ما زال الجدل يدور حول تشكيل حكومة جديدة في ليبيا لتقود البلاد نحو الانتخابات التي يأمل مجلسا “النواب” و”الدولة” أن يتمكنا من تنفيذها قبل نهاية العام الجاري. ومع تصاعد الرفض ضد تشكيلها، برزت مطالبات برلمانية بدعم دولي لتشكيل الحكومة ضماناً لتسيير العملية السياسية على أكمل وجه.
وطالب عضو مجلس النواب عبد السلام نصية، الحكومات العربية بدعم جهود تشكيل حكومة موحدة في ليبيا لإنجاز الانتخابات، قائلًا إن هذا المسار هو المخرج الوحيد لإنهاء الأزمة، وأكد حرص مجلس النواب على استمرار العملية السياسية.
جاء ذلك خلال مشاركته ممثلا لرئيس المجلس عقيلة صالح، في أعمال المؤتمر السادس والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي الذي عُقِد في الجزائر، حسب ما جاء على صفحة الناطق باسم المجلس عبد الله بليحق في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الأربعاء. وتناول نصية، في كلمته في المؤتمر، حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، مؤكدًا أن ما يحدث في القطاع وفلسطين عمومًا انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، من هدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها، وتدمير المدارس، وقطع الكهرباء والمياه، وإبادة جماعية غير مسبوقة، وأن هذه الانتهاكات المتواصلة لا تمثل تهديدًا على الشعب الفلسطيني فحسب؛ بل تهديد لكرامة الأمة العربية بأكملها.
ودعا إلى اتخاذ كل الوسائل والطرق لوقف هذه المجزرة البشعة، منوهًا بموقف ليبيا الثابت حيال دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته ورفض تهجيره، وثمَّن ما أصدرته المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية في هذا الشأن، وأشار إلى أن ليبيا انضمت مبكرًا إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد دولة الاحتلال.
وناقش المؤتمر السادس والثلاثون للاتحاد البرلماني العربي على مدى يومين الأوضاع الراهنة في المنطقة والقضايا التي تهم الأمة العربية، في مقدمتها ما يحدث في غزة من إبادة جماعية والتحديات التي تواجه العمل العربي المشترك، إضافة إلى بنود جدول أعمال المؤتمر الذي تضمن عرض تقرير الأمين العام حول أوضاع الاتحاد وأنشطته منذ المؤتمر الرابع والثلاثين وتقارير الدورات السابقة للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي والمصادقة عليها.
وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أكد انعقاد جولة جديدة من المشاورات بين رؤساء المجالس الثلاثة “الرئاسي، والنواب، الأعلى للدولة” في وقت قريب في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة.
وقال خلال تصريح صحافي، إن الجولة السابقة توصلت إلى نتائج ملموسة اتفق فيها على توحيد المناصب السيادية، بما يضمن تفعيل دورها المنوط بها، فضلاً عن التوافق على تشكيل حكومة موحدة، والتأكيد على سيادة ليبيا واستقرارها.
وأعرب عقيلة صالح عن تفاؤله بمستقبل الأوضاع في ليبيا في ظل سعي الجميع إلى الخروج من النفق المظلم وصولاً إلى الانتخابات بالبلاد.
وكان بيان ثلاثي عقب اجتماع الأطراف في مارس من العام الجاري، قد أعلن التوصل إلى اتفاق بتشكيل حكومة موحدة تقود لإجراء الانتخابات وتُقدم الخدمات الضرورية للمواطن، كذلك رفض أي تدخل أجنبي في شؤونها. واتفق المجتمعون في القاهرة أيضاً على تشكيل لجنة فنية بمرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة 6+6 وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية.
في المقابل، شكك رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، في إمكانية إجراء انتخابات وطنية في ليبيا على المدى القصير، متحدثاً عن عدد من العراقيل التي تحول دون ذلك، أبرزها غياب الدستور المنظم لعملية تداول السلطة، والتدخل الأجنبي الهادف إلى الإبقاء على الوضع القائم.
وفي مقابلة صحافية، أوضح السايح أن ما يعيق التقدم لحل الأزمة السياسية هو تمسك الأطراف المتنازعة بمصالحها والطموحات الأجنبية للحفاظ على السلطة.
وحذر من أن استمرار هذا النهج، في ظل غياب قيادة سياسية موحدة وواعية، سيؤدي إلى تفاقم الصراعات السياسية وتعميق الانقسامات الداخلية، وهذا الوضع يحمي مصالح الدول الأجنبية المنخرطة في الصراع، ويمنع أي تغييرات سياسية قد تهدد مصالحهم.
وتحدث السايح عن مفهوم خاطئ ينتشر بين أصحاب المصلحة يعتبر الانتخابات هدفاً في حد ذاته، وليس مجرد أداة تخدم التداول السلمي للسلطة، وهو منظور يخلق عقبات عدة أمام إجراء الانتخابات.
وقال إن أصحاب المصلحة المنخرطين في الأزمة الليبية، بمن فيهم المجتمع الدولي بقيادة بعثة الدعم الأممية، يعتبرون الانتخابات هدفاً أكثر من كونها أداة. الجميع يعلم أن الانتخابات أداة تخدم الانتقال السلمي للسلطة، ما يستلزم تنفيذها ضمن بيئة سياسية توافقية وإطار ثقافي يعزز الحد الأدنى من الأمن والاستقرار.
وفي تصريح حديث، قال عضو مجلس النواب صالح افحيمة، إن الاجتماع الثلاثي المرتقب لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة في القاهرة يجب أن ينجح، لأن الفرص في استعادة الدولة الليبية وإنهاء الأزمة لم تعد كثيرة.
وأضاف افحيمة في تصريحات صحافية قائلاً: “اعتقادي أن التوافق لن يكون صعبًا هذه المرة، فالخيارات أصبحت محدودة جداً، والعقبة الوحيدة التي قد تواجه المجتمعين هي آلية توحيد مؤسسات الدولة تحت حكومة واحدة”.
وأشار إلى أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون محددة المدة والمهام، وعلى رأس أولوياتها الإشراف على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
واختتم تصريحاته موضحاً: البعثة الأممية هي من يجب أن يكون مسارها داعمًا لمثل هذه اللقاءات، ومشجعًا على تنفيذ مخرجاتها، وضمنها توحيد مؤسسات الدولة تحت حكومة واحدة، وإجراء الانتخابات.
تعليقات الزوار
لا تعليقات