عرض وزير المالية الجزائري، لعزيز فايد، مشروع قانون المالية لسنة 2025 (الموازنة العامة) أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، والتي تتضمن نفقات تصل إلى 128 مليار دولار مع نسبة عجز قياسية تفوق 40 بالمائة. وينتظر أن يتبنى النواب النص بالإجماع بعد المناقشة التي ستستمر لأيام.
وأوضح الوزير في عرضه أمام الغرفة الأولى للبرلمان، أن مشروع قانون المالية 2025، سيكون خاتمة مرحلة تميزت بتحديات ميزانياتية كبيرة، ولا سيما تلك المتعلقة بمعالجة آثار جائحة كورونا. وأشار في هذا السياق، إلى جهود الحكومة في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، حيث تضمنت التدابير الإعفاء من الضريبة على الدخل، ومراجعة الحد الأدنى للأجر الوطني، ورفع النقاط الاستدلالية، ورفع التجميد عن الترقيات في الوظائف العامة، ومنح علاوات البطالة ومراجعة معاشات المتقاعدين. كما أشار فايد إلى رفع التجميد عن مشاريع استثمارية مجمدة منذ 2014، وتخصيص موارد مالية لإنشاء عشر ولايات جديدة في الجنوب، إضافة إلى خلق 374,593 وظيفة في القطاع العام بين عامي 2020 و2024.
وفي السياق، أكد الوزير على ضرورة مواصلة إنجاز المشاريع الكبرى المدرجة في مدونة الاستثمارات العمومية، مشيراً إلى ارتفاع نفقات الميزانية من 7,820 مليار دينار جزائري (حوالي 54.47 مليار دولار) في 2020 إلى 15,275 مليار دينار (حوالي 106.56 مليار دولار) في 2024، مما ساعد في تحقيق نسبة نمو تصل إلى 4.4٪ وفق تقديرات 2024. وفيما يخص التضخم، أوضح الوزير أن إعداد مشروع قانون المالية لعام 2025 تم في ظل ارتفاع مستوى التضخم في معظم اقتصادات العالم واستمرار التوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، أشار إلى أن الاقتصاد الجزائري يُظهر قدرته على الصمود، بفضل تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل النمو خارج قطاع المحروقات والفائض في ميزان المدفوعات.
وأكد وزير المالية ارتفاع احتياط النقد الأجنبي خارج الذهب 4 % منتقلا من 69 مليار دولار نهاية 2023 إلى 72 مليار دولار بنهاية العام الحالي.
وكشف فايد، أن فائض الميزان التجاري سيصل إلى 8ر2 مليار دولار عند إغلاق سنة 2024، وهو ما يعادل 1ر1 % من الناتج الداخلي الخام الذي بلغ 267 مليار دولار العام الماضي، وهو ما جعل الجزائر في المرتبة الثالثة أفريقيا بعد جنوب أفريقيا ومصر.
كما توقع أن يبلغ النمو الاقتصادي العام المقبل 4ر4 % مقابل 1ر4 العام الحالي، حيث من المنتظر أن يساهم قطاع خارج المحروقات في الناتج المحلي الخام، بـ 7ر4 % ، بعد أن كان عند مستوى 3ر4%.
ولفت فايد إلى أنه على الرغم من التأثيرات الخارجية يواصل الاقتصاد الجزائري تأكيد صموده من خلال تحسن مؤشر الاقتصاد الكلي إلى استمرار النمو المدعوم والفائض في ميزان المدفوعات، بالإضافة كذلك إلى تراكم في احتياطات النقد الأجنبي.
وقال فايد إن الناتج الداخلي الخام الاسمي سيصل إلى حوالي 37.86 مليار دينار جزائري (ما يعادل 278.71 مليار دولار أمريكي) خلال عام 2025. وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع الناتج الداخلي الخام في السنوات المقبلة، ليصل إلى 40.85 مليار دينار (300.71 مليار دولار) في عام 2026، ويواصل ارتفاعه ليبلغ 41.86 مليار دينار (308.13 مليار دولار) في عام 2027.
ومن جانب النفقات العامة، يتوقع أن ترتفع نفقات الميزانية بنسبة 9.9% مقارنة بتقديرات عام 2024، لتصل إلى حوالي 16.79 مليار دينار (ما يقارب 128 مليار دولار أمريكي)، وهي أعلى ميزانية على الإطلاق في تاريخ البلاد، بعد أن اجتازت السنة الماضية حاجز المائة مليار دولار. يأتي هذا الارتفاع في سياق توسيع الإنفاق على القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الصناعة والتعليم والصحة، إضافة إلى تحسين البنية التحتية. أما على صعيد الإيرادات، فتتوقع الحكومة أن تشهد زيادة بنسبة 3.5% لتصل إلى 8.52 مليار دينار (حوالي 63 مليار دولار)، وهو ما يعكس النمو المتوقع في الإيرادات الجبائية التي يُنتظر أن ترتفع بنسبة 9% بفضل التحسن في الجباية العادية والبترولية.
ومن ناحية العجز المالي، تشير التوقعات إلى تسجيل عجز قدره 8.27 مليار دينار (حوالي 61 مليار دولار) في ميزانية الدولة لعام 2025، أي ما يمثل 21.8% من الناتج الداخلي الخام. ويمثل هذا العجز جزءاً من التحديات الاقتصادية، حيث تسعى الدولة إلى تغطيته بفضل عائدات الصادرات واحتياطي الصرف. ومن المتوقع أن يصل الرصيد الإجمالي للخزينة إلى فائض يقدر بحوالي 9.22 مليار دينار (67.5 مليار دولار) خلال عام 2025، ما يعادل 24.4% من الناتج الداخلي الخام، وذلك بفضل استقرار الإيرادات وعوائد الصادرات.
وفي ما يخص مجالات الإنفاق، تأتي التحويلات الاجتماعية على رأس أولويات الميزانية، حيث تبلغ الاعتمادات المقترحة لهذه النفقات في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2025، ما يعادل 5,872.37 مليار دينار جزائري (حوالي 42.57 مليار دولار) كرخص التزام، و5,928.18 مليار دينار (حوالي 42.98 مليار دولار) كاعتمادات دفع، مما يشكل حوالي 37.1% و35.3% من إجمالي الميزانية العامة للدولة، على التوالي.
عدا ذلك، تظهر ميزانية الجزائر لعام 2025 تركيزا واضحًا للموارد المالية، في عدد من الوزارات الحيوية، حيث تتصدر وزارة الدفاع الوطني كالعادة، قائمة الميزانيات بمخصصات تبلغ حوالي 3,349 مليار دينار (24.8 مليار دولار)، مما يجعلها الأكبر في الميزانية. في المرتبة الثانية تأتي وزارة التربية الوطنية، حيث تبلغ ميزانيتها حوالي 1,717 مليار دينار (12.7 مليار دولار). أما وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، فستحصل على ميزانية تتجاوز 1,390 مليار دينار (10.3 مليار دولار). وينتظر ألا تجد الحكومة عناء كبيرا في تمرير مشروع القانون بالنظر لما تتمتع به من أغلبية مريحة بدعم من الأحزاب الموالية للرئيس، فيما ينتظر أن تصوت المعارضة البرلمانية ممثلة بحركة مجتمع السلم إما بالامتناع أو الرفض للمشروع. وكان رئيس حركة مجتمع السلم حساني شريف عبد العالي، قد انتقد في المشروع ما وصفه بعدم التوازن بين الإنفاق والاستثمار الضروري للتنمية في نص المشروع.
تعليقات الزوار
لا تعليقات