يتصاعد الصراع يوماً بعد آخر بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والتي تحظى بدعم دولي واسع، وحكومة مجلس النواب برئاسة أسامة حماد الذي لم يتمكن من بسط سيطرته فعلياً على المؤسسات السيادية في ليبيا رغم تعيينه من قبل مجلس النواب.
ويتبادل الدبيبة وحماد تهماً تتعلق بالإنفاق، حيث إن كل حكومة تنفق بشكل منفرد ما ضاعف قيم الإنفاق وجعل من الصعب مراقبتها للحد من الفساد الذي استشرى في البلاد.
وفي جديد هذا الصراع طالب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد كل الجهات القضائية والمحاسبية والرقابية بالإسراع لوضع ما تضمنه كتاب محافظ مصرف ليبيا المركزي الموجه لرئيس حكومة الوحدة الوطنية -والذي تحدث فيه عن أسباب ارتفاع النقد الأجنبي- تحت مظلة المحاسبة والتحقيق مع كل من أجرم في حق الشعب الليبي وأجياله القادمة.
وشدد خلال بيان باسم حكومته على ضرورة الكشف عن ماهية الجهة التي تتولى الإنفاق مجهول المصدر، الذي تحدث عنه الصديق الكبير في خطابه للدبيبة.
وأشار بيان حماد إلى أن ممارسات حكومة الوحدة الوطنية التي وصفها بـ “منتهية الولاية” خاطئة وتسببت في تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، وإلحاق الضرر البليغ بالاقتصاد الوطني، علاوة على تسببها في ارتفاع أسعار النقد الأجنبي مقابل العملة المحلية، بحسب وصفه.
وفي المقابل، قال إن حكومته كانت وما زالت تعمل وفق التشريعات النافذة، ملتزمة بقانون اعتماد الميزانية العامة للدولة الصادر عن مجلس النواب. ولفت بيان حكومة حماد إلى أن الردود التي أطلقها اليوم رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة والتي مفادها أن الخلل الذي ضرب الاقتصاد الليبي مرده الاعتمادات المصرفية “ما هي إلا حجج واهية للتنصل من المسؤولية”.
ودعا المصرف المركزي لعدم التنصل من المسؤولية عما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية من تردٍ في كافة المجالات، كونه الجهة التي تتولى تنفيذ أوامر الصرف الصادرة من وزارة مالية حكومة الوحدة الوطنية.
يأتي ذلك في خضم تصاعد الخلاف بين محافظ مصرف ليبيا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة.
وكانت الخلافات حول السيطرة على الحكومة والموارد المالية للدولة الليبية في كثير من الأحيان محور النزاع المسلح الذي مزق الدولة الليبية منذ ثورة السابع عشر من فبراير.
وفي رسالة مفتوحة إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح يوم الثلاثاء، طلب محافظ البنك المركزي صديق الكبير فرض رسوم بنسبة 27 % على سعر الصرف الرسمي لجميع الأغراض باستثناء القطاعات الممولة من الخزانة العامة، وهو ما يعني عملياً خفض قيمة الدينار.
وحدد البنك المركزي في ديسمبر/ كانون الأول 2020 سعر الصرف عند 4.8 دنانير للدولار بعد سنوات من تباين أسعار الصرف في مناطق مختلفة من البلاد تسيطر عليها فصائل متنافسة.
وقال إن سعر الصرف الجديد سيتراوح بين 5.95 إلى 6.15 دنانير للدولار، وستدر الرسوم إيرادات تقدر بحوالي 12 مليار دولار من شأنها المساعدة في سداد الدين العام وتمويل مشروعات التنمية.
وقبل ذلك أبدى محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، انزعاجه من زيادة الإنفاق الحكومي الذي وصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 420 مليار دينار.
وقال في خطابات موجهة إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، إن معظمها وُجِّه لنفقات استهلاكية على حساب الإنفاق التنموي بشكل ولّد ضغوطاً على سعر صرف الدينار الليبي، مستغرباً من رغبة الأخير في أن يكون سعر صرف الدينار الليبي بواقع 1.3 مقابل الدولار الواحد، في الوقت الذي تزيد فيه الحكومة من النفقات الاستهلاكية.
ورداً على ذلك، قال رئيس حكومة الوحدة إن نفقات الحكومة من الإيرادات المخصصة خلال ثلاث سنوات بلغت 15 مليار دولار، شملت إنشاء وصيانة الطرق والمدارس وصيانة المستشفيات وتهيئتها، ومشاريع الآبار لتوفير وإيصال المياه إلى بعض المناطق التي عانت سنوات بدونها حيث وصلت كمية الضخ إلى 97 ألف لتر مكعب يومياً، وكذلك إنشاء وصيانة المراكز الإدارية وغير ذلك من استئناف العمل للمشروعات المتوقفة.
واتهم الدبيبة محافظ مصرف ليبيا المركزي بالكذب، وقال: “يكذبون عليكم ويقولون إننا صرفنا 400 مليار، ووزارة المالية ستنظم ندوة لتوضح الحقيقة”، مشيراً إلى أن حكومته خصصت 7.8 مليارات لوزارة النفط، لتغطية المديونيات خلال السنوات السابقة، إضافة إلى تخصيص 1.8 مليار لقطاع الكهرباء ومليار دينار و977 مليوناً لتوريد الأدوية إلى كافة المستشفيات.
وأبدى الدبيبة استعداد حكومته للتعاون مع مصرف ليبيا المركزي لوقف نزيف تهريب الأموال، واعتبر أن الإشاعات التي تتحدث عن إفلاس البلاد مجرد افتراءات باطلة، هدفها الإبقاء على الوضع الراهن ومحاربة مشروعات التنمية والإعمار، مردفاً أن المصرف المركزي سيّل أكثر من 55 مليار دولار لصالح المصارف التجارية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بنسبة 74 في المئة من العملة الصعبة التي دخلت المصرف.
تعليقات الزوار
لا تعليقات