أخبار عاجلة

جدل ليبي بين «الرئاسي» ورئيس مجلس النواب وحكومته بسبب قانون المحكمة الدستورية

 تتصاعد يوماً بعد آخر حدة الصراعات بين السلطات في الغرب الليبي والشرق، آخرها جدل اندلع بسبب مطالبة وجهها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح حول إلغاء قانون إنشاء المحكمة الدستورية، وتجميد ومراجعة كافة القوانين التي لا تتطلبها المرحلة الانتقالية أو المخالفة للاتفاق السياسي.
ودعا في خطاب موجه إلى عقيلة، بإلغاء قانون إنشاء المحكمة الدستورية في جلسات علنية شفافة بنصاب قانوني؛ ليطمئن الشعب باستمرار المسار الدستوري المؤسساتي بما يحقق الصالح العام.
وقال المنفي إن المرحلة الانتقالية تشترط إعلاء التوافق والتكامل والتوازن بين المؤسسات والسلطات صوناً لوحدة ليبيا وسيادتها المستهدفة من مشاريع خارجية.
وأشار أن مجلس النواب هو ‎سلطة تشريع انتقالي مؤقت،‏ مدد لنفسه دون استفتاء الشعب كما ينص الإعلان الدستوري بنص صريح، وذلك لظروف أمنية منعت ذلك الاستحقاق الدستوري حينها، قائلاً إنها قد زالت اليوم مع حالة الاستقرار والإعمار الذي نشهده في ليبيا، وفق قوله.
ولفت المنفي في خطابه إلى أن المجلس الرئاسي يعتبر ضامناً ومراقباً لمدى التزام الجميع بهذه المبادئ الدستورية الحاكمة، بحسب تعبيره.
وأضاف أن ما لاحظه الرئاسي من محاولات مستمرة للهيمنة على السلطة القضائية من خلال “أداة التشريع” في غياب النصاب الدستوري والقانوني عن جلسات البرلمان وانعدام الشفافية والإفصاح وإجراء تعديلات غير مبررة للقوانين المنظمة للسلطة القضائية والتعدي كذلك على اختصاصات تنفيذية واختصاص النشر بالجريدة الرسمي، أمر يخل بالتوازن والتكامل المنشود بين السلطات.
وكما أضاف المنفي أن أخطر هذه التعديات تعيين مستشارين وأداء اليمين القانونية لأعضاء محكمة دستورية بموجب قانون إنشاء أحادي وغير دستوري، والذي قضت المحكمة العليا ببطلانه. وأكد إن البرلمان لا يملك الولاية القانونية والشرعية لإنشاء المحكمة الدستورية الذي تختص بطرحه الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور على الشعب في دستور دائم.
ولفت المنفي إلى أن الاستمرار بعدم احترام أحكام القضاء وازدرائه يهدد استقرار ووحدة السلطة القضائية، ويمهد لانهيار الدولة واندلاع الصراعات بدون حكَم يمكن الاحتكام إليه.
وعلى إثر ذلك، اعتبر رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، أسامة حمّاد، خطوة المجلس الرئاسي التي طالب فيها مجلس النواب بإلغاء قانون المحكمة الدستورية، محاولة جديدة لتعميق الشقاق والانقسام بين مؤسسات الدولة، وأهمها مجلس النواب.
وقال في بيان له أمس الأحد، إن كتاب الرئاسي الموجه لمجلس النواب يحتوي على جملة من المغالطات والتناقضات، مضيفاً أن القانون صدر من جهة تشريعية مختصة، ويرسخ رقابة الدستور على كل القوانين والتشريعات في مؤسسة قضائية مستقلة عن القضاء العادي، وفق نص البيان.
وأضاف حمّاد في بيانه أن الرئاسي المنتهي ولايته قد أصدر قرارات مخالفة للتشريعات السارية والاتفاق السياسي متجاوزاً بها حدود صلاحياته الممنوحة له.
وأشار بيان رئيس الحكومة المكلفة إلى أن رئيس وأعضاء مجلس النواب قد تم انتخابهم من عموم الشعب الليبي الذي أعطاهم الحق في أن يمثلوه في سلطة إصدار القوانين والقرارات، وأنه هو الجهة الوحيدة المنتخبة حالياً، لافتاً إلى أن المجلس الرئاسي كجسم مؤقت، ارتبط بالاتفاق السياسي وجوداً وعدماً، وفق البيان.
وذكر أن تصرفات ومواقف المجلس الرئاسي من شأنها أيضاً تقويض كل الجهود المبذولة من كافة الأطراف لتوحيد مؤسسات الدولة، ولا تعبر إلا عن نظرة شخصية ضيقة لصاحبها، ولا تستند لأي معايير قانونية أو أسباب منطقية.
واتهم البيان المجلس الرئاسي باختلاق وافتعال أزمة المصرف المركزي، قائلاً إنها تسببت في انهيار الاقتصاد الوطني لفترة معينة، دون أن تتم محاسبته قانوناً، إضافة لإصدار قرار بتشكيل وخلق جسم مواز للمفوضية العليا للانتخابات تحت مسمى “المفوضية الوطنية للاستعلام والاستفتاء الوطني”، دون أن يكون مخولاً بذلك.
ودعا حمّاد النائب العام والجهات القضائية والرقابية إلى اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات قانونية لما وصفها بالوقائع التي ترتقي لمصاف الجنايات، وفتح تحقيق بشأنها تمهيداً لإحالة مرتكبها للقضاء المختص، حسب نص البيان.
وفي السياق، يؤكد مجلس النواب أن المحكمة العليا لا ولاية لها في نظر الطعون الدستورية بعد صدور قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا، وذلك رداً على ما دعا إليه المجلس الرئاسي من ضرورة إعادة النظر في قانون المحكمة الدستورية استناداً إلى حكم صادر عن المحكمة العليا.
وأضاف في بيان أن حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا منعدم لصدوره قبل أن يولد قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا، إذ جرى الطعن عليه في 12 كانون الأول/ديسمبر 2022، وصدر الحكم في 5 مارس 2023، في حين أقر النواب القانون في 29 آذار/مارس 2023، أي أن قرار المحكمة سبق صدور القانون بـ 24 يوماً.
وتابع مجلس النواب قائلاً: “كان الأجدر بالدائرة الدستورية (بالمحكمة العليا) أن تحكم بعدم قبول الطعن لرفعه قبل الأوان”، مشيراً إلى أن الدائرة الدستورية توقفت عن العمل منذ 2014 إلى 2021؛ أي مدة سبع سنوات فكانت قضاءً معطلاً. وانتقد قول المحكمة بعدم ولايته في إصدار قانون المحكمة الدستورية لاختصاصه بقوانين المرحلة الانتقالية فقط، وأضاف: “لو صح ذلك فهذا القانون (المحكمة الدستورية العليا) هو الأولى بالمرحلة الانتقالية، فإنشاء قضاء متخصص في هذه المرحلة من شأنه أن يضبط الأمور في البلاد، ولا تتكرر الأخطاء، ولتجنب صدور أحكام على قوانين قبل أن تولد”.
وقال إنه يؤكد مجدداً “حرصنا على حصانة القضاء واستقلاله… وليس من اختصاصات المجلس الرئاسي التعقيب على أعمال مجلس النواب” المنتخب من الشعب، وهو جسم غير منتخب.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات