تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة طفل نزع قميصه ليقي أخاه حر الشمس الحارقة في إحدى المدن الجنوبية. كانت الصورة مجهولة الهوية. لا مكان ولا زمان ولا اسم الطفلين، ولا من أخذ الصورة. ثم تبين أنها لطفلين من مدينة ورقلة.
فكتب الروائي والأستاذ الجامعي الصديق حاج أحمد الزيواني على صفحته الرسمية على فيسبوك «يظهر لي أن التفاعل الذي أحدثته الصورة الإنسانية للطفلين مرده للعفوية التي جاءت بها دون مساحيق تجميلية، فلو كانت الصورة من الأمام وفي استعداد للتصوير، ما كانت لتحصل على هذا الحصيد. تماما كالكتابة العفوية والمتكلفة». وكتب الإعلامي والشاعر والناشط في المجال الثقافي عبد العالي مزغيش على صفحته على فيسبوك: «دردشة مع والد الطفلين وملتقط الصورة. دردشت. مع السيد بوبكر صاولي (51 سنة) والد الطفلين «بطلي الصورة» التي انتشرت في الفيسبوك وتجاوزت الحدود لتصل الى عدة دول. وألهمت الشعراء، فكتبوا فيها قصائد مدحية. وجدته كذلك مفتخرة بفعلة ابنه حذيفة (11 سنة) مع شقيقه الصغير عبد الرحمن المدعو توتي (4 سنوات). قال إنه لم يكن ينتظر هذا الذي حدث مع صورة ابنيه. وهو سعيد بكون الصورة تنقل رسالة هادفة إلى المجتمع». وأضاف مزغيش: «الوالد بوبكر المنحدر من بسكرة والمقيم في ورقلة يمارس رياضة «الأيكيدو» ردد قائلا: «والله لم أكن أتصور أن تلقى هذه الصورة كل هذا الصدى، ولكن أراد الله أن تكون هكذا والحمد لله». أما الشاب ملتقط الصورة فهو يعقوب بزالة (28 سنة) من باتنة، ويقيم في ورقلة حيث يعمل مساعدا لشقيقه الأكبر في محل خاص بهما».
يقول السيد مزغيش تواصلت معه أيضا. فقال «فرحت لكوني ملتقط الصورة ولكوني قد أوصلت فكرة مبدأ الأخوة والتضحية من أجل الأخ»، وعبر الشاب النبيه عن حلمه ليصبح مصورا صحافيا محترفا في المستقبل، لكن بكاميرا محترفة، كما قال وليس بهاتفه الذي التقط به الصورة الشهيرة يوم 2 الشهر الماضي.
وكتب المصور على حسابه على الفيسبوك تحت اسم يوبا الشاوي «هذه الصورة قمت بالتقاطها بكل عفوية في 2 حزيران/ يونيو 2022 وأنا متوجه للمحل على الساعة الواحدة زوالا في جو حار، بحيث لفت انتباهي ذلك الطفل الشجاع، وهو يحمي بنفسه وليس بقميصه أخاه الأصغر من أشعة الشمس الحارقة. سبحان الله الرجولة لا تكتسب، بل تسير في الدم من الصغر. قمت بنشرها في القصص البارحة لم أتوقع أن تصنع الحدث في مواقع التواصل الاجتماعي. نشكر الأبوين على هذه التربية وقمة الأخلاق والمبادئ». فعلا الصورة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معان. لا سيما والمجتمع قد وصل درجة اختفت فيها صلة الأرحام وانتشرت العداوة بين الأخوة الأشقاء. وظهرت صور شتى لقابيل وهابيل هذا العصر، فهل يأخذ الكبار بما فعله الصغار بكل تلقائية وبكل ما في التضحية من سمو ورفعة؟ وهل صورة الفيسبوك هذه للطفلين تؤسس لعودة المحبة والتقاء الاخوة الأعداء وتذيب جليد العلاقات بين الأخوة وبين الأهل. فهل سيأخذ الكبار الدرس والعبر من الصغار؟
مريم بوزيد سبابو
تعليقات الزوار
لا تعليقات