تخطت حصيلة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الاثنين 25 ألف قتيل فيما أنقذ أشخاص بأعجوبة السبت وسط عمليات البحث المتواصلة، واستحدثت مقابر في ظل وضع أمني صعب وطقس شديد البرودة.
ويبذل المسعفون جهوداً مضنية لسحب أحياء من تحت أنقاض المباني وبينهم أطفال، بعد خمسة أيام من وقوع الكارثة وتزامناً مع ذلك علق الجيش النمساوي عمليات الإنقاذ في تركيا صباح السبت، مشيراً إلى "الوضع الأمني" في المكان.
وقال متحدث في فيينا "وقعت هجمات بين مجموعات" من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأوضح أنّ 82 جندياً نمساوياً احتموا في قاعدة في محافظة هاتاي "مع منظمات دولية أخرى بانتظار توجيهات".
وبعد الظهر، أكد المصدر نفسه أن اثنين من النمساويين تمكنا من استئناف البحث مع كلاب، "بحماية الجيش التركي" فيما قالت السفارة التركية في فيينا، إن "الفريق النمساوي لا يعاني حاليا من مشاكل أمنية".
وفي ألمانيا قال المتحدث باسم الفرع الألماني لمنظمة"ايزار" غير الحكومية ستيفان هاين السبت إن المنظمة والهيئة الفدرالية للإغاثة الفنية "أوقفتا عمليات الانقاذ في تركيا".
وأضاف "في الساعات الاخيرة تغير الوضع الأمني على ما يبدو في محافظة هاتاي. يصل مزيد من التقارير عن اشتباكات بين مجموعات مختلفة، إضافة إلى حدوث إطلاق نار".
يعتصرني الحزن
ووصل المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس السبت الى مدينة حلب في شمال سوريا، التي تضرّرت بشدة جراء الزلزال.
وقال على موقع تويتر "يعتصرني الحزن لمعاينة الظروف التي يواجهها الناجون من طقس بارد ووصول محدود للغاية الى المأوى والطعام والمياه والدفء والرعاية الطبية".
وجال غيبرييسوس برفقة وزير الصحة على أحياء متضررة في مدينة حلب. كما زار مستشفى ومركز إيواء.
وبحسب آخر التقارير الرسمية السبت، أدى الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات إلى مقتل أكثر من 25401 شخص. وأفاد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أثناء زيارة لمدينة شانلي اورفا (جنوب شرق) أنه عثر على 21848 جثة في تركيا، فيما أحصت السلطات في سوريا 3553 قتيلاً.
وتعهد أردوغان ببدء العمل في إعادة بناء المدن "في غضون أسابيع"، قائلا إن مئات الآلاف من المباني صارت الآن غير صالحة للسكن، بينما أصدر تحذيرات صارمة بالتعامل مع المتورطين في عمليات النهب بالمناطق المتضررة من الزلزال.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الذين تضرروا بالزلزال قد يبلغ 23 مليون شخص، بما في ذلك في سوريا، بينهم نحو خمسة ملايين في وضع هش. وأعربت عن خشيتها من أزمة صحية كبرى قد تتجاوز أضرارها خسائر الزلزال.
وعبّرت منظمات إنسانية عن قلقها من انتشار وباء الكوليرا الذي ظهر مجددًا في سوريا.
ووافقت الحكومة السورية الجمعة على ايصال مساعدات إنسانية إلى مناطق خارج سيطرتها في شمال البلاد بعد مرور نحو خمسة أيام على الزلزال المدمر، وفق ما نقلت وكالة الإعلام السورية الرسمية (سانا).
وشرّد الزلزال ما يصل إلى 5.3 ملايين شخص في سوريا وحدها، على ما حذرت الأمم المتحدة.
وفُتح السبت معبر بين أرمينيا وتركيا للمرة الأولى منذ 35 عاما من أجل السماح بمرور مساعدات إنسانية بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة.
وعبرت خمس شاحنات محمّلة بمساعدات لضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الاثنين معبر أليكان في محافظة إغدير.
هل العالم هنا؟
وفي تركيا، تم إنقاذ طفلة تبلغ عامين وتُدعى آسيا في محافظة هاتاي (جنوب)، بحسب وسائل إعلام تركية، لكن لم يتم العثور على أسرتها بعد.
وتمكنت طواقم الإنقاذ من سحب امرأة تبلغ 70 عامًا وتدعى منيكسي تاباك من تحت الأنقاض، في محافظة كهرمان مرعش التركية، وسط صيحات "الله أكبر"، وفقًا لمقطع فيديو بثته محطة "تي آر تي هابر" العامة. وسألت المرأة عندما خرجت إلى النور "هل العالم هنا؟".
وتمكنت فرق الإنقاذ من انتشال أمّ تدعى أوزلم يلماز (35 عاما) وابنتها خديجة (6 أعوام) على قيد الحياة من تحت أنقاض مبنى بعد 117 ساعة على الزلزال في محافظة أدي يامان جنوب شرق البلاد.
ونقلت الأم وطفلتها بسيارة إسعاف إلى المستشفى، عقب تقديم طبيب أميركي الإسعافات الأولية لهما.
وأعلنت منظمة ألمانية غير حكومية وفاة امرأة تبلغ 40 عامًا متأثرة بجروحها، بعدما أنقذها فريق إغاثة ألماني في كيريخان (جنوب تركيا) الجمعة إثر قضائها أكثر من 100 ساعة تحت الأنقاض.
وفي جنوب تركيا، تحولت مواقف سيارات وملاعب وصالات رياضية إلى أماكن لوضع الجثث، حيث توجهت عائلات منكوبة للبحث عن أقاربها المفقودين.
وقالت توبا يولكو بقلق، بينما كانت تبحث عن عمتها المفقودة بين الجثث المصطفة في مجمع رياضي في كهرمان مرعش "فليساعدني الله على إيجادها".
وأكدت الوكالة الحكومية لإدارة الكوارث الطبيعية مشاركة حوالى 32 ألف شخص بعمليات البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى أكثر من ثمانية آلاف مسعف أجنبي. كذلك ينتشر أكثر من 25 ألف جندي تركي في المناطق المتضررة، وفقًا لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار.
توقيفات
وأوقف السبت نحو 12 مقاولا في تركيا بعد انهيار آلاف المباني جنوب شرق البلاد جراء الزلزال، وبين الموقوفين مقاول في محافظة غازي عنتاب و11 في محافظة شانلي اورفا.
ويثير انهيار المباني الذي يكشف انها شيدت بطريقة رديئة، الأمر الذي لم يترك فرصة لسكانها للنجاة، غضباً في البلاد.
وتتدفق المساعدات الإنسانية الدولية إلى تركيا، لكن الوصول إلى سوريا أكثر تعقيدًا إذ تشهد البلاد حرباً ويخضع نظامها لعقوبات الدولية.
وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصّصة لشمال غرب سوريا عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود. لكن الطرق المؤدية الى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما أثر موقتاً على قدرة الأمم المتحدة على استخدامه.
وبعدما بقيت مدينة جبلة السورية في محافظة اللاذقية لسنوات بمنأى عن الحرب والمعارك، أعلنت الحكومة المدينة منطقة منكوبة كحال المناطق الأخرى المتضررة جراء الزلزال.
وقال النجّار عبدالهادي العجي "إنها المرة الأولى التي تشهد فيها جبلة فاجعة مماثلة، أبلغ 52 عاماً ولم أر شيئاً مماثلاً في حياتي". وأضاف العجي، وهو أب لأربعة أطفال ويقطن حالياً في منزل متصدّع "إنه رعب لا يُمكن وصفه".
إنه رعب لا يُمكن وصفه
وفي دمشق، دعت وزارة الإعلام السورية عصر السبت الصحافيين الى مواكبة دخول "قافلة مساعدات إنسانية وإغاثية جهّزتها الدولة السورية لدخول محافظة إدلب عبر معبر" مدينة سراقب الواقعة في إدلب (شمال غرب) والفاصلة بين مناطق سيطرة الفصائل والحكومة السورية.
ونقلت جريدة الوطن المحلية المقربة من السلطات عن مصدر "إغاثي" في دمشق قوله "حصلنا على الموافقة لإدخال قافلة المساعدات إلى إدلب".
وجاء هذا الإعلان بعد إعلان زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أبومحمّد الجولاني رفضه دخول مساعدات من مناطق الحكومة السورية.
وقال الجولاني في مؤتمر صحافي عقده ليل الجمعة، تمّ نشره السبت على تطبيق تلغرام، "ثمة طرح من الأمم المتحدة لإدخال المساعدات من مناطق النظام، وليس لدينا فرق جاهزة لتأمين هذه الشحنات من مناطق النظام".
وأضاف "معبر باب الهوى موجود ولا حاجة لأن نوفر فرق خاصة لدخول مساعدات مناطق النظام"، متابعاً "من يريد أن يساعد، باب الهوى مفتوح".
وواصل الرئيس السوري بشار الأسد برفقة عقيلته أسماء تفقد المناطق المتضررة، في جولة بدأها الجمعة في مدينة حلب (شمال)، وقادته السبت الى محافظة اللاذقية حيث زار مركز إيواء للمتضررين من الزلزال.
وأثنى الأسد في تصريحات للصحافيين على "التعاطف العربي" مع بلاده إزاء الكارثة، منتقداً في الوقت نفسه موقف الدول الغربية التي اتهمها بـ"تسييس الوضع في سوريا". كما زار الأسد مدينة جبلة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات