كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن أسباب تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في بلاده، وقال إن زيارته المرتقبة إلى فرنسا لا تزال قائمة، ووصف لقاءه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "موعد مع التاريخ". معتبرا أن العلاقات مع فرنسا وصلت إلى النضج وينبغي أن يعاد لها التأسيس مجدداً، دون التراجع عن أي جزئية من ملف الذاكرة.
وتشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية عملية جذب وشد، فموقف باريس من قضية الصحراء المغربية وتأييد فرنسا للحكم له تداعيات سلبية، حيث سعت باريس بشكل مكثف للتقارب مع الرباط وهو ما يزعج الجارة الجزائر التي وجدت نفسها مضطرة لعدم إبداء موقف متشدد تجاه باريس التي لن تتراجع عن تقاربها مع المغرب.
وفي لقاء مع وسائل إعلام جزائرية السبت قال تبون "سننظر إلى الأمور كما يجب أن نراها وليس عاطفياً، نحن اليوم في مرحلة إعادة تأسيس للعلاقات" بين البلدين.
وأضاف "لن نتخلى عنها (الذاكرة)؛ كما لن نترك أي ميليمتر من الواجب إزاء شهدائنا الأبرار، سواء تعلّق الأمر بشهداء المقاومة الوطنية أو شهداء الثورة التحريرية المجيدة".
وأشاد تبون بما اعتبره عملاً إيجابياً قامت به الجمعية الوطنية الفرنسية، التي تبنّت قراراً يندّد بما وصفته "القمع الدامي والقاتل" ضد أبناء الجالية الجزائرية تحت سلطة مدير الشرطة موريس بابون في 17 أكتوبر 1961 في العاصمة الفرنسية باريس، والذي راح ضحيته ما بين 30 وأكثر من 200 متظاهر سلمي بحسب شهادات مؤرخين.
وبشأن أزمتي مالي والنيجر، ذكر تبون أن البلدين قررا حل مشاكلهما بدون الجزائر، مشيراً إلى أن بلاده تسير منذ استقلالها وفق سياسة حسن الجوار، وأنها دولة غير استعمارية أو استغلالية، وليس لها أطماع في البلدين، لافتاً إلى أن الجزائر كانت متطرفة في الدفاع عن وحدة مالي وشعبها، معتبرا أن المصالحة هي الحل الوحيد في مالي وأن الماليين أحرار في إدارة شؤونهم، محذراً في السياق ذاته من تداعيات التدخلات الخارجية.
وكان المجلس العسكري الحاكم في مالي قرر، في يناير، إنهاء العمل بـ"اتفاق الجزائر للسلام" مع حركة الأزواد والجماعات الانفصالية في شمال البلاد، والموقع في 2015.
وسبق أن طرحت الجزائر نهاية أغسطس/اب، مبادرة لحل الأزمة السياسية في النيجر، التي شهدت انقلاباً عسكريا في يوليو، لبلورة حل يضمن عودة النظام الديمقراطي، لكنها فشلت على هذا الصعيد.
وتطرق تبون لقضية الانتخابات التي تثير جدلا واسعا في الأيام الأخيرة، قائلا إن التعجيل بالانتخابات الرئاسية جاء لأسباب تقنية بحتة لن تؤثر في كيفية سير الانتخابات، معتبراً أن سبتمبر/أيلول هو الوقت المناسب لإجرائها.
وكانت الرئاسة الجزائرية أعلنت في 21 آذار/مارس الجاري عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 7 أيلول/سبتمبر المقبل، عقب اجتماع تبون بكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين. علما بأن الولاية الرئاسية لتبون، كان يفترض أن تنتهي في كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وخلف هذا القرار قراءات مختلفة واستفهامات عديدة داخليا وخارجيا عن فحوى هذا القرار، مع عدم نشر الرئاسة توضيحات بشأن الأسباب التي فرضت هذا التقديم وتركِها الباب مفتوحاً أمام التأويلات.
واعتبرت المعارضة أن القرار يهدف لقطع الطريق عليها لحشد الناخبين. وقال الرئيس الجزائري معلّقاً على الجدل "لقد قدمت بعض الأسباب حول ذلك، حتى إنه كان هناك تدخل للأجانب في هذه المسألة الذين أدلوا بتكهناتهم في هذا الشأن".
ووصف تبون الأسباب بأنها "تقنيّة محضة، لا تؤثر على الانتخابات أو سيرورتها (سيرها)"، مضيفا "شهر ديسمبر ليس التاريخ الحقيقي للانتخابات الرئاسية؛ فمن المعلوم أنه في 2019، وبعد استقالة الرئيس المرحوم عبد العزيز بوتفليقة، تولى السلطة رئيس مجلس الأمة الراحل عبد القادر بن صالح مع تحديد تاريخ لتنظيم الانتخابات، غير أنه لم يكن بالإمكان إجراؤها حينها، ليتم بعدها تأجيل هذا الموعد مرة أخرى".
وتابع "ديسمبر ليس التاريخ الرسمي الذي تعوّدنا عليه لتنظيم الانتخابات الرئاسية بالجزائر؛ والباقي كله فلسفة وتكهنات تختلف حسب الأطراف التي تقف إلى جانبنا أو ضدنا".
ويرى تبون أن شهر سبتمبر الوقت المناسب لإجراء هذا الاستحقاق الانتخابي، خاصة أنه يصادف نهاية العطلة الصيفية وبداية الدخول الاجتماعي بالنسبة للكثير من الجزائريين في الداخل والخارج، والذين سيكون بإمكانهم الإدلاء بأصواتهم.
والدخول الاجتماعي في الجزائر يشير إلى فترة بداية سبتمبر، حيث يعود العمال والموظفون إلى أعمالهم بعد الإجازات الصيفية، والتلاميذ يعودون إلى مدارسهم. واعتبر تبون، أن الخوض في مسألة ترشحه لولاية ثانية سابق لأوانه، مؤكدا أن عهدته الرئاسية الحالية يتبقى منها 5 أشهر، وهي مرحلة قال أنه سيواصل خلالها تنفيذ برنامجه ومواصلة زياراته الميدانية إلى عدة ولايات مختلفة من الوطن.
تعليقات الزوار
لا تعليقات