أكدت وسائل إعلام ليبية ومنظمات حقوقية صحة الأنباء التي تفيد بشن اللواء المتقاعد خليفة حفتر وعلى مدار أكثر من أسبوعين، حملة اعتقالات واسعة لعدد من مؤيدي نظام القذافي في مدينة سرت، معقل الأخير سابقاً والتي فيها قبيلته.
وقبل يومين، قالت وسائل إعلام محلية مقربة من حكومة الغرب الليبي، إن قوات حفتر قد اختطفت 5 من شباب المدينة دون توجيه أي تهم لهم، مشيرة نقلاً عن مصادر خاصة بها، إلى أن القوات أحرقت منزل وسيارة أحد المواطنين في منطقة أبو هادي بعد مداهمته.
وأدانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا حملة الاختطاف والاحتجاز التعسفي خارج إطار القانون لعددٍ من المواطنين في مدينة سرت، مؤكدة أنه سُجل منذ 15 آب/أغسطس الماضي وإلى 2 أيلول/سبتمبر اعتقال (27) من سكان المدينة، من بينهم طفلان دون سن 18 سنة، من قبل عناصر جهاز الأمن الداخلي وعناصر عسكرية تابعين لحفتر على خلفية آرائهم ومواقفهم السياسية.
وأعربت، عن انزعاجها الشديد حيال استمرار عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للمواطنين بمدينة سرت، مؤكدة أن الاعتقالات التعسفية الخارجة عن القانون ودونما أي أساس ومسوغ قانوني، تُعد انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وحذرت من أن هذه الأعمال من شأنها أن “تنتج مناخاً من الخوف، وأن تزيد من التوترات بين مكونات المجتمع والقبائل بمدينة سرت، كما أن هذا السلوك لا يفضي إلى دعم إجراء انتخابات شفافة وشاملة، ولا إلى المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة.
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، السلطات الليبية والأجهزة الأمنية ممثلة في قيادة حفتر وجهاز الأمن الداخلي بمدينة سرت، إلى الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع عمليات الاحتجاز والاختطاف خارج نطاق القانون المزعومة وتقديم الجناة إلى العدالة.
وفي السياق نفسه، أكدت منظمة رصد الجرائم الليبية رصدها لعدد من الاعتقالات التعسفية لمواطنين في مدينة سرت، حيث وثقت المنظمة اعتقال عدد من المواطنين بالأسماء والتواريخ. وفي ختام بيانها، أدانت منظمة رصد استمرار حملة الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، محملة السلطات الليبية في الشرق والغرب المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، داعية النائب العام الليبي للتحقيق في هذه الانتهاكات للعمل على تقديم المسؤولين عنها للعدالة.
وفي مقطع فيديو متداول طالب أحد مشايخ مدينة بني وليد ويدعى فرج المعلولي، في بيان موجه إلى حفتر، بفك الحصار المفروض على مدينة سرت، خاصة منطقة بوهادي، من قبل القوات التابعة لصدام حفتر، مشدداً على ضرورة الإفراج الفوري عن السجناء، محذراً حفتر من إشعال الفتنة بين الفرجان والقذاذفة، قائلاً: “اسحب قواتك ولا تشعل الفتنة، الفرجان والقذاذفة إخوة، سرت قبيلة واحدة وننصح الجهات الأمنية، بالإفراج عن السجناء”.
ويُذكر أن مدينة سرت شهدت حملة اعتقالات مماثلة قامت بها مليشيات حفتر في المدة نفسها من العام الماضي، تزامناً مع تنظيم قبيلة القذافي لاحتفالات بمناسبة ذكرى انقلاب سبتمبر أو ما يطلقون عليه عيد الفاتح الموافق الأول من سبتمبر.
وقمعت قوات حفتر في الأيام الماضية محاولات الاحتفال لأنصار القذافي بالمطاردة والتهديد، حسب مقاطع فيديو تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقبل يوم واحد، قالت وسائل إعلام محلية ليبية إن أكثر من 30 مدنياً من قبيلة القذاذفة وحدها اعتقلتهم قوات تابعة لحفتر دون أي تهمة تذكر.
وأضافت المصادر لقناة ليبيا الأحرار أن حملات الاعتقال مازالت مستمرة حتى الآن، وأن مناطق عدة في مدينة سرت كمنطقة بوهادي والغربيات تتعرض للحملة ذاتها، واصفاً ما يحدث في حق المدنيين الموالين للنظام السابق بـ “المهان والمخزي”.
ونفت دخول القبائل أو المكونات الاجتماعية في مفاوضات مع قوات حفتر لوقف حملات الاعتقال، وأن قبيلة القذاذفة لم تستنجد بتدخل أي جهة باعتبار أن ما يحدث واضح للعيان، وفق تعبيره.
وأوضحت المصادر أن عمليات الاعتقال تجرى بشكل مقصود للمنتمين لقبيلة القذاذفة سواء أكان بسبب الهوية أو الانتماء السياسي، معتبرين أن عملية الانتخابات ومن ترشح لها هي عملية ديمقراطية يجوز للجميع التقدم لها.
واستغربت صمت باقي القبائل بسرت عما يحدث من حملات واختفاء قسري للمدنيين من القبيلة، مشيراً إلى أن عمليات الهدم للمنازل تحدث بين الحين والآخر وأنهم في حالة تأهب لأي اقتحام من قبل قوات حفتر إلى المدينة.
وفي سياق مختلف، تستمر المناقشات حول آلية وضع حكومة موحدة لليبيا لتسيير العملية الانتخابية التي يسعى المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، بأن يتوج بها سلسلة جهوده ومبادراته لحل الأزمة في ليبيا بعد سنوات من استمرارها، ورغم رفض المجتمع الدولي في وقت سابق مناقشة تغيير الحكومة بشكل قاطع، فإن المواقف في الآونة الأخيرة سجلت تغيراً واختلافاً غير معهود. فحتى الأمس، أكد المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، استعداد الأمم المتحدة لدعم القادة في البلاد للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة بما في ذلك الاتفاق على “تشكيل حكومة موحدة” لقيادة البلاد إلى الانتخابات. تصريحات باتيلي جاءت عقب زيارته اليوم مدينة العزيزية (جنوب طرابلس) وفق تغريدات نشرها على حسابه بمنصة “أكس”.
وقال: “عدت للتو من زيارة مثمرة إلى مدينة العزيزية حيث حظيت باستقبال حار من قبل طيف واسع من المواطنين من جميع أنحاء المدينة”.
وأوضح المبعوث الأممي أن من بين مُستقبليه “منتخبين في البرلمان والمجلس الأعلى للدولة وأكاديميين وممثلين عن النساء والشباب والمجتمع المدني وعن الأعيان والشيوخ، ونقابيين ومسؤولين أمنيين”.
وأشار باتيلي إلى أن “الجميع أعرب عن الاستياء إزاء استمرار تهميش منطقتهم وإقصائها، ودعوا إلى إجراء مصالحة وطنية شاملة وحقيقة وإشراكهم في العملية السياسية”.
وأضاف في تغريداته، أنه أكد لهم “استعداد الأمم المتحدة الدائم لدعم القادة الليبيين والمؤسسات الوطنية الفاعلية على جميع المستويات للعمل معًا ومن خلال حوار بناء”. وتابع: “من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة بما في ذلك الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد إلى الانتخابات”.
وتعتبر مسألة تشكيل حكومة جديدة في ليبيا مسألة شديدة الحساسية للأطراف السياسية المتنازعة، حيث ترفض حكومة الوحدة الوطنية تسليم السلطة لحكومة غير منتخبة، فيما يرفض البرلمان التعاطي مع حكومة الوحدة الوطنية كجسم معترف به دولياً، ما صاعد الانقسام.
وفي إحاطة قدمها لمجلس الأمن في 22 آب/أغسطس الماضي، قال باتيلي إن “تشكيل حكومة موحدة يتفق عليها الفاعلون الرئيسيون أمر ضروري لقيادة ليبيا إلى الانتخابات”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات