أخبار عاجلة

ملامح أزمة دبلوماسية بين ليبيا وتونس بسب المهاجرين الأفارقة

 أزمة أمنية ودبلوماسية قد تشتعل في أي لحظة بين ليبيا وتونس بسبب قضية المهاجرين غير الشرعيين مع استمرار السلطات التونسية في وضع المهاجرين على الحدود الليبية عمدا «كما قيل» دون طعام أو ماء أو غذاء، لكي لا يبقى إلا حلان إما الموت على رمال الصحراء أو الدخول إلى ليبيا سرا أو علانية وهو ما ترفضه جزئيا السلطات الليبية بسبب أزمة مشابهة تعيشها هي الأخرى.

وخلال الأسبوع الماضي كثفت السلطات الليبية من جهودها لإنقاذ المهاجرين ولو بمنحهم ماء أو طعاما أو تسليم بعضهم لمنظمة الهجرة الدولية، حيث أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، إنقاذ حرس الحدود عشرات المهاجرين غير النظاميين ممن «تم إبعادهم من قبل السلطات التونسية باتجاه المناطق الحدودية داخل ليبيا».
وعثر حرس الحدود الليبي الأحد على المهاجرين قرب منطقة العسة الواقعة على بعد 150 كيلومترا جنوب غرب طرابلس وحوالي 15 كيلومترا من الحدود التونسية.
وأعلنت منظمة حقوقية عربية الإثنين إنقاذ حوالي 360 مهاجرا من دول جنوب الصحراء مؤخرا بعد ما نقلتهم الشرطة التونسية بالقوة إلى مناطق نائية على الحدود بين البلدين وتركتهم فيها لمصيرهم، داعية المنظمات الدولية لمساعدتهم.
وثمن الفرع الليبي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان استقبال ليبيا هؤلاء المهاجرين الذين «مرّوا بأوضاع إنسانية صعبة» قبل أن «ينقذهم حرس الحدود الليبيون». وأضاف «وفقا للحراس الليبيين، يحتاج نحو 360 مهاجرا، بينهم نساء وأطفال، إلى مساعدة طبية وإنسانية عاجلة». وحثّ السلطات الليبية على «السماح للمنظمات المعنية كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة بمقابلتهم ومساعدتهم في الإجراءات القانونية».
فيما كشفت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا الاثنين أنها قدمت «مساعدة عاجلة إلى المهاجرين الذين تمّ إنقاذهم على الحدود مع تونس» مضيفة أن «191 مهاجرا تلقوا لوازم للنظافة الشخصية وثيابا وبطانيات وفحوصا طبية، إضافة إلى حماية ومساعدة نفسية».
وخلال اليومين الماضيين نشرت وسائل إعلام صورا مروعة لجثث مهاجرين لقوا حتفهم في الصحراء ، ما دفع منظمات حقوقية ليبية للإدانة الشديدة حيث طالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، النائب العام الليبي بفتح تحقيق شامل مع وزير الداخلية بحكومة الوحدة التي يرأسها عبد الحميد الدبيية، عماد الطرابلسي، بشأن دخول 360 مهاجراً غير نظامي من تونس إلى ليبيا.
وأشارت اللجنة في بيان على موقعها الرسمي أن «المهاجرين أبعِدوا من قبل السلطات التونسية إلى المنطقة الحدودية، من بينهم نساء وأطفال» واصفةً تصرف الطرابلسي بـ «التواطؤ مع الجانب التونسي ما أدى إلى تحميل ليبيا المسؤولية الواجبة على السلطات التونسية، إضافة إلى المسؤوليات الإنسانية المُلقاة على عاتقها».
وأوضحت اللجنة أن «الاحتجاج إثر عثور حرس الحدود (الليبي) على المهاجرين تائهين بالمنطقة الحدودية مع تونس ما هو إلا للتغطية على جريمة التواطؤ مع الجانب التونسي الذي قام بطرد جماعي وقسري لهؤلاء المهاجرين».

اجتماعات موسعة

كما وجهت جمعية «الهلال الأحمر» الليبي، الجمعة، نداء عاجلا إلى المنظمات الإنسانية لمساعدة المهاجرين غير النظاميين العالقين على الحدود البرية مع تونس وذلك على لسان الأمين العام للجمعية مرعي الدرسي، عبر حسابه الرسمي على تويتر.
وقال الدرسي: «يعيش المهاجرون على الحدود الليبية التونسية أوضاعا إنسانية صعبة وندعو جميع المنظمات المعنية بالشأن الإنساني للتعاون معنا يدا بيد لمساعدة من هم بأشد الحاجة للمساعدة».
إلا أنه وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها ليبيا كان من الصعب عليها القبول باستقبال كافة المهاجرين بل باشرت في عقد اجتماعات موسعة لتدارس الأزمة سريعا قبل أن تتعاظم أكثر.
حيث عقد القائد الأعلى للجيش الليبي اجتماعا موسعا شدد فيه على ضرورة مراقبة وضبط الحدود وتأمينها للحد من تدفق الهجرة غير النظامية ومحاربة الإرهاب ونشاط بعض المنظمات المشبوهة.
القائد الأعلى وخلال الاجتماع أكد استعداده لتقديم كافة أنواع الدعم من أجل التشديد على مراقبة المنافذ البرية والبحرية وحمايتها من أي خروقات قد تهدد الأمن القومي.
وحضر الاجتماع رئيس جهاز المخابرات حسين العائب، ورئيس جهاز خفر السواحل صلاح أبوحجر، وآمر قوة مكافحة الإرهاب محمد الزين، ورئيس أركان حرس الحدود والأهداف الحيوية نوري شراطه، وعدد من ممثلي الأجهزة الأمنية والعسكرية.
ومن خلال منشورات على صفحتها الرسمية اتهمت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية السلطات التونسية بطرد وافدين ومهاجرين أفارقة باتجاه الحدود مع ليبيا.
ووثقت وزارة الداخلية انتشار المهاجرين في الصحراء على الحدود مع ليبيا، قبل أن يتم إنقاذهم من دوريات تابعة لها.
وما زال عشرات المهاجرين يقبعون حتى الآن في منطقة معزولة على الحدود بين تونس وليبيا بعد أن طردتهم قوات الأمن التونسية من مدينة صفاقس، كما أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات التونسية هي من قامت بإبعاد المهاجرين نحو الحدود الليبية.
وعانى المهاجرون ظروفا صعبة وثقتها عدسات كاميرا وزارة الداخلية الليبية حيث نشرت الوزارة شهادات عدد من المهاجرين طردتهم السلطات التونسية إلى الحدود الليبية، وجهوا خلالها الشكر لحرس الحدود الليبي على إنقاذهم بعدما ظلوا عالقين في منطقة صحراوية لأيام.
وقال أحد المهاجرين إنه وزوجته تعرضا للضرب على يد أفراد في الجانب التونسي، وأصيب هو بكسر، قبل أن يقتادوهما رفقة آخرين إلى الصحراء ويدفعوهم عبور الحدود الليبية.
وقال مهاجر آخر إنه دخل تونس عبر المطار بالفيزا وإجراءات رسمية، وقبل واقعة الترحيل خرج للتنزه في إحدى المدن، حيث أوقفته الشرطة التونسية، ولم تطلقه رغم إظهاره الوثائق الرسمية.
وأضاف أنه رُحِّل مع زوجته إلى منطقة قريبة من الحدود الليبية، وتعرض هناك إلى الضرب على يد أفراد أمن تونسيين، ثم أجبر مع آخرين على دخول الأراضي الليبية، وهناك عثرت عليهم قوات الأمن الليبية التي أعطتهم الأطعمة والأحذية والملابس، واقتادتهم إلى مكان ملائم للمعيشة، وقدموا العلاج لزوجته والمساعدات الإنسانية الأخرى. وتحدث مهاجر ثالث عن معاناتهم خلال الأيام الماضية، حيث جرى ترحيلهم إلى مدينة جرجيس التونسية، ثم إلى منطقة صحراوية، وكان عددهم 35 شخصا، مضيفا أن أفراد أمن تونسيين أجبروهم على حرق جوازات السفر .
وبعد شجار عنيف بين سكّان تونسيين ومهاجرين من جنوب الصحراء أودى بحياة مواطن تونسي في الثالث من تموز/يوليو، طُرد مئات المهاجرين الأفارقة من صفاقس، ثاني أكبر مدينة في تونس ونقطة الانطلاق الرئيسية للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
ونقلت السلطات الأمنية التونسية هؤلاء المهاجرين، حسب منظمات غير حكومية، إلى مناطق صحراوية غير مأهولة تقع في شرق البلاد قرب ليبيا وفي غربها قرب الجزائر.
وفي 13 من تموز/يوليو وجه وزير الخارجية التونسي نبيل عمار رسالة طمأنة إلى مواطني أفريقيا جنوب الصحراء القادمين إلى بلاده بطرق قانونية، مجددا استعداد تونس للتنسيق مع سفاراتهم من أجل تسهيل إجراءات عودة المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية، وهي الرسالة التي جاءت عقب تداعيات ترحيل عدد منهم إلى منطقة قريبة من الحدود مع ليبيا.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات