أفاد تقرير لمجلة "منبر الدفاع الأفريقي" الصادرة عن القيادة العسكرية الأميركية "أفريكوم" أن الأطراف المتنافسة في ليبيا تستعين بالقوات الأجنبية لحمايتها والحفاظ على نفوذها، وهو ما ينعكس سلبا على المصالحة الوطنية وتوحيد البلاد.
ويعتمد قائد القيادة العامة للجيش الليبي المشير خليفة حفتر على قوات شبه عسكرية روسية لمساندته وحمايته أما تركيا فهي تساند حكومة "الوحدة الوطنية" وتحميها وقد نشرت مقاتلين سوريين حول العاصمة، بحسب موقع "بوابة الوسط" الليبي.
ونقلت المجلة الأميركية عن خبير الشؤون الليبية بمؤسسة العلوم والسياسة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ولفرام لاخر تأكيده "دفع الاثنين لداعميهما الأجانب لنصرتهما، فأصبح لهؤلاء الداعمين وجود دائم في ليبيا بتكلفة لا تُذكر".
ويصب الوجود الأجنبي في ليبيا في مصلحة روسيا وتركيا؛ إذ تطمعان في موطئ قدم استراتيجي لهما في ليبيا، كما ذكر لاخر أن المدنيين الليبيين على مر تاريخهم يعارضون وجود القوات الأجنبية، وتأججت مخاوفهم حين أرهبت القوات الروسية سرت بُعيد وقف إطلاق النار؛ إذ قصفت منطقة سكنية، واحتلت منازل مدنيين. خصوصاً من دول النيجر وتشاد والسودان من الأراضي الليبية.
وفي إحدى ضواحي مصراتة الجنوبية احتل مقاتلون سوريون أيضاً منازل المهجَّرين، فتأججت التوترات مع دول الجوار وفق التقرير الأميركي.
وقد زار لاخر ليبيا عدة مرات منذ وقف إطلاق النار، ويقول "إن القوات الروسية والسورية والتركية ولئن بقيت في ليبيا، فإن وجودها بات أقل أثراً شيئاً فشيئاً"، فقد انتقلت القوات الروسية في عام 2021 من المناطق التي احتلتها في سرت إلى قاعدة جوية في القرضابية، وكان المرتزقة الروس يألفون الظهور في المتاجر والمطاعم في سرت والجفرة حاملين أسلحتهم في بعض الأحيان ولكن قلت تلك الجولات، ويقول السكان إنهم ما عادوا يرون المقاتلين خارج قواعدهم في براك وتمنهنت كما كانوا يفعلون.
وكتب لاخر في تقرير صادر عن مؤسسة العلوم والسياسة قائلا "في المناسبات النادرة التي يظهرون فيها في الأماكن العامة يحرصون على ارتداء ملابس مدنية، في إشارة إلى أنهم في يوم إجازتهم".
ويقتصر الوجود العسكري التركي الرسمي على بضع قواعد عسكرية بين مصراتة والحدود التونسية، ويقول لاخر "من النادر أن ترى الآن عسكريين أتراكا خارج قواعدهم"، وكل هذا يوحي بأن الأوامر صدرت للقوات الأجنبية بالحد من الاختلاط بالأهالي رغبةً في أن يتقبلوهم.
بدوره ذكر خبير الشؤون الليبية بالمجلس الأطلسي كريم مزران أن روسيا هي "الطرف الأشد أثراً والأكثر تعطشاً للسلطة على أعتاب ليبيا"، وورد في تقرير صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة هذا العام أن الكرملين يحرص أيضاً على نشر شكل جديد من أشكال "الاستعمار الروسي".
وتجدد المجلة الأميركية التأكيد على تحول ليبيا مركزاً لنشر القوات شبه العسكرية الروسية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وربما لفرض القوة البحرية في البحر المتوسط. ويقول لاخر "ويبدو أن التواري عن الأنظار هو المنهج المناسب لخدمة تلك الغايات".
ويرى أن الكرملين اكتسب قدراً ضئيلاً من القبول، ولكن تقل المجاهرة بمعارضة وجود روسيا خشية القمع، وينطبق ذلك على أهالي طرابلس إذ نددوا من قبل بوجود القوات السورية والتركية.
ويشير عدد من المراقبين إلى سعي روسيا لتأسيس مشروعها العسكري الفيلق الأفريقي بعد مقتل مؤسس مجموعة "فاغنر" ليكون بديلا عن تلك المجموعة الأخيرة، مع إعطائه الصفة الرسمية عبر دفع مهمة الإشراف عليه لنائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف، الذي تعددت زياراته إلى عدد من دول القارة الأفريقية، وفي مقدمتها ليبيا والنيجر وبوركينا فاسو خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي.
ونقلت المجلة عن غريغوري أفتانديليان، وهو زميل غير مقيم في المركز العربي بواشنطن العاصمة، أن بقاء القوات الأجنبية يزيد من صعوبة إجراء الانتخابات الوطنية التي طال انتظارها.
وكتب قائلاً "إن تدخل تلك الدول الأجنبية يصعب على الليبيين الذين يريدون أن يسود حل ليبي حقيقي، وإذا ظهرت حكومة وحدة فإن مثل هذه القوات الأجنبية ستخضع بلا شك لقدر أكبر من الدراسة والنظر وتواجه ضغوطاً سياسية للرحيل، ومن ثم فإن وجود هذه القوات الأجنبية يساعد في إدامة الانقسامات السياسية في البلاد".
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم السابق في ليبيا عبدالله باتيلي لمجلس الأمن الدولي إن تعنت الحكومتين المتناحرتين في ليبيا يؤدي أيضاً إلى تفاقم المأزق السياسي في البلاد، ويعيق خطط إجراء الانتخابات، ويخاطر بمزيد من عدم الاستقرار.
وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي تُبذل لمساعدة الليبيين على حل القضايا المتنازع عليها بشأن قوانين الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة، ذكر باتيلي في تقرير للأمم المتحدة أنه قوبل "بمقاومة عنيدة، وتوقعات غير معقولة، ولا مبالاة بمصالح الشعب الليبي".
ويتفق العديد من المحللين العسكريين على أن الصراعات والانقلابات التي اندلعت في عدد من دول القارة الأفريقية مؤخرا أعاقت بشكل كامل تنفيذ خطط اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5)، بالتنسيق مع البعثة الأممية، في إخراج المرتزقة الأفارقة،
تعليقات الزوار
لا تعليقات