أخبار عاجلة

ضحايا كارثة دانيال في وضع إنساني صعب والحكومة الليبية لا تحرك ساكناً

لم تنته تداعيات كارثة فيضانات الشرق الليبي المدمرة حتى الآن، إلا أن أخبارها غابت تماماً عن وسائل الإعلام المحلية وحتى العربية والدولية رغم أن عدد الضحايا لا يزال مجهولاً ورغم أن الوضع الإنساني للمنطقة سيء جداً حيث نزح آلاف الأشخاص من دون أن توفر لهم الدولة مأوى بديلا.

وفي تقرير جديد قالت المنظمة الدولية للهجرة، إن هناك نحو 43 ألفا و421 شخصا ما زالوا نازحين في ليبيا جراء العاصفة دانيال التي ضربت المنطقة الشرقية في 11 أيلول/سبتمبر الماضي.
ورصدت المنظمة، في إحصائية صدرت الجمعة، انتقال أسر نازحة من درنة إلى البلديات الغربية، بواقع 6 في المئة من إجمالي النازحين من المدينة.
بينما بقي غالبية النازحين 94 في المئة في بلديات شرق ليبيا، والنسبة الأكبر منهم في درنة 38 في المئة، وبنغازي 10 في المئة، والبيضاء 10 في المئة، وشحات 9 في المئة، وطبرق 8 في المئة، حسب الإحصائية.
وسبق أن قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عدد النازحين جراء دانيال بنحو 42 ألفا و45 شخصا، وذلك وفق بيان صادر في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
ووفق تلك التقديرات، يوجد معظم النازحين داخليا في بلديات شمال شرق ليبيا بـ40 في المئة في درنة، والبيضاء 12 في المئة، وشحات 10 في المئة، وبنغازي 8 في المئة، وطبرق 7 في المئة، والأبرق 6 في المئة، وفقا لآلية تتبع النازحين في ليبيا.

وضع إنساني صعب

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تحدث عن المراكز الجماعية التي تستضيف النازحين داخليًا، وتديرها السلطات المحلية، قائلا إنه جرى تحديد 26 موقعًا يستضيف أكثر من 2.600 شخص في المناطق المتضرّرة، بما في ذلك عدة مدارس في بنغازي ودرنة والبيضاء.
وأفاد الأشخاص في المراكز الإيوائية أن مخاوفهم الرئيسية تتمثّل في الافتقار إلى الخصوصية والمساحة وعدم كفاية التدفئة والإضاءة، ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة.
وأبلغ مكتب الأمم المتحدة عن أضرار جسيمة لحقت بالمباني بنسبة 28 في المئة من إجمالي المواقع التي جرى تقييمها، فيما اجتاحت مياه الفيضانات المباني في نصف المواقع التي جرى تقييمها تقريبًا. وسجل أعلى مستوى من الأضرار في بلديات درنة والبيضاء وشحات وأم الرزم والأبرق (سوسة).
وقد طلب الأشخاص الذين جرت مقابلتهم الحصول على النقد للإيجار أو إعانات الإيجار والدعم الفوري لإعادة تأهيل المنازل أو تحديث مساكنهم الموقتة، وعلى سبيل المثال، إصلاح النوافذ والأبواب والشبكة الكهربائية.
وحسب تحليل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لأضرار المباني فقد سجل 876 مبنى مدمرًا و3.100 مبنى متضرر في درنة، و37 مبنى مدمرًا و3.565 مبنى متضررًا في سوسة، و125 مبنى مدمرًا و100 مبنى متضرر في البيضاء، و112 مبنى متضررًا في التميمي. ومن المحتمل أن يتضرّر 20 ألف مبنى آخر في مدن بنغازي والبيضاء وشحات.
وإلى جانب المأوى، سلط التقييم الأممي الضوء بشكل متكرّر على الصحة باعتبارها الاحتياج ذا الأولوية، وتقول منظمة الصحة العالمية، إن نحو 63 في المئة من المرافق الصحية التي جرى تقييمها تعمل جزئيًا أو لا تعمل، وقد فقد ما لا يقل عن 101 شخص من العاملين في مجال الصحة حياتهم في الفيضانات.
وبخصوص المياه فهي متوفرة، لكنها ليست آمنة أو ميسورة التكلفة دائمًا. وأصبحت أكشاك بيع المياه الآن المصدر الرئيسي لمياه الشرب. وعلى الرغم من توفّر المياه، لا يستطيع جميع الناس تحمل تكاليفها، أو الوصول إلى نقاط البيع.
ووفقًا للمركز الوطني لمكافحة الأمراض، فقد أبلغ عن 1.206 حالات إسهال في المناطق المتضرّرة حتى 29 أيلول/سبتمبر الماضي.
ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تأثرت محطة توليد الكهرباء في البيضاء، وموقع تعدين ومعمل صناعي في سوسة، وميناء درنة، بالإضافة إلى خزانات المياه والصوامع والمستودعات في مواقع متعدّدة.
وفي درنة، يجري إحصاء أكثر من 8.7 مليون طن من الحطام الناتج عن المباني المدمرة والمتضرّرة بحاجة إلى الإزالة. ولا تزال عمليات تقييم الطرق وخطوط الكهرباء المتضرّرة مستمرة. بالإضافة إلى ذلك، تأثّرت العديد من المواقع الرياضية والترفيهية في درنة وبنغازي والبيضاء وسوسة.

الطرق وشبكات المياه

عقب سقوط أمطار متوسطة الأسبوع الماضي، جرت السيول في أحياء متفرقة بمدينة درنة ما كان انكشافا واضحا لتدهور حالة قنوات التصريف الصحي بالمدينة عقب فاجعة السيول.
وقد ناشد نشطاء من المدينة الجهات المسؤولة معالجةَ هذه المشكلة «التي ستكون سببا في إطالة أزمة المدينة».
وأعاد النشطاء تدوير منشورات وتغريدات سابقة لهم تحدّثوا فيها عن ضرورة الالتفات إلى هذا الموضوع وإنهاء أزمته منذ الأيام الأولى لوقوع الكارثة.
ووفق مصادر من المدينة، ثمة شوارع وأحياء كبيرة تقع في وسط درنة يغطيها الركام الذي خلّفته السيول، من ذلك شارع اسباق الذي لم يشهد عمليات فتح مسارات وإزالة مخلفات حتى الآن.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية قد أعلنت، في وقت سابق، تضرر نحو 70 في المئة من البنية التحتية جراء السيول والفيضانات بمدينة درنة وما جاورها من مناطق وقرى بالجبل الأخضر.
وفي سياق آخر في نهاية أيلول/سبتمبر أثبتت نتائج تحاليل فرق الإصحاح البيئي تلوث جميع مصادر المياه الجوفية العامة والخاصة بمدينة درنة تلوثا جرثوميا.
وقالت فرق الإصحاح التابعة لوزارة الحكم المحلي إن مياه البحر أيضا طالها التلوث كيميائيا وجرثوميا نتيجة اختلاطها بمياه الصرف الصحي وتحلل الجثث بداخلها.
وأضافت إدارة الإصحاح أن فرقها مستمرة في توزيع مادة الكلور على هيئة حبوب لتطهير المياه، وكذلك توعية وإرشاد المواطنين حول كيفية استخدام المياه بطرق آمنة.
وأشارت الإدارة إلى أن أعمال أخذ العينات والتحاليل ستستمر عدة أسابيع، حيث يتم جمع عينات مياه من مختلف مصادر المياه وتحليلها في المختبرات المتخصصة واتخاذ الإجراءات المناسبة بناء على نتائج التحاليل وتوصيات الخبراء.

الدراسة في درنة

تشير إحصائية أجرتها مصلحة المرافق التعليمية إلى تضرر 114 مؤسسة تعليمية فيها كانت تضم 189.157 تلميذاً في بلديات درنة، أم الرزم، القبة، الأبرق، القيقب، شحات، سوسة، وردامة، البيضاء، عمر المختار، الساحل، المرج، جردس العبيد، المليطانية، والأبيار.
وتأخر بدء العام الدراسي في شرق ليبيا بسبب الفيضانات، ففي 1 تشرين الأول/أكتوبر بدأت الدراسة رسميًا، باستثناء المناطق المتضرّرة في درنة؛ حيث ستبدأ المدارس في تقديم الدعم النفسي الاجتماعي وتخطط المدارس في المناطق المتضرّرة من درنة لإعادة فتح أبوابها رسميًا في 22 تشرين الأول/أكتوبر.
وقبل أيام، ناقشت إدارة مراقبة التعليم في درنة، مع مسؤولي لجنة الأزمة والطوارئ في المدينة وفرع مصلحة التفتيش والتوجيه التربوي، مجموعة إجراءات، بينها التهيئة النفسية للتلاميذ والمعلمين، وكذلك خطة اِستثنائية أعدّها فرع المصلحة لطلاب الشهادات العامة، وتشمل حصر الأيام التي فُقدت من الخطة الدراسية.
ووفق المكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية، اتفق المجتمعون على قبول التلاميذ والطلاب المتضررين في المدارس من دون أي قيد أو شرط، والاِستعانة بالمدارس الخاصة في عملية التسجيل، فضلاً عن حصر معلمي الجداول لتغطية العجز، وحصر فاقد المعلمين للمطالبة بإبرام عقود تغطي العجز.
ووفق بيانات الوزارة، يبلغ عدد التلاميذ والطلاب بمراقبة درنة 42.239 يدرسون في 73 مؤسسة تعليمية، منها 18 تضررت بالسيول والفيضانات.
ويقبع مئات من الناجين في مدارس المدينة، ولا تتوافر لهم الخدمات الأساسية الواجب توافرها في هذه الظروف، مثل الخيام والإعاشة، بالإضافة إلى أن بعضهم يعانون من أمراض مزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، ومن بينهم عدد من كبار السن والأطفال.
ودعت الكثير من المؤسسات والجمعيات الخيرية إلى توفير أماكن ملائمة لإيواء النازحين، فيما انتشرت كثير من عروض تسكين المتضررين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن أغلبها يقع في مناطق غرب بنغازي ومناطق غربيّ البلاد، إذ تضررت المناطق الواقعة شرق بنغازي وصولاً إلى درنة بشكل كبير، وأغلب النازحين هم من هذه المناطق.
ورغم الجهود الرسمية التي تبذلها حكومتا طرابلس وبنغازي، والمساعي الدولية للمساهمة في الإغاثة، تظل حملات الدعم والتطوع الشعبية هي الأبرز في توفير الاحتياجات الطبية والغذائية للمتضررين.

الصحة النفسية

قالت منظمة أطباء بلا حدود في تقريرها الدوري نشر عبر موقعها الرسمي، إن فريقها من الأطباء النفسيين تمكن من تقديم خدمات الصحة العقلية لمجموعتين من الأشخاص ذوي الأولوية في درنة وهما أولئك الذين فقدوا كل شيء ويعيشون الآن في ملاجئ موقتة، وللموظفين الطبيين أو شبه الطبيين ومن المتطوعين العاملين في مرافق الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من أن الإصابات الجسدية قليلة، فإن معظم الناجين يعانون من الصدمة. ويقول مدير الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود ميشيل أوليفييه لاشاريتيه في درنة لقد فقد البعض أسرهم بأكملها ومنزلهم. لذلك صدم الناس تمامًا. البعض لا يستطيع النوم، خاصة في الأوقات المحددة للموجة القاتلة، أي بين الساعة 2 صباحًا و5 صباحًا. والبعض الآخر لديهم ميول انتحارية. هناك من لا يستطيع الاعتناء بطفله وآخرون لا يريدون الخروج.
بدورها تشير منظمة الصحة العالمية في أعقاب الكوارث الكبرى مثل عاصمة دانيال إلى معاناة شخص واحد على الأقل من كل 5 أشخاص من حالات نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر.
وحاليًا يعاني الناجون من العبء النفسي في ظل الغموض المحيط بآلاف المفقودين الذين يعيش أحباؤهم على أمل العثور على جثثهم على الأقل بعد مرور شهر منذ 10 أيلول/سبتمبر على الكارثة التي أودت بحياة أكثر من 4 آلاف شخص. كما سجلت المنظمة الدولية للهجرة نزوح أكثر من 42 ألف شخص؛ حيث تتمثّل الحاجات الرئيسية لهؤلاء في الغذاء ومياه الشرب والصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي.
من جانبها قالت منظمة لجنة الإغاثة الدولية التي أرسلت فرقها الطبية إلى المناطق المنكوبة في اليوم التالي للفيضانات، إن على الناجين الآن التعامل مع الصدمة. وطالبت بضمان الصحة العقلية للمتضررين، إلى جانب الخدمات الأساسية التي تفتقر إليها المدينة، محذرة من أن الأطفال وهم الأكثر ضعفًا معرّضون لحرمان شديد ويواجهون خطر التعرض لآثار لاحقة وتأخر في النمو.
بدورها قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف إن هذه المأساة أغرقت الأطفال والآباء في حالة إحباط شديد، خاصة بسبب تدمير منازلهم وخسارة أحبائهم.
وأوضحت المنظمة أن شركاءها في الميدان أبلغوا عن حالات انتحار وانغلاق على النفس وقلة نوم وتبول لا إرادي وغيرها بين الأطفال، خاصة في مراكز الإيواء.
كما كشفت منظمة الهيئة الطبية الدولية الأمريكية غير الحكومية عن عقد اتفاقات مع السلطات لتوفير المتابعة الطبية وتدريب كوادر طبية ستقدم الدعم النفسي لسكان درنة.
وتعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بدعم برامج الصحة النفسية لأهالي درنة والمناطق المنكوبة. وذلك في كلمته بانطلاق المؤتمر الثاني للصحة النفسية والعلاج النفسي بالعاصمة طرابلس مساء الثلاثاء.

كارثة العصر

8 في المئة من سكان مدينة درنة الليبية قتلوا أو فقدوا في الفيضانات، وربع أحيائها مسح من الخريطة، في معدل غير مسبوق لا مغاربيا ولا عربيا ولا حتى عالميا في القرن الواحد والعشرين.
ودعا الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى تقديم الدعم بشكل عاجل لتلبية الاحتياجات الضرورية في ليبيا، خاصة منها الدعم النفسي والاجتماعي.
وأضاف رئيس بعثة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في ليبيا تامر رمضان، أن عملية التعافي في درنة لم تنته بعد ويجب ألا تتضاءل بالنظر إلى حجم الخسائر وفقدان عائلات بأكملها بسبب الفيضانات.
ولفت الاتحاد إلى أنه أطلق رسميا نداء طوارئ لجمع 10 ملايين فرنك سويسري لدعم جهود الهلال الأحمر الليبي، لكن تم جمع ثلاثة ملايين فرنك سويسري حتى الآن، ما يعني أن 70 في المئة من احتياجات التمويل لم يتم تلبيتها بعد.

التعليم والثقافة

قبل أيام أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» عن وصول وفد من خبراء المنظمة إلى ليبيا للمساعدة بعملية التعافي في أعقاب العاصفة «دانيال» لاسيما في مجالي التعليم وحماية التراث.
وقالت المنظمة الأممية في بيان إن عاصفة «دانيال» حصدت حياة الآلاف من المدنيين عندما ضربت شمال شرق ليبيا في شهر أيلول/سبتمبر الماضي وخلفت عشرات الآلاف من النازحين كما زعزعت قطاعات كاملة في المجتمع من بينها النظام التعليمي وقطاعي حماية مواقع التراث وإدارة المياه.
وأوضح البيان ان ليبيا طلبت العون من يونسكو في إطار ولايتها المختصة بالتعليم والثقافة والعلوم لتساعد في إعادة تأهيل المناطق المنكوبة ومن هذا المنطلق لبت المنظمة النداء على الفور وقررت إرسال وفد من الخبراء بالتعاون الوثيق مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومنظومة الأمم المتحدة بأسرها.
ومن المقرر أن يزور الوفد بعد ذلك موقع شحات (قورينة) الأثري الذي أدرج عام 1982 في قائمة التراث العالمي كما أدرج في عام 2016 في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
وسيقوم الوفد ميدانيا بإحصاء أولي للأضرار التي تسببت بها الفيضانات للمنشآت التي تحتاج إلى دعم عاجل.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات