جدل جديد تحدثه قضية الدستور في ليبيا، والتي يصر مجلس النواب الليبي على تناولها والحديث عنها بين الحين والآخر، فمع خصوصية مشروع الدستور ووجود حق مشرعن للشعب بالموافقة عليه أو رفضه، يرفض البرلمان عرض الدستور المصاغ من قبل الهيئة المنتخبة ويصر على انتهاج نهج التعديل أو صياغة آخر جديد بطريقة غير قانونية مما تسبب في إشعال غضب هيئة الدستور المنتخبة.
ففي تصريح لوسائل إعلام محلية، أكد رئيس لجنة التواصل بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ضو المنصوري عون، رفضه محاولات إصدار دستور جديد، معتبراً أن نوايا مجلس النواب مشكوك فيها، مشيراً إلى احتمال اللجوء إلى القضاء الدولي.
وقال إن اجتماعات المسار الدستوري التي تجرى في القاهرة عبر لجنة مشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، لا يراد بها إلا إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات، بينما مجلس النواب يسعى إلى إنقاذ التعديل الدستوري الثاني عشر، ونسف إرادة الشعب الليبي الذي انتخب هيئة تأسيسية لصياغة مشروع الدستور وأنجزته في 29 تموز/ يوليو 2017.
وأضاف المنصوري أن مشروع الدستور لا يزال في أدراج مجلس النواب ليكمل عامه الخامس، متهماً البعثة الأممية بـمجاراة مجلس النواب في مسعاه، خاصة أن المستشارة الأممية ستيفاني وليامز صرحت بأن لجنة المسار الدستوري اتفقت على 137 مادة من مواد مسوَّدة الدستور .
كما اتهم المنصوري لجنة مجلسي النواب والدولة بـتزييف الحقائق والتضليل الإعلامي للتغطية على الهدف الرئيسي لهما، وهو إطالة عمرهما في منصات التسلط على رقاب الليبيين، ولفت إلى ذلك تصريح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بأنه سيتم إعداد دستور جديد، ومن ثم الاستفتاء عليه.
ونفى المنصوري صحة تصريحات أعضاء مجلس الدولة مؤكداً أنهم يشاركون في إعادة صياغة مشروع الدستور، مادة مادة، وهو ما يقطع بعدم صحة ما يصرحون به للإعلام وفي اللقاءات الرسمية.
واعتبر أن هناك خيوط المؤامرة على مستقبل الشعب الليبي ومحاولات للقفز من خلالها على مقدرات الشعب الليبي وتغيير بنيته الجغرافية والسكانية، وبالتالي الانقضاض على ما تبقى من أمل في قيام دولة ليبية ذات سيادة، مهدداً باللجوء إلى القضاء الدولي عبر مجلس حقوق الإنسان.
وفي تصريح صحافي آخر، هاجم عضو الهيئة التأسيسية للدستور، مراجع نوح، الطرح الذي قدمه عقيلة صالح، موضحاً أن الحل الذي نطالب به هو عرض المسودة، التي أعددناها وسلمناها للبرلمان أول أغسطس/ آب 2017 للاستفتاء والشعب الليبي هو وحده صاحب الحق الأصيل في التعقيب على المسودة الراهنة، إما بقبولها لتصبح دستوراً دائماً، أو رفضها.
وأضاف أن أي محاولات لتعديل المسودة من جهات غير مخولة بذلك، تعد مخالفة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، أي أننا سنكون أمام تعقيد للمسار الدستوري وتأزيمه.
فيما قال عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، إن حديث رئيس البرلمان إرباك لمشهد مرتبك أصلاً، وإهدار للمزيد من الوقت، واستنفاد لطاقات باقي الأجسام السياسية.
وقبل يومين، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة إن المراد من اجتماعات القاهرة هو الخروج بقاعدة دستورية وليس الخروج بدستور معدل، موضحاً أن الهيئة التي كتبت مشروع الدستور هي هيئة منتخبة ولا يستطيعون تعديل عملها لأن ذلك ليس من اختصاصهم مضيفاً أن مشروع الدستور محفوظ بشكله الحالي إلى السلطة التشريعية القادمة للبتِّ فيه.
والجدير بالذكر أن 12 عضواً في المجلس ممن اختيروا لعضوية لجنة المسار الدستوري سيتوجهون يوم السبت إلى العاصمة المصرية لمواصلة اجتماعات اللجنة مع 12 عضواً مناظرين لهم من مجلس النواب، وذلك من أجل بحث المسار الدستوري الخاص بالانتخابات البرلمانية والرئاسية المؤجلة منذ كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي.
وكانت اللجنة قد أكدت بعد آخر اجتماع لها في القاهرة اتفاق طرفيها من المجلسين على 137 مادة من مسودة الدستور، وبنسبة 70% من نصوصه، مرجحين التوافق حول باقي المواد في اجتماعاتهم المقبلة.
وفي سياق آخر، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، الثلاثاء، انطلاق أعمالها من مقرها في مدينة سرت؛ حيث عقد رئيسها اجتماعاً تشاورياً مع أعضاء الحكومة في المقر الكائن في مجمع قاعات واغادوغو.
وأوضح المكتب الإعلامي للحكومة أن الاجتماع التشاوري خُصِّص لمناقشة تهيئة عدد من المقار الإدارية اللازمة لضمان عمل باقي الوزارات والمؤسسات الحكومية بالشكل الأمثل، إضافة لبحث الترتيبات اللازمة لعقد اجتماع مجلس الوزراء الثالث المزمع عقده الأسبوع المقبل في المدينة.
وقال باشاغا في تصريح نشره المكتب الإعلامي للحكومة بالمناسبة إنه لدينا واجب وطني تجاه أبناء الشعب الليبي، وليس في صالح مشروعنا الوطني الذي تبنيناه أن نؤجل عمل الحكومة، ولذلك قررنا ممارسة أعمالنا من مدينة سرت.
وتابع سوف أحرص وباقي أعضاء حكومتي على التجول في كافة أرجاء البلاد حرصاً منا على التواصل المباشر مع المواطنين والوقوف عن كثب على المختنقات التي تعانيها البلديات، واتخاذ كافة الخطوات لترسيخ مبدأ اللامركزية.
وشارك في الاجتماع نائبا رئيس الحكومة عن المنطقة الجنوبية سالم الزادمة والغربية خالد الأسطى ووزير الخارجية حافظ قدور ووزير الصحة عثمان عبدالجليل ووزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء محمد فرحات وعميد بلدية سرت مختار المعداني.
تعليقات الزوار
لا تعليقات