كل الشباب الجزائري الآن، اقتنع بأن الجزائر لأصبحت بلدا غير قابلٍ للعيش، جزء من الشباب يصعد إلى الجبال كي يضع حدا لحياته، ويَذْهَبَ للعيش في العالم الآخر! وجزء من الشباب يرمي بنفسه في البحر، بحثا عن هَرَبٍ من هذه البلاد إلى مكان آخر، يُمَّكِنُه من الحصول على الحد الأدنى من العيش الكريم! والجزء الآخر من الشباب “يتعسكر” أو “يتبولس”، ويقضي عمره في مطاردة إخوانه في الجبال وفي “الباراجات” وفي السواحل بحثا عن مشاريع “الحرقة” والهرب من السجن الكبير المسمى الجزائر!؟
حتى الشباب الذي أفلت من براثن هذه الأصناف، ووجد عملا أو مشروعا من مشاريع “لونساج” ، إذا لم يستخدم الوظيفة أوالقرض مرحليا، لترتيب إجراءات “الحرقة”، فهو يعيش حالة اليأس التام، من إمكانية بناء مستقبله في هذه البلاد! وحتى الشباب الذي ارتبط بطريقة أو بأخرى، مع الذين نهبوا أموال الخزينة العمومية،فهو شباب يعيش الضياع التام ، فلا يستطيع العيش الكريم بما سرقه مع والديه! فأغلبُ هؤلاء، يعيشون في حالة الإقامة الجبرية، فالحراسة على شققهم وأحيائهم ، وفيلاتهم، تكاد تتساوى مع الحراسة على الثكنات والسجون!
الشباب في بلدان أخرى يعيش السَّعادة التامة ، شباب يدرس، ويعمل، ويتزاوج ،ويرقص، ويأكل، ويعيش حياته بطولها وعرضها، أما شبابنا، وحتى الميسور منه يعيش حياة ضنكة، بائسة، ينام على أخبار الارهاب والحرقة ، والصراعات على السلطة ، ويستيقظ على أخبار قوائم الموتى، الذين يُعْلَنُون شهداء! وتُشَّيدَ لهم المقابر، بأعداد أكبر من أعداد تشييد الأحياء السكنية..بلد يعيش كلية في حالة الاندفاع نحو الماضي البائس ، ليعيش فيه شباب يتطلع إلى المستقبل مثل كل شباب العالم!
حتى السُراقْ في الجزائر ، لم يعودوا يرتاحون إلى العيش في الجزائر، صُحبَة ما سرقوه! لهذا نلاحظ هروب كل السُراق بأموالهم نحو الخارج! فبلدنا لم يعد صالحا حتى لأن يعيش به السراق!؟
منذ أيام قال لي أحد العاملين في المجال العقاري، بان الجزائر تعرف هذه الأيام ، إنهيارا في أسعار العقارات! لأن كل الناس يحاولون البيع ، يعضهم يريد البيع والرحيل عن هذه البلاد! والبعض الآخر يريد البيع لمواجهة أعباء الحياة الجديدة والتي أزمها الغلاء والركود، والبطالة! وحتى الأزمة التي تعرفها قطاعات التعليم والصحة، أصبحت هي الأخرى من اسباب الانهيار العقاري، لأن الناس يبيعون أيضا من أجل تمويل التعليم لأبنائهم خارج الوطن، سواء في الشرق الأوسط ، أو أوروبا الشرقية والغربية! وحتى في دول أخرى كأمريكا اللاتنية!
الجميع يريد مغادرة البلاد، لهذا السبب أو ذاك؟ المهم المغادرة! ومع ذلك لا تزال السلطة تعتقد أنها بامكانها اقناع الشعب بوجود “جزائر جديدة” يقبلها الشباب!؟
سعد بوعقبة
تعليقات الزوار
لا تعليقات