يا إلهي فظيع أن يوثق الشابان إبراهيم باشا ومنير زوبيري، اللذان توفيا في الطائرة، في رحلة الموت نحو برشلونة، على متن الخطوط الجوية الجزائرية. فمن خلال فيديو متداول نشرته صفحة «حمادي سيتي» على الفيسبوك، يوثق اللحظات الأخيرة لأولاد حمادي. بلدية «حمادي» شرق العاصمة الجزائر، والقريبة جدا من المطار ومكان هبوط الطائرات من كل البلدان. تمر عليها الطائرات وهي تهم بالهبوط والصعود محلقة فوق الرؤوس، حتى يتخيل المرء أنه في الإمكان الإمساك بأجنحتها. الفيديو نشرته وسائط التواصل الاجتماعي عن رحلة مؤلمة لشابين يحدوهما الأمل في أن يصلا بر برشلونة «الآمن»!
الفيديو، الذي صور وصوت محرك الطائرة يستعد للإقلاع بعد ربع ساعة. وهما يضعان، عوض حزام الأمان حبلا بلاستيكيا أخضر. ومع هذا كانا سعيدين. ويستعدان للانطلاق ويطالبان الناس أن يدعوا لهم بأن يصلا سالمين! «خاوتي ادعولنا… إذا وصلنا ادعولنا وإذا متنا ادعو لنا. انطلقنا على الثانية عشرة وان شاء الله نصل بأمان واطمئنان، لكنهما لم يصلا حيين. بل عادا في كفنين إلى بلدهما الجزائر! «وجدا جثتين متعفنتين بين الأمتعة داخل مخبأ العجلات على متن طائرة «إيرباص 330». وكانت الطائرة قد قامت في رحلة الجمعة الماضي من مطار «هواري بومدين» في العاصمة في اتجاه مطار برشلونة الإسباني، وعادت للجزائر في نفس اليوم في حدود التاسعة مساء.
سبب الوفاة – حسب ما تداولته وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي – كان نقص الأوكسجين، مما أدى إلى اختناقهما»!
مرعب أن تتجه أحلام الحياة والعيش الكريم نحو «عجلات الطائرة، بعدما كانت عجلات «البوطي» تشكل وسيلة النقل البحرية للمهاجرين. مؤلم أن لا يمكن لهؤلاء الشباب، الذين يغامرون بالحياة والأهل رؤية ما تنقله وسائل الإعلام عن «الجمال» وطيب المقام وطيب الأطباق في الجزائر!
كيف فقدوا الثقة نهائيا في البلاد ومؤسساتها؟ وقد يكون السؤال مريرا إذا شمل، حتى النخبة النزيهة التي تتخبط بين مراتع الفساد وأمواجه ودواماته. كثيرون من فقدوا الأمل في مؤسسات «فاسدة» حد النخاع، فقدوا الأمل في جزائر جديدة أعادت إلى أحضانها «الفاسدين» فأفسدوا حياة الخيرين، ورهنوا أحلامهم وأحلام أجيال كثيرة؟
ومع هذا فالكثيرون اعتبروا الحدث مجرد مغامرة غير محسوبة العواقب ومجرد تهور، التهور الذي يجعل هؤلاء الشباب وبعض الأسر تتشبث بقشة أمل في بحار متلاطمة أو في سماء كثيفة الضباب. كأن الحدث موضوع فيلم. «قضية وفاة الشابين في الطائرة التجارية المتوجهة لأوروبا ذكرتني بلقطة الهروب من فيلم «إيغل آي» (عين النسر)، حين تم حقن البطلين بمصل لكي تنخفض وتيرة دقات القلب لديهما مما يقلل نسبة الأوكسجين، وهما مختبئان داخل صندوق الشحن ويسمح لهما بالسفر في «عنبر الحمولة» غير المضغوط دون مشاكل. أعرف أنه لا مجال للمقارنة، ولكن ليت هذين الشابين درسا الوضع على الأقل قبل المغادرة، لكن تبقى قضية الهجرة غير الشرعية مسألة شائكة ووصمة عار خلفها الحكم الجائر». كما جاء في صفحة هادجر بوشارب» على الفيسبوك. كيف يروج «سنايك» للسياحة. في غياب الهياكل. هل يكفي «كليب» ناجح مهما كانت موهبة صانعيه للترويج لسياحة «راكدة» طال الحديث عن أزماتها؟ لقد تم التجريب للترويج السياحي، في ما قدمه الفنانان العالميان «سولكينغ» و»ريمكا» من إبراز أجمل المعالم والأماكن العريقة في الجزائر (قصر الرياس، حديقة التجارب في الحامة، جامع الجزائر، ملعب بولوغين)، كما روج الكليب «لالة» للباس التقليدي الجزائري. وساهما الثنائي بالتعريف بمعالم الجزائر، وقد كان الكليب أكثر بناء من «كليب دي جي سنايك». ما الجديد وما الإثارة في ترويج «سنايك»، وهل سيتبع السواح الومضات الثقافية والفلكلورية، التي جاءت في الكليب ويتوافدون على الجزائر بالملايين؟!
هل سيرقص السياح لحد الجذبة والوله على أنغام الراي والعلاوي؟
تحتاج السياحة لعمل كبير ميداني متواصل من طرف المؤسسات المختصة، وبمشاركة المجتمع المدني وهيئاته. ومن ثم تتوج كل تلك الجهود بالترويج للسياحة بواسطة الفن.
وككل إنتاج فني لاقى عمل «دي جي سنايك» إعجاب وإشادة، وهناك أيضا من انتقد العمل. فمن بين الذين أشادوا بالعمل، الصحافي والمهتم بالشأن الثقافي محمد علال، الذي كتب على صفحته الرسمية على الفيسبوك» سُحقًا للشعبوية التي تحاصرنا، مؤسف ما يكتبه البعض من انتقاد غير مبرّر لأغنية دي جي سنايك، لحد التشكيك في نوايا هذا الشاب، الذي عاد إلى أصوله الجزائرية، واجتهد وقدّم عملًا فنيًا حقيقيًا بعيدًا عن الدعاية، التي يدعو إليها البعض، معتقدين أنها الأقدر على التأثير في العالم وتغيير نظرته عن الجزائر. وكأنه يرد على من انتقد الكليب، الذي ركز على الأحياء الشعبية وعلى موكب دراجات نارية تحمل حتى عروسا. فأضاف: «إن رسائل التسامح َوالبهجة والبساطة التي جاءت في فيديو كليب أغنية (ديسكو ماغرب)، هي الأهم من وجهة نظري، وما يجب أن نقوم بتسويقه للعالم، فالغرب لا يحتاج أن يرى في مدننا ناطحات للسحاب أو قصورًا، ليصحح الأفكار السلبية، بل لمثل هذه المشاهد، لأنه يجهل أن هناك على أرض الجزائر شعبا طيّبا وعفويا ومبهجا، ويتنفس الفرحة بأشياء بسيطة، يحسد عليها، يرسم ابتسامة لا يصل إليها أثرياء العالم، ولا يصنعها المال».
كما أضاف، معطيا مثلا على أنه «لا يجب أن ننسى كيف أحدثت أغنية «ديسباسيتو» نهضة سياحية كبيرة في بوتريكو بزيادة أكثر من 50 في المئة، بفضل فيديو كليب أغنية ديسباسيتو للويس فونسي ودادي يانكي».
وحسب ما جاء في موقع «الترا الجزائر» نقلا عن صفحة الكاتب والروائي»طيب صياد» فإن «أربع دقائق تمثل استعادة للجزائر العميقة، الجزائر الحقيقية، التي حاول قطّاع الطرق سرقتها».
وأضاف الروائي «صياد»: «الجزائر العربية الأندلسية الصحراوية، هذا الفيديو يحمل قيمة حضارية فشلت في الوصول إليها عشرات النصوص الأدبية، وفشلت في تحقيقها وزارتا الثقافة والسياحة منذ الاستقلال».
وأرفق منشوره بـ «هاشتاغ صنع في وهران ديسكو مغرب، شكرًا دي جي سنايك». كل ما يرجى في الأخير، هو أن تتعافى السياحة الجزائرية التي عاشت ركودا طويلا، بسبب أحداث الجزائر الدموية. وما انجر عنها، إضافه إلى وباء «كوفيد» الذي زاد الطين بلة. وقد تكون كل الوسائل مشروعة.
مريم بوزيد سبابو
تعليقات الزوار
لا تعليقات