء تحاليل، ووالي الجهة يتحمل المسؤولية، ويجب فتح تحقيق فوري”.
واتهم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، السلطات التونسية، بالتقصير في انتشال الضحايا، مفندا ما قاله العميد عاطف حويج الناطق باسم خلية الأزمة التي شكلتها السلطات، حول “وضع الامكانيات المادية والبشرية والترفيع فيها من أجل مواصلة عملية البحث، واعتماد كل وسائل البحث سواء جوا، أو بحرا، أو عبر الرادارات المتنقلة والقارة، والزوارق، والطائرات”، والذي اعتبره المنتدى أنه يتنافى مع الواقع.

وأضاف في بيان على صفحته في موقع فيسبوك “ندعو السلطات التونسية للالتزام الفعلي والعملي بإنقاذ أرواح المهاجرين في المياه الإقليمية التونسية عبر إطلاق آلية استباقية للمساعدة والإنقاذ البحري تستهدف إنقاذ الأرواح وتدمج كل الهياكل والمتدخلين على طول المياه الإقليمية التونسية والكف عن عمليات الصّد القسري التي تشكل خطرا على حياة المهاجرين”.

وتابع البيان “ونجدد الدعوة ضرورة انشاء إطار دائم للإعلام والبحث عن المفقودين في البحر والإحاطة بعائلاتهم وإعداد مخططات طوارئ محلية للتعامل مع حوادث الغرق نتيجة الهجرة غير النظامية، تضمن وجود أماكن لائقة للدفن والتكفل بذلك في ظروف ملائمة، مع القيام بأخذ عينات الحمض النووي للقيام بالتحاليل اللازمة عند الضرورة”.
وكتب القيادي في حركة النهضة، رفيق عبد السلام، “دفن غرقى جرجيس في مقابر سرية وبأسماء مجهولة في جنح الظلام لم تفعلها حتى دولة الاحتلال في فلسطين، أليس لهؤلاء الضحايا عائلات منكوبة ومكلومة على فلذات أكبادها؟ ما الذي يضطر سلطة الانقلاب الى عدم مصارحة العائلات والتثبت من جثث الضحايا قبل المسارعة بالدفن في مقبرة “المجهولين”؟ ولما هذا الكم الهائل من الخداع وانعدام الخلق في التعامل مع الأحياء والأموات؟”.
وكتب النائب السابق عن ائتلاف الكرامة، زياد الهاشمي، “ما يحدث في جرجيس ليس فقط جريمة دولة وإنما جريمة ضد الإنسانية من سلطة عديمة الإنسانية، أكدت هذا سابقا في فترة الكوفيد عندما تُرك الشعب يموت حتى تُهيئ الأجواء للانقلاب. واليوم أمام كارثة انسانية ضد أولادنا في جرجيس، سلطة الانقلاب تتعامل بقلب بارد وكأن المصيبة في دولة أخرى. عشرات الجثث تخرج كل يوم لبنات وأولاد، وقائد الانقلاب في قصره بلا أدنى تفاعل، ونسي أن هؤلاء سبقوه لرب عظيم شديد العقاب وسيُسأل عنهم. وعند الله تجتمع الخصوم”.
وكتب القيادي في حزب التيار الديمقراطي، ذاكر الأهيذب، “المعذرة، كنت أعتقد أني في دولة محترمة، وكتبت في يوم ما أنه “يجب ألا ندفن أحدا قبل التحليل الجيني”. لكن اتضح أن السلطات تضع الناس في أكياس بلاستيكية وتدفنهم دون هوية!”.
وعلق الباحث والمحلل السياسي نور الدين العلوي بقوله “لم تعط هذه الدولة للإنسان قيمة وهو حي يتنفس، فهل تراها تقدره وهو جثة منتفخة ولها رائحة مزعجة؟”.

فيما ندد والي مدنين سعيد بن زايد بـ”الاعتداءات التي طالت مقر معتمدية (منطقة) جرجيس، إلى جانب إخراج التلاميذ من المدارس” خلال احتجاجات أهالي جرجيس، معتبرا أن “الاعتداء على مؤسسات الدولة وحرقها، ممارسات غير مقبولة”، لكنه أعرب عن تفهمه لـ”حالة اللوعة في صفوف الأهالي”، ودعاهم إلى “التعقل والتحلي بالرصانة”.

وندد الوالي بما اعتبره مغالطات وتشويش على عمل خلية الأزمة التي شكلتها السلطات، مشيرا إلى أن عملية دفن الضحايا “تمت بطريقة قانونية، بعد إذن حاكم التحقيق باستخراج الجثث الأربع وعرضها على التحليل الجيني”.

وأضاف “في حالات الجثث مجهولة الهوية يتم الإذن من قاضي التحقيق لإعادة فتح القبر والتثبت من هوية الجثة، وهو إجراء عادي ومعمول به في عدة مناطق في تونس”.
وأعادت الحادثة إلى الأذهان “فاجعة قرقنة”، التي تسببت بوفاة عشرات الضحايا بعد غرق مركبهم أمام سواحل جزيرة قرقنة (جنوب شرق)، وهو ما دفع رئيس الحكومة آنذاك، يوسف الشاهد، إلى إقالة وزير الداخلية لطفي براهم.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

مغربة

نتائج اغرور

كان بإمكان مواطنى شمال افريقيا ان يعيشوا عيشا كريما لولا سياسات المراهقين التى تنهجها الجزاير