استشهد 11 شخصا بينهم طفلة وعنصران من حزب الله في لبنان وأصيب نحو ثلاثة آلاف بجروح الثلاثاء في انفجارات متزامنة لأجهزة تلقي الإشعارات (بايجر) حمَّل الحزب إسرائيل “المسؤولية الكاملة” عنها.
وقال حزب الله في بيان إنّه “بعد التدقيق في كل الوقائع والمعطيات الراهنة والمعلومات المتوافرة حول الاعتداء الآثم… فإنّنا نحمّل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي… هذا العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل”.
وكانت قوى الأمن الداخلي قد ذكرت، في بيان، “تعرضت أجهزة اتصالات لاسلكية من أنواع معينة في عدد من المناطق اللبنانية ولا سيما في الضاحية الجنوبية للتفجير؛ مما أدى إلى سقوط إصابات”.
وناشدت “المواطنين إخلاء الطرق تسهيلا لإسعاف المصابين ونقلهم إلى المستشفيات”.
كما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بوقوع “حدث أمني معادٍ غير مسبوق في الضاحية الجنوبية لبيروت إضافة إلى العديد من المناطق اللبنانية”.
وأوضحت أنه “تم بواسطة تقنية عالية تفجير نظام البيجر المحمول باليد”.
وقال مسؤول كبير في حزب الله إن حسن نصر الله الأمين العام للحزب “بخير ولم يصب بأي أذى”.
وقالت وكالة مهر الإيرانية للأنباء إن مجتبى أماني، السفير الإيراني لدى لبنان، أصيب في انفجار جهاز بيجر.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني “أصيب السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني في انفجار جهاز اتصال”، مضيفا أنه “بكامل وعيه، ولا يوجد أي خطر عليه”.
وأفاد مصدر مقرب من حزب الله بأن “العشرات من عناصر حزب الله أصيبوا بجروح في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت بعد انفجار أجهزة الاتصال”، مضيفاً أن “المستشفيات تطلب دما” إثر ذلك.
وأكد مصدر آخر مقرب من حزب الله أن الحادث “خرق إسرائيلي”.
من بين الشهداء طفلة تبلغ عشر سنوات لاقت حتفها جراء انفجار جهاز اتصال عائد الى والدها الذي كان بقربها، وهو عنصر في حزب الله، بحسب عائلتها.
وقالت العائلة إن “طفلة تبلغ عشر سنوات استشهدت في البقاع إثر انفجار جهاز اتصال عائد لوالدها بالقرب منها”.
بالتزامن، أفادت مصادر في شرطة النظام السوري بانفجار سيارة على الطريق الواصل بين نفق المواساة ودوار كفرسوسة بدمشق.
وأشارت المصادر إلى انفجار جهاز لاسلكي داخل السيارة، وتم نقل أربعة أشخاص إلى مشفى المواساة بدمشق.
وطلب حزب الله من عناصره عدم استخدام الهواتف المحمولة لتفادي أي خرق إسرائيلي، ووضع بديل عنها.
وتردد أن هذه العملية جاءت رداً على زعم تل أبيب عن إحباط محاولة حزب الله اغتيال رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي من خلال عبوة ناسفة، فتم اختراق إلكتروني أمني في خطوة شكلت مفاجأة حتى لوزير الاتصالات جوني القرم، الذي نفى علمه بكيفية دخول هذا النوع من الأجهزة إلى لبنان، فيما استنفرت حكومة تصريف الأعمال التي كانت مجتمعة. وغادر وزير الصحة فراس الأبيض الاجتماع وأوعز إلى المستشفيات كافة لاستقبال المصابين الذين تخطت أعدادهم قدرتها الاستيعابية. وطلبت المستشفيات التبرع بالدم من مختلف الفئات، وقد لبّى العديد من المواطنين النداء وبينهم من حضر من المخيمات الفلسطينية تقديراً لوقوف “حزب الله” إلى جانب غزة.
ترقب للتصعيد
وفيما يُرتقب رد حزب الله على هذا الاختراق الكبير، فإن هذين التطورين الخطيرين يدفعان في اتجاه مزيد من التصعيد الميداني تزامناً مع التهديدات الإسرائيلية بتوسيع رقعة الحرب.
وأوردت مصادر مطلعة أن “ما حصل من تفجير لأجهزة “بيجر” هو عمل أمني محدود بنوعية محددة من الأجهزة وصلت إلى “حزب الله” أخيراً وأن ليس كل الأجهزة التي يمتلكها عناصر الحزب انفجرت”. وشرحت “أن أجهزة “بيجر” الحديثة التي استقدمها “حزب الله” تتميز باحتوائها على بطاريات ليثيوم حيث تمكنت إسرائيل من اختراق الموجة التي يعمل عليها عناصر الحزب، وإرسال بيانات هائلة عليها في اللحظة ذاتها، ما يؤدي إلى حماوة كبيرة في البطارية قبل انفجارها”. وذكرت مصادر أمنية لوكالة “رويترز” أن “أجهزة الاتصال هذه هي أحدث شحنة زُوّد حزب الله عناصره بها”.
وقد أعلن “حزب الله” في بيان أولي، أنه “قرابة الساعة 03:30 من بعد ظهر يوم الثلاثاء 17-09-2024 انفجر عدد من أجهزة تلقي الرسائل المعروفة بالـ”بيجر” والموجودة لدى عدد من العاملين في وحدات ومؤسسات “حزب الله” المختلفة، وقد أدّت هذه الانفجارات الغامضة الأسباب حتى الآن إلى استشهاد طفلة واثنين من الأخوة وإصابة عدد كبير بجراح مختلفة”. وأشار إلى “أن الأجهزة المختصة في الحزب تقوم حاليًا بإجراء تحقيق واسع النطاق أمنيًا وعلميًا لمعرفة الأسباب التي أدّت إلى تلك الانفجارات المتزامنة، وكذلك تقوم الأجهزة الطبية والصحية بمعالجة الجرحى والمصابين في عدد من المستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية”. وختم: “نسأل الله تعالى الرحمة لشهدائنا الأبرار على طريق القدس، وندعو للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل، وندعو أهلنا الكرام إلى الانتباه من الشائعات والمعلومات الخاطئة والمضلّلة التي تقوم بها بعض الجهات بما يخدم الحرب النفسية لمصلحة العدو الصهيوني، لا سيما أن ذلك يترافق مع خطابات التهويل والتهديد للعدو الصهيوني وما يُسمّيه بتغيير الوضع في الشمال، ونؤكد أن المقاومة بكافة مستوياتها ومختلف وحداتها في أعلى جهوزية للدفاع عن لبنان وشعبه الصامد”.
رد “حزب الله”
ثم أصدر “حزب الله” بياناً أخر توعّد فيه العدو بالقصاص، وجاء فيه: “بعد التدقيق في كل الوقائع والمعطيات الراهنة والمعلومات المتوفرة حول الاعتداء الآثم الذي جرى بعد ظهر هذا اليوم فإننا نحمّل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي والذي طال المدنيين أيضًا وأدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة عدد كبير بجراح مختلفة”. وقال “إن شهداءنا وجرحانا هم عنوان جهادنا وتضحياتنا على طريق القدس، انتصارًا لأهلنا الشرفاء في قطاع غزة والضفة الغربية وإسنادًا ميدانيًا متواصلًا وسيبقى موقفنا هذا بالنصرة والدعم والتأييد للمقاومة الفلسطينية الباسلة محل اعتزازنا وافتخارنا في الدنيا والآخرة”. وختم “إن هذا العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل على هذا العدوان الآثم من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، والله على ما نقول شهيد.”.
وأعلن المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل “لاحقين على الرد”، فيما قال النائب عمار “ما حصل عدوان إسرائيلي وسنتعامل مع العدو باللغة التي يفهمها”.
محاولة اغتيال كوخافي
تعليقاً على تفجير أجهزة الاتصال، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن مستشارًا مقرّبًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قد أثار جدلاً بعد أن ألمح في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن إسرائيل قد تكون وراء تفجير الأجهزة. وبعد أن أثار المنشور ضجة إعلامية، سارع المستشار إلى حذفه.
وكان جيش الإحتلال اتهم “حزب الله” بالتخطيط لاغتيال مسؤول أمني باستخدام عبوة ناسفة. وذكر في بيان أن: “حزب الله يواصل تصعيد الأوضاع في المنطقة وجرّها نحو منزلقات خطيرة”. وادّعى أنه “في عملية مشتركة لجهاز الأمن العام الشاباك تم إحباط عملية إرهابية بواسطة عبوة ناسفة لحزب الله كان يخطط لها أن تستهدف مسؤولا سابقا في المؤسسة الأمنية وكان يخطط لتنفيذها في الأيام القليلة المقبلة”، مشيراً إلى أنه من “خلال العملية كشف جهاز الشاباك عبوة ناسفة من نوع كليماغور التي يعرف باستعمالها من قبل حزب الله والتي كانت مخصصة لاستهداف الشخصية، وكانت العبوة الناسفة مرتبطة بجهاز تفعيل عن بعد والذي كان يحتوي على كاميرا وهاتف نقال بهدف تفعيلها من قبل حزب الله من لبنان”. وأضاف: “لقد حالت الجاهزية العملياتية وأنشطة القوات دون تنفيذ هذه العملية الإرهابية التي كانت في مراحل تنفيذها الأخيرة. وتشير التقديرات في المؤسسة الأمنية إلى وقوف الجهات داخل حزب الله المتورطة في الحادث الحالي خلف العملية في 2023 حيث كانت هذه الشبكة الإرهابية تحت المتابعة لفترة طويلة”.
اتصالات ميقاتي
وفي مواكبة للحدث الأمني الخطير، أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالات عاجلة اتصالات عاجلة بقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية واطلع منهم على ملابسات الانفجارات التي حصلت في عدد من المناطق اللبنانية على عدد من أجهزة الاتصال اللاسلكي.
وخلال جلسة لمجلس الوزراء ترأسها في السرايا، أجرى ميقاتي اتصالاً بوزير الصحة واطلع منه على الوضع الصحي والاستشفائي الطارئ واستنفار كل أجهزة الوزارة لنقل الجرحى إلى المستشفيات ومعالجتهم. كذلك، أطلع رئيس الحكومة مجلس الوزراء على ما توافر من معلومات وتحقيقات فأكد مجلس الوزراء مجتمعاً “إدانته هذا العدوان الاسرائيلي الاجرامي والذي يشكل خرقاً خطيراً للسيادة اللبنانية واجراماً موصوفاً بكل المقاييس”. وشدد مجلس الوزراء على “أن الحكومة باشرت على الفور القيام بكل الاتصالات اللازمة مع الدول المعنية والأمم المتحدة لوضعها امام مسؤولياتها حيال هذا الاجرام المتمادي”.
وزار الرئيس ميقاتي النائب علي عمار في الضاحية لتعزيته باستشهاد نجله، وأفيد أيضاً بإصابة نجل النائب حسن فضل الله ونجل مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا وعدد من مرافقي أمين عام الحزب حسن نصرالله.
ومن جهتها، نددت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالعدوان الإسرائيلي على المنطقة. وقالت إن التفجيرات تصعيد “لن يقود كيان الاحتلال الإرهابي إلا لمزيد من الفشل والهزيمة”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات