حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن التكتل يواجه مشاعر عداء متزايدة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي بل وخارجه أيضا بسبب اتهامات بالتحيز لإسرائيل وازدواجية المعايير بشأن الحرب في غزة.
وقال بوريل إنه يخشى أن يؤدي مثل هذا الشعور بالمرارة إلى تقويض الدعم الدبلوماسي لأوكرانيا في جنوب العالم وإضعاف قدرة الاتحاد الأوروبي على الإصرار على بنود حقوق الإنسان في الاتفاقيات الدولية.
وقال إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يبدي "المزيد من التعاطف" إزاء ما يتكبده المدنيون الفلسطينيون من خسائر في الأرواح في الحرب الإسرائيلية التي بدأت ردا على هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عبر الحدود على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وجاءت تصريحات بوريل في مقابلات مع رويترز خلال جولة استمرت خمسة أيام في الشرق الأوسط زار خلالها أنقاض كيبوتس بئيري، الذي كان هدفا رئيسيا في هجوم حماس، والضفة الغربية وحضر مؤتمرا أمنيا إقليميا في البحرين وعقد مقابلات في قطر والأردن.
واستمع بوريل خلال الجولة التي اختتمها مساء يوم الاثنين إلى شكاوى الزعماء العرب ونشطاء المجتمع المدني الفلسطيني من أن الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة لا يتعامل مع حرب إسرائيل في غزة بنفس المعايير التي يطبقها على حرب روسيا في أوكرانيا.
وقال بوريل "انتقدوا جميعا بالفعل موقف الاتحاد الأوروبي ووصفوه بالتحيز".
وقال وهو يلوح بهاتفه المحمول إنه تلقى بالفعل رسائل من بعض الوزراء تشير إلى أنهم لن يدعموا أوكرانيا في المرة القادمة التي يجري فيها تصويت في الأمم المتحدة.
وأضاف "إذا استمرت الأمور على هذا المنوال لبضعة أسابيع (سيتزايد) العداء تجاه الأوروبيين".
وردا على الانتقادات شدد بوريل على أن حياة البشر لها نفس القيمة في كل الأماكن، وأن الاتحاد الأوروبي حث بالإجماع على هدن إنسانية فورية لتوصيل المساعدات للفلسطينيين في غزة وضاعف مساعداته الإنسانية للقطاع إلى أربعة أمثال.
لكن الزعماء العرب يريدون وقفا فوريا للقصف الإسرائيلي الذي قتل ما لا يقل عن 13300 فلسطيني، من بينهم 5600 طفل على الأقل، وفقا للحكومة التي تديرها حماس في غزة.
وانتقدوا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لعدم إدانتهما حملة القصف الإسرائيلية على غزة، على النقيض من رد فعل الغرب على غزو روسيا لأوكرانيا.
وتصر إسرائيل على أنها ترد على الهجوم الأكثر دموية في تاريخها، والذي تقول الإحصائيات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة.
وتقول إنها تهاجم المناطق المدنية التي تعمل بها حماس، وتحاول تجنب الخسائر البشرية بين الأبرياء.
* اختلافات شديدة في الرؤى الأوروبية
كلف الاتحاد الأوروبي بوريل بصفته مسؤول السياسة الخارجية بصياغة مواقف مشتركة بين دوله الأعضاء.
وللاتحاد الأوروبي، الذي تقع دوله في جوار الشرق الأوسط وموطن لعدد كبير من اليهود والمسلمين، دور كبير يضطلع به في الأزمة الأخيرة. ورغم أنه ليس بنفس مستوى الولايات المتحدة، يتمتع التكتل بوزن دبلوماسي في المنطقة كونه، بشكل خاص، أكبر مانح للمساعدات للفلسطينيين.
لكن التكتل يجد صعوبة في اتخاذ موقف موحد، باستثناء إدانة هجوم حماس. واقتصرت جهوده إلى حد كبير على دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في إطار القانون الدولي والدعوة إلى هدن من القتال.
وفي الوقت نفسه، أكدت دول أعضاء بصورة منفردة، مثل ألمانيا والنمسا وجمهورية التشيك والمجر، دعمها القوي لإسرائيل بينما انتقدت دول أخرى مثل أيرلندا وبلجيكا وإسبانيا العمل العسكري الإسرائيلي.
ودعت فرنسا إلى هدنة إنسانية من شأنها أن تمهد الطريق لوقف إطلاق النار.
وأعلن بوريل، وهو سياسي اشتراكي إسباني مخضرم، الشهر الماضي أن بعض تصرفات إسرائيل تتعارض مع القانون الدولي مما أثار انزعاج بعض دول الاتحاد الأوروبي.
وتجنب بوريل مثل هذه الانتقادات العلنية المباشرة خلال جولته. كما سعى إلى إظهار تفهمه للألم الذي يشعر به الإسرائيليون واسترجع تجربته الخاصة في أحد التجمعات السكنية الإسرائيلية (كيبوتس) في الستينيات.
لكنه قال إن على الاتحاد الأوروبي أيضا أن يبذل المزيد من الجهود لكي يظهر أنه يهتم أيضا بحياة الفلسطينيين، وقد يتحقق ذلك من خلال توجيه دعوات أقوى لإيصال المساعدات إلى غزة وتجديد المسعى لإقامة دولة فلسطينية في إطار ما يسمى "حل الدولتين".
تعليقات الزوار
لا تعليقات