أخبار عاجلة

وزير العدل المغربي يفقد قواه العقلية ويشرّع لحماية المفسدين ولصوص المال العام

لا أدري هل كان السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل المغربي، في كامل قواه الذهنية والنفسية حين صرّح في مداخلة أمام مجلس المستشارين، بأنه سيقوم بمنع جمعيات حماية المال العام من تقديم شكايات ضد المنتخبين والشخصيات بشأن اختلاس المال العام، أم أنه كان يبحث عن إثارة الجدل والتقاط الصورة أو كما يقال بلغة شباب هذا العصر، يبحث عن “البوز   BUZZ إذ كيف يُعقل لمن جاء يدّعي محاربة الفساد أن يطلق العنان للصوص والمفسدين كي يعيثوا في المال العام فسادا، دون رقيب ولا حسيب.

وعلى أية حال فقد ابتُليَ المغاربة بهذه الحكومة، التي يبدو أن أعضاءها بمن فيهم كبيرُهم، قد تجاوزوا كل الحدود في مصادمة الشعب، والتنكّر لكل الوعود التي كانوا يؤثثون بها حملاتهم الانتخابية. وكأني بهم يفعلون ذلك انتقاما وتأديبا للمغاربة، ألم يتوعدهم عزيز أخنوش قبل أن يصبح رئيسا للحكومة بأن يُعيد “تربيتهم” لأنهم تجرؤوا ذات مرة وقاطعوا شركاته التي كانت تجني -ولا تزال- الأرباح الطائلة دون وجه حق؟

عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، وأناخت بكلكلها على الاقتصاد المغربي المُنهك بفعل جائحة كورونا والجفاف، تركت هذه الحكومة الشعب يواجه تداعيات كل ذلك لوحده. وبدل أن تنكبّ في إبداع الحلول لإخراج المغرب من أزمته، فاجأتنا باللجوء إلى من وصفتهم بـ ” المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي” لتنزيل برامجها، وأنفقت من المال العام، ملايين الدراهم على هؤلاء المؤثرين دون طائل.

ولتبرير هذا القرار المُستهجن، أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن سبب الاستعانة بـهؤلاء، هو كونهم لهم قاعدة جماهيرية كبيرة، ومنخرطون بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الغريب في الأمر هو أن أغلب النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، عبّروا عن امتعاضهم، لهذا السلوك الأرعن واعتبروه أشبه ما يكون إلى الفولكلور وتلميع الصورة، وأخذ اللقطة.

وعودة إلى وزير العدل، الذي أصبح يثير الجدل بخرجاته الإعلامية أينما حل وارتحل، أرى أن هذا الوزير الذي يحمل حقيبة وزارية فارغة، يريد أن يخلق الحدث، بتدخله في السلطة القضائية، بعد أن استقلت مؤسسة النيابة العامة عن وزارة العدل، وكأنه يشعر بنقص ملازم، منذ أن تولى هذا المنصب.

هذا الوزير يريد أن يحدث تعديلا في قانون المسطرة الجنائية ينصُّ على أن وزير الداخلية هو من له الصلاحية في وضع شكايات لدى النيابة العامة بشأن اختلاس المال العام، وليس الجمعيات. وأوضح أن “هناك من ليست له جمعية ولم يعقد جمعا عاما ويقول إنه رئيس لجمعية حماية المال العام”.

ردة فعل المجتمع المدني كانت قوية، حيث وجهت الجمعيات -خاصة جمعيات حماية العام- انتقادات شديدة ورافضة حصر مهمة “مراقبة المال العام” على مصالح وزارة الداخلية، ومؤكدة  في ذات الآن، أن الأمر فيه تجاوز كبير وتدخل في اختصاصات السلطة القضائية من لدن السلطة التنفيذية.

عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قال إن الأمر يكرّس عدم مراقبة المجتمع المدني لحاملي المسؤوليات، متسائلا إن كان وهبي يتحدث باعتباره وزيرا للعدل أم كرئيس لجماعة تارودانت. واستغرب غالي، كون محام ووزير لا يطلع على دستور البلاد؛ فالوثيقة تعطي الحق للمجتمع المدني في تقديم العرائض، وهي مفهوم لا يرتبط فقط بالرفض، بل قانونيا تصل إلى الشكاية.

بينما صرح محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، بأن “الحكومة تشجع الريع والفساد وتسمح لرموز الفساد والمدانين قضائيا وبمقتضى تقارير رسمية بتولي المسؤولية وتسيير الشأن العام، وتتولى الدفاع عنهم وتوفير الحماية لهم بكل الطرق”. واستغرب الغلوسي، خرجة وزير العدل ومنع تقديم الشكايات إلى القضاء خوفا على المنتخبين ومخافة ألا يجد المغاربة مستقبلا من يقبل الترشح لتمثيلهم.

بدوره المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، وصف تصريحات الوزير ب”التحقيرية” و”الصادمة”، وتهدف إلى ما أسماه ” محاصرة” الجمعيات، و”منعها من ممارسة أدوارها الديموقراطية والدستورية والمجتمعية والحقوقية في مكافحة الفساد”، وكذا في “مساءلة ناهبي المال العام بما فيهم منتخبي الأمة المشتبه في ارتكابهم لأفعال يجرمها القانون”.

إلى كذلك عبر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين احتفت بهم الحكومة، عن رفضهم لتصريحات الوزير، حيث قال أحدهم في إحدى تدويناته: “أتصور أن سبب هذه الخرجة هو وجود عدد كبير من المنتخبين في البام والاحرار متابعين باختصار الوزير خاف على الحزب ديالو.”

فيما قال آخر: ” إنها خطة الحكومة في ايجاد “منظومة” من أجل حماية سارقي المال العام. فقد بدأت الحكومة بسحب قانون الاثراء اللامشروع وأتبعته بسحب قانون احتلال الملك العمومي. وهي – الحكومة – الان بصدد إيجاد “قانون” يمنع جمعيات المجتمع المدني من رفع شكايات قضائية ضد سارقي أموال الشعب. لأول مرة في تاريخ المغرب نرى حكومة تدافع عن الفاسدين واللصوص”

إذا هناك إجماع على رفض وإدانة هذا السلوك الأرعن، وكذا التصريحات اللامسؤولة، التي صدرت عن وزير العدل، ولذلك فما عليه إلا أن يقدم استقالته فورا، أو ان تتمّ إقالته، كي تحفظ هذه الحكومة شيئا من ماء الوجه، إن بقي لديها شيء من خجل.

فلاش: تحتلّ وزارة العدل في جميع الدول مكانة اعتبارية متميزة، وتحظى باحترام الجميع، فهي ملاذ كل المواطنين وأملهم في تحقيق العدالة وخدمتهم وإسعادهم.  لكن عندنا في المغرب، أصبحت وزارة العدل مضرب المثل للساخرين والمستهزئين، بفعل ما يقوم به وزيرها عبد اللطيف وهبي من شطحات سياسية، فقد كان له الفضل في إقحام كلمة “التقاشر” (الجوارب) في القاموس السياسي المغربي، فاحتل هذا اللفظ الصدارة في منصات التواصل الاجتماعي، مخلفا سخرية عارمة، بين رواد هذه المواقع.

هذا الرجل لا يصلح أن يكون وزيرا، فتصريحاته الإعلامية، -كما يرى بعض المحللين-تفضح شخصيته النرجسية، التي يغلب عليها طابع العجرفة والغرور والانفعال والتناقض، وهي صفات لا تليق بمسؤول عمومي ملزم بالعمل الجماعي المتزن، وقد أشار إلى ذلك الناطق الرسمي باسم الحكومة، حيث اعتبر أن موقف وزير العدل بمنع الجمعيات من تقديم الشكايات ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام، وجعل ذلك مجالا مخصصا لوزارة الداخلية وحدها، لم ينبثق عن قرار حكومي.

أمين بوشعيب

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات