يتصاعد الجدل حول مسألة عزم نجل ولي العهد إبان الحكم الملكي في ليبيا الأمير محمد السنوسي العودة إلى طرابلس قبل ذكرى ثورة فبراير/ شباط في إطار مبادرته السياسية والتي يقترح محللون أن يسبقها تنظيم استفتاء حول عودة الدستور الملكي.
حيث طالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، الأمير محمد رضا السنوسي بالعودة إلى ليبيا في التاسع من فبراير الجاري في محاولة جديدة لإنهاء المأزق الانتخابي، ولكن في مساع لقطع الطريق على خليفة حفتر أو سيف الإسلام القذافي.
ويشكّك تقرير فرنسي في نوايا الطبقة السياسية الليبية إزاء قضية محاولة تقاربها مع نجل ولي العهد إبان الحكم الملكي في ليبيا محمد الحسن الرضا السنوسي، معتقداً أن الرمزية والشعبية والتراث التاريخي ليست كافية للعب دور سياسي خلال المرحلة المقبلة.
ومنذ كانون الثاني/ يناير المنقض، كثف السنوسي مشاوراته في الخارج مع قادة من مختلف القبائل وأعيان ليبيا، والتي يستعرضها على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يروج لاستئناف المفاوضات الوطنية، بما ينقذ البلد من ويلات الحروب والفتنة والانقسام.
ونقل التقرير الفرنسي عن المتخصص في الشؤون الليبية والباحث المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، جلال حرشاوي، قوله عن السنوسي “إنه رجل ذكي، يسهل الوصول إليه ولديه وعي ببلده، وإنه مهتم بشدة بالواقع بالنسبة لشخص عاش في المنفى منذ عقود يود أن يساهم بشكل إيجابي في حل الأزمة الداخلية خلال 2024”.
ويعتقد الخبير أنه “من الوهم تخيل أن الأمير يمكن أن يظل شخصية محايدة ترمز إلى وحدة البلاد، دون الارتباط بأي قوة سياسية أو ميليشيات عسكرية محلية مضيفاً أن لديه رأس مال سياسي سوف يستهلكه على الفور بمجرد أن تطأ قدماه ليبيا، حيث سيتعين عليه أن يطلب الحماية من أحد الأطراف.
ويتابع الباحث أن الفاعلين كافة يتمنون عودته لأن الجميع يريد استغلاله، مؤكداً أن المجموعات المسلحة الليبية تتواصل معه منذ سنوات.
ووفق تقرير نشرته جريدة لاكروا الفرنسية أشار إلى أن الدبيبة طلب من المجلس الرئاسي إخلاء المقر الخاص للأمير محمد السنوسي، وذلك في وقت تناقش الطبقة السياسية مرة أخرى إمكانية استعادة النظام الملكي.
ولفتت الجريدة الفرنسية إلى أن الدبيبة عرض على حفيد إدريس الأول، الذي نفي والده إلى لندن ودُفن في المدينة المنورة، العودة لطرابلس كوسيلة لتوحيد البلاد، مذكراً بلقاءات السنوسي في مدينة إسطنبول التركية مع مجموعة من الشخصيات الليبية ضمت أعضاء بمجلس النواب وشيوخ وأبناء قبائل بهدف تعبئة الرأي العام لمبادرته.
وقالت إن أنصار السنوسي يطالبون بالعودة إلى دستور المملكة الليبية لعام 1951، وهذا من شأنه أن يرقى إلى إعادة إنشاء إقليم يتكون من ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي واسع. ويأتي المشروع تحت توصية عالية من الأردن والمملكة المتحدة الذين وعدوا في المقابل بدعم الدبيبة، حسب عدة مصادر لم تسمها الجريدة الفرنسية.
وأشارت لاكروا إلى تعرض سلطة الدبيبة للطعن في الشوارع بسبب لقاء في روما بين وزيرة خارجيته نجلاء المنقوش ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، موضحة أن هذا الغضب لم يهدأ بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
لكن في مواجهة هذه المبادرة، تنبه الجريدة إلى الصمت التام من جانب خليفة حفتر، كما أن العملية السياسية التي يجب أن تؤدي يوماً ما إلى الانتخابات تسير في طريق مسدود.
وقبل ذلك، توقعت مصادر فرنسية عودة نجل ولي العهد إبان النظام الملكي في ليبيا، محمد الحسن الرضا السنوسي بمبادرة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إلى ليبيا في 9 شباط / فبراير.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الدبيبة يسعى من وراء تشجيع السنوسي إلى العودة للحفاظ على موقعه، حسب ما نقلت الإذاعة الفرنسية عن مصادر.
وأشارت الإذاعة إلى تعليمات صدرت عن الدبيبة بإخلاء قصر ولي العهد سابقاً الواقع بطريق الشط، على مقربة من قاعدة بوستة البحرية، في طرابلس ليتخذ منه السنوسي مقراً لإقامته.
وحسب مصادر متطابقة، فإن الدبيبة تصرف بناء على اقتراح أردني حتى يتمكن من الاحتفاظ في مقعده كرئيس للحكومة.
ووفق الإذاعة، سيضرب الدبيبة عصفورين بحجر واحد، ليقطع الطريق إلى الانتخابات الرئاسية في ليبيا أمام اثنين من المتنافسين الرئيسيين في الوقت نفسه، وهما المشير خليفة حفتر، ونجل العقيد القذافي سيف الإسلام.
ويظن محمد الحسن الرضا السنوسي أنه قادر على إعادة توحيد الليبيين من خلال العودة إلى دستور 1951، إذ ستصبح بعودته ليبيا مرة أخرى مملكة موحدة مكونة من ثلاثة أقاليم تستفيد من الحكم الذاتي.
وللقيام بذلك، يجري السنوسي، الذي يعيش بشكل رئيسي في لندن منذ العام 1988، اتصالات ومشاورات مكثفة في إسطنبول مع كبار الشخصيات الليبية القادمة من مختلف مناطق البلاد الأربعة للقائه.
ويقول إنه يسعى إلى إقامة حوار وطني سيوسعه فور عودته إلى ليبيا، لكنه بالنسبة له، كما أعلن في أيار/ مايو الماضي “الوضع الليبي لا يسمح بتنظيم انتخابات ما دامت التوترات والصراع على المال والسلطة مستمرين”.
ويؤكد السنوسي أنه لا يوجد حل آخر لليبيا سوى العودة إلى النظام الملكي، مضيفاً أن لديه الإرادة والطاقة للقيام بهذه المهمة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات