لم يكد يهدأ الجدل بشأن الأنباء عن استقبال ميناء الإسكندرية المصري سفينة محملة بالمواد المتفجرة للاحتلال الإسرائيلي، حتى اشتغل الغضب في مصر بعد انتشار مقطع مصور لسفينة حربية إسرائيلية تمر في قناة السويس، وسط اندهاش واستياء عدد من المصريين الموجودين على ضفة القناة.
بررت هيئة قناة السويس في بيان السماح بمرور السفينة الإسرائيلية بالتزامها بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة، سواء كانت سفناً تجارية أو حربية دون تمييز لجنسية السفينة، وذلك اتساقاً مع بنود اتفاقية القسطنطينية التي تشكل ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة كأهم ممر بحري في العالم.
وقالت الهيئة في بيان، إن عبور السفن الحربية لقناة السويس يخضع لإجراءات خاصة.
وبحسب بيان الهيئة فإن اتفاقية القسطنطينية التي وُقّعت عام 1888، رسمت منذ ذلك الوقت الملامح الأساسية لطبيعة التعامل الدولي لقناة السويس، حيث حفظت حق جميع الدول في الاستفادة من هذا المرفق العالمي، والتي عبّرت عنها الاتفاقية في مادتها الأولى بالنص على أن تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة ومفتوحة سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها.
الباحثة القومية والكاتبة المصرية رباب يحيى، رفضت تبرير الهيئة السماح لسفن إسرائيل الحربية بالمرور حسب اتفاقية القسطنطينية، وقالت لـ”القدس العربي”، إن مصر لم توقّع على اتفاقية القسطنطينية، لأنها وقت التوقيع، لم تكن دولة حرة ذات سيادة وإنما كانت ولاية عثمانية واقعة تحت الاحتلال البريطاني. وبيّنت أن الاتفاقية وقّع عليها مندوبو إنجلترا وفرنسا والنمسا وإيطاليا وروسيا والدولة العثمانية وإسبانيا وهولندا في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1888. وقناة السويس بموجب هذه الاتفاقية أو المعاهدة ظلت أرضا مصرية مع ترتيب حق ارتفاق عليها ينحصر فقط في حرية مرور السفن.
وزادت: “على الرغم من ذلك، سيطرت إنجلترا على القناة أثناء الحرب العالمية الأولى ومنعت مرور سفن أعدائها التجارية والحربية منها، وكذلك فعلت في الحرب العالمية الثانية، ما يعني أنه يحق لك منع مرور السفن لأن هناك سوابق بذلك”.
حزب المحافظين المصري استنكر التصريحات الصادرة عن هيئة قناة السويس بشأن التزامها باتفاقية القسطنطينية، والتي سمحت بموجبها بعبور سفينة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في طريقها لإبادة الفلسطينيين.
وقال الحزب في بيان، إنه يرفض رفضاً قاطعاً الاحتماء بنصوص اتفاقيات دولية عفا عليها الزمن في وقت تشن فيه إسرائيل حرب إبادة جماعية على أشقائنا في غزة.
وزاد: “من السخرية والمفارقة المؤلمة أن نتمسك باتفاقيات دولية مع كيان يضرب بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية، ويخرق حتى اتفاقياته المباشرة مع مصر، بما فيها تفاهمات محور فيلادلفيا”.
وطالب الحزب بمراجعة فورية لهذا الموقف بما يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية الجارية، وعدول مصر عن هذا الموقف المخزي وتقديم الاعتذار ومنع مرور السفن العسكرية لإسرائيل وحلفائها في ممر قناة السويس حتى تتوقف إسرائيل عن حربها على فلسطين ولبنان، وأن تلتزم بالاتفاقيات والقرارات الدولية.
وأمام حالة الغضب التي انتابت المصريين، خرج إعلاميون محسوبون على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لتبرير عبور السفن الحربية. وقال الإعلامي أحمد موسى، إن اتفاقية القسطنطينية وضعت الأسس الأساسية للتعامل الدولي مع قناة السويس، حيث ضمنت حق جميع الدول في الاستفادة من هذا الممر العالمي.
وأضاف خلال تقديم برنامج “على مسؤوليتي”، على قناة “صدى البلد”، أن المادة الأولى من الاتفاقية نصت على أن تكون قناة السويس مفتوحة وحرة دائما، سواء في أوقات الحرب أو السلم، أمام جميع السفن التجارية والحربية دون تمييز بناءً على الجنسية.
وتابع: “أوجه كلامي للمواطنين أقولكم اطمئنوا هناك اتفاقيات، وفي حالة منع مرور أي سفينة يتم تدويل السفينة، وأعداء الوطن يريدون ردم قناة السويس”.
وتابع: “الخسائر في إيرادات قناة السويس تجاوزت أكثر من 6 مليارات دولار بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وأماني إسرائيل والإخوان أن تمنع مصر أي سفينة من المرور في قناة السويس؛ لكي تذهب إسرائيل للأمم المتحدة وتطلب تدويل القناة”.
وأكمل: “فرقاطة عسكرية مرّت من أمام الحوثيين ولم يضربوها نهائيا، لماذا تركتوها تعبر وهي رافعة علم إسرائيل، للأسف كل الهجمات التي نفذتها كانت ضد سفن غير إسرائيلية، وعندما مرت سفينة إسرائيلية لم تهاجمها”، لافتا إلى أن قناة السويس ممر عالمي يخدم حركة الملاحة البحرية على مستوى العالم، ولا يمنع مرور أي سفن إلا في حالة وجود حرب ضد مصر.
وواصل: “كم الشائعات التي نتعرض لها سببها الطابور الخامس وجماعة الإخوان وإسرائيل، لو هناك دولة غير مصر تتعرض لهذه الشائعات؛ لم تكن قادرة على الصمود”.
وردّ مرتضى منصور، البرلماني السابق، ورئيس نادي الزمالك سابقا، على تعليق أحمد موسى، وكتب على صفحته في فيسبوك: “يا خسارة.. الحاخام الصهيوني يهاجم كل من تجرأ من المصريين واعترض على مرور سفينة صهيونية من ممر قناة السويس المائي، ويهدد المسؤولين المصريين بتدويل القناة إذا ما استجابوا للرأي العام المصري الوطني الغاضب، ومنعوا مرور سفن المجرمين، وطالب الجميع باحترام اتفاقية القسطنطينية التي لم تكن الدولة المصرية طرفا فيها، بل أطرافها إنجلترا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية والدولة العثمانية”.
ووجّه منصور سؤالا لموسى: “أليست المادة 10 من الاتفاقية تمنح مصر الحق في المنع إذا كانت الدولة مالكة السفينة تهدد الأمن القومي المصري، والكيان الصهيوني يهدد أمننا القومي من الجبهة الشرقية، ولم يتجرأ الحاخام أن يذكر الصهاينة بأنهم ألقوا اتفاقية كامب ديفيد المشبوهة المرفوضة من المصريين في سلة المهملات واحتلوا ممر فيلادلفيا ضاربين بالاتفاقية عرض الحائط، وفي نفس صندوق القمامة كان مصير اتفاقية أوسلو، وأعادوا احتلال غزة والضفة وبنوا آلاف المستعمرات بالمخالفة للاتفاقية”.
وواصل منصور: “طمني على عشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ألزمت الكيان الصهيوني بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود ما قبل 5 يونيو/ حزيران 1967، ولم يحترم الصهاينة هذه القرارات، وكان مصيرها أيضا صندوق القمامة في تواليتات تل أبيب”.
وختم منصور رسالته إلى موسى ساخرا: “أيها الحاخام الصهيوني.. يا ريت تخبرنا أين أحكام محكمة العدل الدولية التي أمرت أقاربك بوقف الإبادة الجماعية فورا لشعبنا العربي الفلسطيني، طبعا عرفت أين مصير الأحكام، هل أخبرك أم ستغضب؟”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات