استمراراً للجدل الدائر حول الوجود الروسي الموسع في ليبيا، قالت دار الإفتاء في طرابلس إنها تابعت وصول قوات وأسلحة روسية، تمهيدًا لدخول ما سمي فيلق أفريقيا إلى ليبيا ودول أخرى مجاورة، معتبرة أن الجهاد ضد هذه القوات الغازية المعتدية واجب شرعاً على أهل ليبيا، خاصة كتائب فبراير.
جاء ذلك في بيان لمجلس البحوث والدراسات الشرعية في دار الإفتاء، الأربعاء، بشأن وجود القوات الروسية على الأراضي الليبية، نشرته صفحة الدار على فيسبوك.
وتابع البيان أن الوجود الروسي المسلح على الأرض الليبية يعد احتلالاً وغزواً للبلاد، مشيراً إلى أن دماء أهل طرابلس ما زالت شاهدة على ما ارتكبوه من قتل آلاف الليبيين العام 2019.
وأضافت دار الإفتاء، أن الجهاد ضد هذه القوات الغازية واجب شرعاً على أهل ليبيا، خاصة كتائب فبراير التي وقفت في وجههم في الماضي، داعية كل من يملك المال أو السلاح أو القرار إلى أن يعينهم على ذلك؛ لإخراج العدو المحتل. ونبهت إلى أن وجوب الجهاد الدفاعي ضد القوات الروسية لا يعني الوقوع تحت سيطرة محتلٍّ آخر، سواء كان أميركًا أو الاتحاد الأوروبي أو غيرهما من الدول، على حد وصف البيان.
واعتبرت أن الاستعانة على المحتلين بالمسلمين أو بغيرهم مضبوطة بضوابط شرعية، وعلى رأسها أن تكون الكلمة النافذة والقرار لأصحاب الأرض المقاومين لهم، لا للواقعين تحت نفوذهم أو المتعاونين، معهم على حد قولها.
وأشارت تقارير غربية خلال الأشهر الأخيرة إلى توسع النفوذ الروسي في ليبيا، حتى وصل إلى مستويات وُصفت بـالخطيرة.
وذكرت جريدة إكسبريس البريطانية، الأحد الماضي، أن نحو ألفي عنصر تابعين لمجموعة فاغنر الروسية موجودون حالياً في ليبيا، بالإضافة إلى 15 طياراً و35 خبيراً تقنياً و80 إدارياً.
وحسب ما جاء في الجريدة البريطانية، الأحد، أن بصمة موسكو في ليبيا سمحت لها بجني خمسة مليارات يورو من المبيعات النفطية منذ العام 2022، بينما يوفر لها الوجود في البلدان الأفريقية الأخرى مليارات أخرى من خلال استغلال الموارد المعدنية السخية.
كما أن عوائد عمليات مجموعة فاغنر القانونية وغير القانونية في أفريقيا تسمح لموسكو بأكثر من تغطية التكاليف التشغيلية التي تشمل 20 مليون يورو من الرواتب الشهرية لمنتسبيها في ليبيا.
وجنت روسيا أكثر من 2.5 مليار يورو من الذهب المهرب، أو ما يعرف بـذهب الدم منذ العام 2022، كما فرضت سيطرتها على منجم ألماس بقيمة مليار يورو في جمهورية أفريقيا الوسطى، بصافي عائدات 300 مليون يورو سنوياً.
وخلال الأسبوع الماضي، وصل 100 من المستشارين الروس محملين بالعتاد العسكري إلى النيجر، التي تملك واحدًا من أكبر احتياطات اليورانيوم في العالم. يأتي ذلك فيما أعلنت الولايات المتحدة رسمياً سحب قواتها العسكرية من نيامي.
وقالت الجريدة إن وجوداً عسكرياً لروسيا في ليبيا، بما في ذلك سيطرة محتملة على ميناء يطل على البحر المتوسط ويقع على بعد 700 ميل فقط من جزيرة صقلية، يمنح الكرملين نفوذاً في قارة غنية بالموارد، والفرصة لممارسة ضغوط على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأشار تقرير الجريدة البريطانية إلى وجود ما يقرب من ألفي عنصر تابعين لمجموعة فاغنر الروسية في ليبيا، إضافة إلى 15 طيارًا، و35 خبيرًا تقنيًا و80 إداريًا وانضم إلى هؤلاء أخيرًا، حسب التقرير، مجموعة من 1500 من القوات الروسية النظامية، في إشارة إلى أن موسكو لم تعد راغبة في العمل بالظل بعد الآن.
وقال: “تحولت مجموعة فاغنر إلى قوات استطلاع روسية في أعقاب الانقلاب الفاشل لقائدها، يفغيني بريغوجين، الذي لقي مصرعه بشكل غامض العام الماضي. وتقع المجموعة الآن تحت الإشراف الكامل لوحدة الاستخبارات العسكرية الروسية”.
وفي السياق، كشفت الشبكة الاستقصائية كلّ العيون على فاغنر في تحقيق لها، أن روسيا تنقل جنوداً ومقاتلين روساً إلى ليبيا منذ ثلاثة أشهر، بينما تقع الجفرة في صلب استراتيجية الكرملين في النظام الجديد، مشيرة إلى عمل موسكو على زيادة عدد قواتها والمعدات إلى المنطقة، وبالتالي تعزيز نفوذها الذي يمكن أن يؤثر على تدفقات الهجرة نحو أوروبا.
وحسب التحقيق، يجري تعزيز الهيكل الاستراتيجي الذي رسمته موسكو في شمال أفريقيا قطعة قطعة، حيث شهد الوجود الروسي في ليبيا، الذي أصبح ملموسًا منذ العام 2019 على شكل وحدات شبه عسكرية (مجموعة فاغنر سابقاً)، تسارعًا مفاجئاً منذ بداية العام، وهو ما لم يغب عن أنظار الغرب المصابين بالعجز حيال الأمر، وفق ما تقول جريدة لوموند الفرنسية.
وخلال الأيام الماضية، نشرت وسائل إعلام ليبية محلية لقطات لما قالت إنه وصول دفعة خامسة خلال 45 يوماً من التجهيزات العسكرية اللازمة التي تضم أسلحة وذخائر ومعدات وشاحنات عسكرية لإنشاء الفيلق الروسي الأفريقي؛ إلى ميناء الحريقة في مدينة طبرق أقصى شرق ليبيا.
وأشرفت على إنزال هذه الشحنة الآتية على متن سفينة روسية قوة عسكرية روسية متمركزة في الميناء الخاضع لسيطرة قوات حفتر.
وحسب ما نقلت وكالة الأناضول في وقت سابق عن صحيفة فيدوموستي الروسية، فإن روسيا تعتزم تشكيل قوات عسكرية خاصة تعرف باسم “الفيلق الأفريقي” بديلاً لمرتزقة فاغنر، ولكن بشكل ومهام مختلفة وربما أكثر تأثيراً على ليبيا وبقية الدول الأفريقية.
وقالت إن موسكو بدأت تشكيل الفيلق ليحل محل قوات فاغنر، ومن المفترض أن يكتمل هيكله بحلول صيف 2024، ليكون حاضراً في 5 دول أفريقية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات