وضح وزير الخارجية بحكومة شرق ليبيا المكلفة من مجلس النواب، عبدالهادي الحويج، أن الأخبار المتداولة حول شخصية وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس غينيا بيساو، أمادو الأمين سانو تفتقر إلى الدقة والمصداقية، وذلك بعد ضجة أحدثها الاستقبال الرسمي للشخصية الغينية الذي وصف بأنه "مزيف".
وكان الحويج والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا شخصا يدعى أمادو لامين سانو بصفته وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو قبل أكثر من أسبوعين في بنغازي، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه "شخصا مزيفا".
وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتسن التأكد من صحته، ينفي صلة أمادو لامين سانو برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه "ليس مستشارا للرئيس، ولم يكلّف من طرفه بنقل أي رسالة".
واعتبر الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة "اختراقاً أمنيا مذهلا في حكومة أسامة حمّاد في قلب بنغازي"، كما وصفها بأنها "فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته".
وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة إكس، إن "شخصا اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية".
وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة "الوزير المزعوم" خرج وزير الخارجية الحويج ليدافع عن موقف حكومته ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو "وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي"، ووصف الجدل الذي أثاره الاستقبال الرسمي بمثابة "هجمة إعلامية غير مسبوقة".
وقالت الوزارة، في بيان مساء السبت، إنها "لم تتلق أي مخاطبة رسمية أو أي مذكرة شفوية أو حتى اتصال مباشر يفيد أن أمادو لامين سانو غير معروف ولا يحمل أي صفة في بلده حسبما تناقلته وسائل الإعلام".
وأشار البيان إلى أن "السفارة الليبية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها قدمت مذكرة احتجاج إلى وزارة الخارجية الغينية بشأن زيارة "أمادو"، متسائلا "إذا كانت هذه الشخصية بلا وزن أو صفة كما يدّعي البعض، فلماذا تبدي تلك الحكومة اعتراضها على زيارته؟".
وأضاف البيان أن أمادو لامين سانو شخصية مؤثرة وفاعلة في بلده وغرب أفريقيا عموما، و"يحظى باحترام وعلاقات دبلوماسية ممتازة على أعلى المستويات"، لافتا إلى أن حضوره "كان للمساعدة في توضيح الحقائق مع مختلف دول العالم كونه يؤمن بأن الحكومة الليبية المنتخبة من البرلمان هي الحكومة الشرعية".
وأكدت وزارة الخارجية كذلك أن الزائر "يحمل صفة دبلوماسية ومستشار لرئيس الجمهورية الغينية"، حيث تمحور اللقاء حول التباحث والتشاور دون التوقيع معه على أي اتفاقيات معينة أو تترجم المباحثات إلى وثائق ملزمة للطرفين.
وتابعت أن "الشخص المذكور يحمل جواز سفر دبلوماسيا ودخل بشكل رسمي عن طريق الوسائل المعروفة حاملا رسالة من أعلى مستوى في الدولة الغينية إلى نظيرتها في الحكومة الليبية".
ودللت الوزارة على الصفة الرسمية لـ"أمادو لامين سانو" بما نُشر في الجريدة الرسمية الغينية التي جرى بموجبها إعلانه نائبا برلمانيا منتخبا ورئيسا للجنة الشؤون العربية والإسلامية، كما "كلفه رئيس الحكومة الغينية بصفة رسمية مفوضا ساميا لشؤون الحج والعمرة في البلاد كافة"، بالإضافة إلى تكليفه من "رئيس الجمهورية مستشارا خاصا وبرتبة وزير".
واستنكر البيان ما وصفه بـ"المناكفات السياسية" التي تمارسها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، والتي تمتلك تمثيلات دبلوماسية في أكثر من 130 دولة، مع إنفاقها مئات الملايين. بالمقابل، أوضح أن وزارة الخارجية التابعة للحكومة المكلفة من البرلمان لم تصرف سوى مليون دينار خلال العام الماضي، ومع ذلك تنظم لقاءات ومؤتمرات وندوات يوميا بهدف حشد الدعم السياسي والدبلوماسي لتحقيق حل عادل وشامل يقوم على التوزيع المنصف للثروات والموارد.
وأشارت وزارة الخارجية بحكومة حماد إلى مناقشات أجرتها حكومة عبدالحميد الدبيبة مع نظيرتها الغينية بشأن ملف الديون المستحقة للدولة الليبية، والتعاون الاستثماري، متابعا أن الحملة الموجهة ضد زيارة أمادو تعكس حجم الإزعاج والإحراج الذي سببته هذه الزيارة للحكومة منتهية الولاية، مؤكدا أنها حققت النجاح المطلوب رغم الانتقادات.
كما نفى البيان بشدة الادعاءات التي تروج لوجود اختراق أمني أو عملية احتيال، واصفا تلك الادعاءات بأنها خيال وفبركة تهدف إلى تضليل الرأي العام وتحويل اهتمامه عن القضايا الحقيقية.
وفي وقت سابق السبت، أعلن الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، أن لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالمجلس عقدت جلسة مساءلة لوزير الخارجية المفوض عبدالهادي الحويج بشأن واقعة أمادو لامين سانو.
وأضاف أن الحويج أكد خلال المساءلة أن الوزارة "تتعرض لهجمة إعلامية من جهات مشبوهة" في معرض توضيحه "لملابسات الادعاءات المنشورة"، حسب ما جاء في بيان بليحق على صفحته على فيسبوك.
غير أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس يوسف العقوري أكد أن المساءلة سوف تتواصل "لتوضيح ملابسات الواقعة... نظرًا لأثرها على الأمن القومي وسيادة الدولة وصورة ليبيا بالخارج"، بعد أن شكر الحويج على "امتثاله لدعوة المساءلة واحترامه لقيم الديمقراطية ودور مجلس النواب".
والحادثة ليست الأولى في ليبيا، حيث سبق أن استقبل عدد من مسؤولي حكومة "الوفاق الوطني" في نوفمبر 2018 شخصا من مالطا يدعى نيفيل جافا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.
وبعد أن نفى المالطي إجراء محادثات دبلوماسية في طرابلس نيابة عن الحكومة المالطية وتأكيده بأن زيارته للعاصمة كانت بصفة شخصية نظرا للصداقات التي قال أنه كونها في ليبيا، قامت الحكومة بحذف خبر الزيارة من صفحاتها الرسمية (إدارة التواصل ووزارة الداخلية).
في مطلع أكتوبر الماضي، أجرى حماد اتصالا هاتفيا مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.
وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.
ومنذ مارس 2022، توجد في ليبيا حكومتان، الأولى حكومة الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس وتشارك في النشاطات الدبلوماسية خلال المحافل الدولية، من خلال المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية والتعاون الدولي، الطاهر الباعور منذ إقالة نجلاء المنقوش من منصبها.
أما الثانية فهي حكومة حماد، ومقرها بمدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب أوكلت لعبدالهادي الحويج بالمشاركة وتمثيل ليبيا في المؤتمرات الدولية والأممية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات