عقب نشر بعثة تقصي الحقائق في ليبيا لتصريحات تمحورت في مجملها عن وجود انتهاكات حقيقية ضد حقوق الإنسان في ليبيا، بادرت منظمة العفو الدولية بعد يوم واحد فقط بنشر تقرير بتحذيرات جديدة تضمن حديثاً جديداً عن انتهاكات ضد حقوق الإنسان ارتكبت داخل الأراضي الليبية.
حيث قالت المنظمة إن الميليشيات وقوات الأمن والجماعات المسلحة في ليبيا مازالت تواصل احتجاز آلاف الأشخاص تعسفياً، بالإضافة إلى القبض على عشرات المتظاهرين والمحامين والصحافيين والنشطاء، وفق قولها.
وأضافت في تقرير إن عدداً من المدنيين تعرضوا لمحاكمة عسكرية وفق إجراءات اتسمت بـ»الجور المفضوح»، حسب وصفها.
وأوضحت العفو الدولية أن من بين الضالعين في ارتكاب انتهاكات، كتيبة طارق بن زياد وكتيبة 128 التابعتين لحفتر، وجهاز الأمن الداخلي، وجهاز دعم الاستقرار، وقوة الردع، وقوة العمليات المشتركة، وفق قولها.
وأضاف التقرير أن عدة دول، من بينها الإمارات وتركيا وروسيا، انتهكت قانون حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011، خلال احتفاظها بمقاتلين أجانب ومعدات عسكرية في ليبيا.
وحسب التقرير، تمتع مسؤولون وأفراد الميليشيات والجماعات المسلحة المسؤولون عن ارتكاب جرائم بحصانة شبه كاملة من المحاسبة والعقاب. وأفاد التقرير بأنه على مدار العام، اكتشفت مقابر جماعية بمدينة ترهونة لأشخاص يعتقد بأنه تم قتلهم على يد ميليشيات الكانيات، ومقابر أخرى في سرت لأشخاص يعتقد أنهم قتلوا على يد منتسبين لتنظيم الدولة، وفق التقرير.
وقال إن 143 ألف شخص نازح داخلياً في ليبيا، مضيفاً أن آلاف العائلات من درنة وبنغازي لم تتمكن من العودة إلى ديارها بسبب الخوف، وفق تعبيره. وأضاف التقرير أن نازحين من تاورغاء لم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم بسبب افتقارها إلى الخدمات الأساسية.
وحسب التقرير، تعرض لاجئون ومهاجرون لانتهاكات واسعة على أيدي مسؤولين بالدولة والجماعات المسلحة مع الإفلات من العقاب.
وأضاف التقرير أن قوات حرس السواحل الليبي المدعومة من الاتحاد الأوروبي وجهاز دعم الاستقرار قد عرضوا حياة لاجئين ومهاجرين للخطر أثناء عبورهم البحر، وفق التقرير. وأضاف التقرير أن نحو 20 ألف مهاجر أعيدوا إلى ليبيا، وسط ظروف احتجاز سيئة ومَرَضِية، حسب التقرير.
وأفاد التقرير بأن جماعات مسلحة تابعة لحفتر قامت بإجلاء مهاجرين دون اتباع الإجراءات المتبعة ودون إعطائهم ما يكفي من الطعام، حسب التقرير.
وقال إن عقوبة الإعدام ما زالت سارية في ليبيا، ومنها محاكم عسكرية في المنطقة الشرقية فادحة الجور، وفق التقرير.
وأوضحت العفو الدولية أن قوات حفتر فرضت حصاراً على النفط في شهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو من العام الماضي، ما أدى إلى نقص في الكهرباء، وفق قولها.
وحسب التقرير، تعمق المأزق السياسي في ليبيا مع عدم تحديد مواعيد جديدة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وتابع أن مجلس النواب صوّت تصويتاً منفرداً على التعديل الدستوري الـ13 وعين حكومة جديدة بدعم من قوات حفتر.
وقالت المنظمة إن عدم اعتماد ميزانية وطنية وتوحيد القطاع العام، أدى إلى تأخير دفع أجور العاملين في القطاع العام واختلالات في الخدمات الحكومية، وفق قولها.
وخُتم التقرير بالحديث حول الجفاف الذي يهدد ليبيا الذي أضاف أن ليبيا غير مؤهلة للتكيف مع التدهور البيئي، لاسيما مع النزاع الداخلي فيها، وفق التقرير. جاء ذلك بعد يوم واحد من إعلان بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ليبيا توصلها لوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت بحق الليبيين والمهاجرين منذ العام 2016، محذرة من تغلغل الجماعات المسلحة في هياكل الدولة.
وقالت بعثة تقصي الحقائق في تقريرها النهائي إن مرتزقة فاغنر وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد توجه إليهم تهم انتهاك الحق في الحياة أثناء وجودهم جنوب طرابلس 2019 لاستخدامهم الألغام وما نتج عنها.
وأوضحت أنها حققت في انتهاكات قامت بها مرتزقة من تشاد والسودان والاتحاد الروسي وسوريا وبلدان أخرى في ليبيا.
وفي إطار الحديث عن انتهاكات حفتر، قالت البعثة إن الغارة الجوية التي نفذت على الكلية العسكرية في طرابلس تشكل جريمة حرب، ولا بد من تحديد المسؤول عنها بشكل دقيق .
وأوضح محمد أوجار، رئيس بعثة تقصي الحقائق في ليبيا، خلال مؤتمر صحافي، الإثنين في جنيف، أن البعثة وثقت قضايا عديدة مرتبطة بالاحتجاز التعسفي والقتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد والاختفاء القسري، كما أثبتت وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الاستعباد الجنسي، باعتباره فعلاً إضافياً من الأفعال التي تشكل جرائم ضد الإنسانية، قد ارتُكب أيضاً بحق المهاجرين.
وقال أن التسلل السريع والعميق والمستمر للجماعات المسلحة وقياداتها في هياكل الدولة ومؤسساتها، وانتشار الأيديولوجيات المحافظة السلفية، يشكل مصدر قلق كبيراً للبعثة التي وجدت أن سلطات الدولة والكيانات التابعة لها، قد شاركت مراراً وتكراراً في الانتهاكات والتجاوزات التي نشأت في سياق الاحتجاز.
وأوصت بعثة تقصي الحقائق في ليبيا بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين والأحكام الصادرة عنها وإغلاق السجون السرية والإفراج عن المعتقلين.
وتابعت أن التسلل السريع والمستمر للجماعات المسلحة كجهاز الردع والأمن الداخلي وجهاز دعم الاستقرار وقيادة خليفة حفتر يشكل مصدر قلق وثبت ارتكابهم انتهاكات، مضيفة أن المجموعات المسلحة الموالية لخليفة حفتر اعتقلت أشخاصاً بسبب آرائهم السياسية أو انتقادهم الدولة والمسلحين.
ودعت البعثة مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية منفصلة ومستقلة بولاية مستمرة لرصد الانتهاكات في ليبيا والإبلاغ عنها في سبيل دعم جهود المصالحة الوطنية ولمساعدة السلطات على تحقيق العدالة، الانتقالية والمساءلة، وفق قولها.
تعليقات الزوار
لا تعليقات