أكد المجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا رفض مسودة الدستور في البلاد التي وصفها بـ"المعيبة" وهدد باتخاذ خطوات تصعيدية إذا أصرّت الأطراف السياسية، وعلى رأسها حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية، على المضي قدمًا في هذا المسار.
وذلك بعد لقاء بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ووفد الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، حيث جاء في البيان الذي حمل نبرة غضب تجاه إعادة إحياء الهيئة التأسيسية، التي وصفها بأنها محاولة لإطالة أمد الأزمة الليبية أن "هذه المسودة لا تعكس تطلعات مكونات الشعب الليبي كافة، وهي محملة بعيوب قانونية ودستورية واضحة".
ويواجه الدبيبة انتقادات حادة من مختلف الأطياف السياسية، التي ترى أنه يسعى لتوسيع نفوذه السياسي عبر إعادة إحياء مشاريع مثيرة للجدل، مثل مسودة الدستور، بدلاً من التركيز على حل الأزمات الملحة كالأمن والاقتصاد والخدمات العامة.
وقال محللون أن هذه الخطوة تأتي في إطار محاولات الدبيبة، لتقديم نفسه كممثل وحيد للشرعية في ليبيا.
وتوعد المجلس في بيان، باتخاذ "إجراءات أكثر تصعيدا في حال التعنت في الدعوة للاستفتاء من أي طرف كان". وأضاف أن "المسوّدة وُضعت في وقت كان فيه الأمازيغ يقاطعون هذه الهيئة التي لم تراع التوافق ولم يُراع فيها أسس صياغة الدساتير".
وحث المجلس الأعلى للأمازيغ، "كل الأطراف السياسية للعمل من أجل وضع أساس قانوني توافقي للمرحلة القادمة". ووصف المسودة بأنها وليدة مرحلة كانت تمثل غيابًا تامًا للأمازيغ عن عملية صياغة الدستور، حيث كانوا يقاطعون عمل الهيئة التأسيسية. وأشار إلى أن المسودة افتقرت إلى الحد الأدنى من التوافق الوطني، وهي العنصر الأهم في وضع أي دستور يهدف إلى بناء دولة مدنية حديثة.
ودعا بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى رعاية حوار توافقي حول القوانين الانتخابية بين الأطراف السياسية.
وينتظر الليبيون دستورًا يضمن حقوقهم ويمهد الطريق لبناء دولة القانون، يواجه المشروع الدستوري تحديات كبرى، أبرزها غياب التوافق الوطني وشبح التلاعب السياسي.
ويقول متابعون أن ليبيا مهددة بدخول موجة جديدة من الفوضى السياسية، خاصة إذا ما استمرت حكومة الدبيبة في تجاهل الأصوات المعارضة وإصرارها على فرض استحقاقات انتخابية دون توافق سياسي.
وانتهت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور من إعداد مشروع الدستور الليبي عام 2017، وأحالته إلى مجلس النواب الليبي لعرضه على الشعب للاستفتاء، غير أن هذه العملية تعطلت بسبب احتجاج البرلمان وجناحه العسكري الذي يقوده المشير خليفة حفتر شرق ليبيا، على عدد من القوانين التي جاءت ضمن المشروع.
في المقابل اختارت لجنة التواصل المكلفة من الهيئة التأسيسية بصياغة مشروع الدستور منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اللجوء إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، لمقاضاة من وصفتهم بـ "سلطات الأمر الواقع في ليبيا"، متهمة إياهم بمنع الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة في الـ 29 من يوليو /تموز 2017".
وقال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس إن المبادرة الحقيقية النابعة من إرادة الشعب الليبي هي مشروع الدستور الذي أقرته الهيئة التأسيسية في 2017 بمدينة البيضاء (شرق)، موضحاً أن هذه الهيئة هي الجهة الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي في جميع أنحاء البلاد، والموكل إليها إقرار مشروع الدستور الليبي الدائم.
وتابع أن الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور أتمت مهمتها وفق النصوص الدستورية الواردة في الإعلان الدستوري، والكلمة الفصل الآن لدى الشعب الليبي ليقول كلمته من خلال الاستفتاء، سواء بالقبول أو بالرفض.
وتساءل عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور "هل نحن أمام خوف من قبول الشعب بالدستور أم من رفضه إياه؟ وفي حال الذهاب نحو انتخابات رئاسية فما هي الوثيقة التي ستحتكم إليها السلطات المنتخبة؟".
ويؤكد بعض المحللين أن إجراء استفتاء على مشروع الدستور صعب خلال المرحلة الحالية، بسبب جملة من الظروف الأمنية أو الفنية أو غيرها، وقد طرح عمر النعاس مبادرة تتضمن سبع نقاط قادرة على انتشال ليبيا من مستنقع المراحل الانتقالية الذي تجاوز عقداً كاملاً من الزمن، تبدأ بإقرار مشروع الدستور الذي أقرته الهيئة التأسيسية واعتماده في أسرع وقت كدستور نافذ موقت للبلاد، تخضع له كل مؤسسات الدولة القائمة وكل الكيانات الأخرى، ترسيخاً لقيام دولة القانون.
تعليقات الزوار
لا تعليقات