أخبار عاجلة

شهر مارس في الجزائر من إمضاء اتفاقية إيفيان الى اغتيال العربي بن المهيدي

تميز شهر مارس في تاريخ الجزائر بكثافة تاريخية كبيرة، قد لا يملكها شهر آخر، حتى إن تعلق الأمر بنوفمبر، شهر اندلاع ثورة التحرير، ففي مارس تم إمضاء اتفاقية إيفيان، التي اعترفت فيها فرنسا باستقلال الجزائر بعد 132 سنة من الوجود الاستعماري، لكن ليس هذا كل ما يميز هذا الشهر، ففي مارس فقدت الجزائر الكثير من نخبتها العسكرية والسياسية، التي لم ينتج منها الكثير، واشتكت على الدوام من قلة حضورها.

ففي 4 مارس 1957 تم اغتيال العربي بن المهيدي، وهو سجين لدى ضباط الجيش الفرنسي، بعد أيام من إلقاء القبض عليه بالصدفة تقريبا، في عز أيام معركة الجزائر، التي قاد يومياتها، كما قاد قبل ذلك الولاية الخامسة، ونظّم مؤتمر الصومام مع الوجه التاريخي المعروف عبان رمضان، بن مهيدي الذي لم تمر عملية إلقاء القبض عليه بسهولة وتم الحديث بصددها عن الكثير من الأمور المشبوهة، كما عودتنا السردية الشعبية على ذلك. سنة قبل ذلك وفي 22 مارس سنة 1956 – تم اغتيال مصطفى بن بولعيد قائد الولاية الأولى ـ الأوراس، وأحد مفجري ثورة التحرير، وهو يحاول فتح صندوق كان في داخله جهاز راديو، لغّمه الجيش الفرنسي عن قصد ليصل بين يديه، في مارس دائما – 29 مارس 1959- تم كذلك قتل العقيدين عميروش قائد الولاية الثالثة، وسي الحواس قائد الولاية السادسة، بالقرب من بوسعادة، وهما متوجهان نحو تونس، في ظرف تميز بصراعات كثيرة بين قيادات الداخل والخارج، حول عدة مواضيع كان من بينها قضية شحن السلاح إلى مجاهدي الداخل. ككل العمليات العسكرية التي كانت ضحيتها قيادات عسكرية لم يمر استشهاد العقيدين، من دون ضجة إعلامية وسياسية في الجزائر المستقلة، أعطتها شرعية أكثر، طريقة التعامل مع جثتي الشهيدين لاحقا، بعد حجزهما في دهاليز ثكنة عسكرية لغاية الثمانينيات، وهو الموقف المسكوت عنه وغير المبرر ولا المفهوم لحد الساعة، لغاية تدخل الرئيس الشاذلي بن جديد للإفراج عنهما في بداية فترة حكمه، التي عرفت فتح الكثير من الملفات التاريخية، ورد الاعتبار للكثير من المجاهدين المغضوب عليهم المتوفين في ظروف مبهمة.

في 27 مارس سنة 1960 استشهد العقيد لطفي وهو قادم من المغرب، بعد معركة غير متكافئة ضد الجيش الفرنسي، استعمل فيها الفرنسيون الطيران بكثافة، وكأنه كان في انتظاره على الحدود الجنوبية، بعد قراره العودة إلى التراب الوطني،

كأي وفاة خاصة عندما يتعلق الأمر بزعماء مثل هذه الوجوه، التي كانت على رأس ولايات تاريخية، قادت ثورة التحرير في سنواتها الأولى، داخل التراب الوطني وليس خارجه، نظمت الثورة وفجرتها في 1954، لم تمر وفاة هذه الوجوه بهدوء ومن دون ضجيج وصل إلى حد التشكيك في ظروف الوفاة، فقد قيل الكثير عن ظروف وفاة مصطفى بن بولعيد، وكيف تمكن الجيش الفرنسي من الوصول إليه بهذه السهولة عن طريق تفجير لغم، الشيء نفسه الذي قيل وربما أكثر عن ظروف وفاة العقيدين عميروش والحواس، لدرجة اتهام قيادات في الخارج بالتسبب في وفاة هذين الوجهين التاريخيين اللذين كانا يريدان مفاتحة قيادة الثورة في الخارج، بالكثير من الحقائق وربما تصفية القضايا العالقة منذ سنوات. وجدت نظرية المؤامرة التي سادت عند أطراف جزائرية كثيرة بعد الاستقلال، الكثير من المادة بمناسبة وفاة هذه الوجوه التاريخية المعروفة، التي كانت على رأس قيادة الثورة، قراءة شجعتها أطراف فرنسية داخل دواليب الدولة الفرنسية العميقة، وهي تتلاعب بمسألة الأرشيف القابضة عليه كورقة للضغط والابتزاز ضد الجزائر والجزائريين، ستين سنة بعد الاستقلال، يمكن أن تخرجه عندما ترى فائدة في ذلك أو تسكت عليه أو تسرب حوله، في حين أن القراءة الموضوعية لتاريخ وسوسيولوجيا الجزائر، وما ميز ثورة التحرير تحديدا كلحظة تاريخية مهمة، قد يفيدنا بالتوجه صوب قراءة أخرى مختلفة، تركز على مسألة النخب وأصولها الشعبية وعلاقاتها القريبة من شعبها، في مجتمع تميز في الكثير من الأحيان بإنتاج نخب قريبة جدا من عمقها الشعبي، فعبان رمضان أو العربي بن المهيدي أو كريم بلقاسم أو مصطفى بن بولعيد، لم يكونوا من النوع الذي يقول لجنوده اذهبوا للاشتباك مع الجيش الفرنسي، نحن في انتظاركم بعد الانتهاء من المعركة،

فقد قاد العربي بن مهيدي معركة الجزائر من داخل القصبة، كما قاد بن بولعيد معاركه العسكرية من جبال الأوراس، وهو الشيء نفسه الذي قام به العقيد عميروش من جبال جرجرة، إذا اكتفينا بالحديث عن شهداء شهر مارس، سلوك عرّض هذه القيادات إلى التوقيف والتعذيب والقتل كجزء من يوميات عاشها جزء كبير من الشعب الجزائري بمختلف فئاته، أثناء هذه الثورة الشعبية التي استطاعت في الأخير تركيع فرنسا. ثقافة سياسية هي التي جعلت العقيد أوعمران يحتج على عباس فرحات، رئيس الحكومة المؤقتة عندما وصل إلى القاهرة في شهر رمضان وشاهد أطباق الأكل التي قدمتها قصور الرئاسة المصرية احتفالا بالوفد القادم من الجزائر، هل تأكلون دائما بهذا الشكل؟ أنا شخصيا لا استطيع أن أشارك معكم في تناول هذا الأكل الفاخر، في وقت تركت جنودي يأكلون البلوط والقرنينة، ليعتذر عباس فرحات ويخبر ضيفه، أن هذا الأكل خاص بمناسبة رمضان فقط، تم تحضيره للاحتفال بالوفد الجزائري من قبل الرئاسة المصرية، أكيد أنه لن يتكرر كثيرا في مقبل الأيام !قرب من الشعب امتازت به هذه النخب التي انتجتها الحالة السياسية الجزائرية، تذكرت وأنا أكتب ما أكتب عن شهداء شهر مارس، آخر لقاء لي مع صديقي وزميلي جيلالي اليابس، الذي تم اغتياله في مارس هو الآخر من سنة 1993، من قبل ممثلين لإسلام سياسي عنيف ابتليت به الجزائر، توجه لتصفية نخبة فكرية أنتجتها الجزائر بصعوبة كبيرة، كما فعل الجيش الفرنسي، فقد قلت لجيلالي وأنا أقف معه في الحي الشعبي الذي كان يسكنه، حاملا ابنه الصغير للطبيب، وهو على رأس مركز الدراسات الاستراتيجية، بعد مغادرته لوزارة التعليم العالي، لماذا لا تغادر هذا السكن؟ الوضع خطير أمنيا في حي القبة هذا الذي تسكنه وتخرج منه يوميا بسيارتك، من دون سائق ولا حراسة، دليلة ـ يقصد زوجته ـ ستأتي بعد قليل، لا تكرر أمامها ما قلته لي الآن، حتى لا تخاف أكثر، فهي مرعوبة من الوضع هنا، ها هو رقم تلفون منزلي في نادي الصنوبر، صدقني تحرجت كثيرا للانتقال للسكن فيه، بعد أيام قليلة من هذا اللقاء تم اغتيال جيلالي، في حي القبة نفسه الذي عرفه كطالب في الحي الجامعي ولم يغادره وزيراً.

ناصر جابي

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

Maria Casablanca

رحم الله كل المجاهدين الذين ضحوا بكل ما يملكونه من أجل تحرير الشقيقة الجزائر ………… للاسف الشديد لم يكونوا يظنون أنه يوما ستأتي عصابة من الجنرالات لتسرق ثورتهم وتضحياتهم وتستعمر الجزائر من جديد لتنهب ثروات الشعب وتحرمه من تقرير مصيره في اختيار من يسير شؤونه بشفافية ونزاهة وعدالة ليعيش في حرية الراي والتفكير السياسي دون خوف او اظطهاد وينعم بما رزقه الله من خيرات فرحم الله العربي بن المهدي وكل مجاهد وهب حياته من أجل تحرير الجزائر الشقيقة التي امتزجت أرضها كذلك بدماء المغاربة والتونسيين وصفحات التاريخ شاهدة على تلك الاحداث

المرابط الحريزي

rThk3r6NQ24

قتلو ارهابي في 2020، ولكن الارهابي عاد للحياة  (ولد الحرام ) ثم كان له النظام الخرائري بالمرصاد وألقى عليه القبض في 2022، وسيقتلونه. لكنه ولد الحرام سيعود للحياة، ولكن النظام الخرائري لي هو نظام خرائري سيلقي عليه القبض ثالثة، ثم سيقتله هذه المرة للمرة الاخير، وفي حال يعود الارهابي للحياة مرة رابعة فحينها سيستمر النظام الخرائري في المسرحية للضحك على الشعب الخرائري وهكذا إلى الأبد. استفخر يا خرائري فأنت خرائري. خرائري وعلاش وإلا بلاش ماكاش حيت بوتفليقة مامشاش. كلاش

الجزائر لا يهمها الشهداء ولا الاحرار ... وكل ما يهمها هي القضية الوحيدة التي افقرتها ماديا وسياسية واجتماعيا والتي هي قضية البوليزاريو

لا قضية تهم دار العجزة غير قضية البوليزاريو .

متتبع

قضية الصحراء حسمت

يابغال الرمادية...الرئيس الغير الشرعي بوتبون،الحمار الحمامرة ايا سنكريحة البوال...الى اين وصلتم بعنادكم اين اموال الشعب طيلة 50سنة على قضية وهمية تركها لكم بوخروبة المقبور مصيرهم إلى الجحيم ياحكام العجزة....اتركوا البلاد للكفاءات الشابة نعلة الله عليكم إلى يوم الدين أنتم ورئيسكم بن بطوش الذي فاز ومايزال بالحصة الأولى من أموال المحروقات....