خاطب الممثل الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة، السفير طاهر السني، أعضاء مجلس الأمن الدولي صباح اليوم الثلاثاء، معبراً عن إحباطه من موقف مجلس الأمن الدولي، قائلا: “سمعت الكثير من التعبيرات عن القلق والادانات والمناشدات. ولم أسمع شيئا عن الحلول العملية”.
وقال السني إنه استمع إلى الإحاطات من السيدة ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، والتي تضمنت الكثير من النصائح والإرشادات والإقرار بحالة الجمود. “وهذه ليست مفاجئة. فهي متوقعة وقد حذرنا منها مرارا وتكرارا”.
وقال إن الصراع المسلح بات يلوح في الأفق والخاسر الأكبر سيكون الشعب الليبي. وحذر من انهيار الاستقرار المؤقت الذي شهدته ليبيا والعواقب ستطال ليس ليبيا فقط بل المنطقة كلها. وسأل السفير السني أعضاء المجلس: “ما هي خطتكم لدعم ليبيا وما هو موقف هذا المجلس مما يحدث في ليبيا وإلى متى تظل هذه الإحاطات (الدورية) وكأنها نشرات اخبارية لما يحدث في بلادي”.
وقال إن هذا المجلس فشل في اتخاذ أي خطوات عملية وخاصة محاسبة المعطلين. وأكد أن التدخلات الخارجية في ليبيا ازدادت بشكل واضح ومفضوح. وأعرب السفير الليبي عن استيائه من فشل المجلس في الاتفاق على مبعوث خاص لليبيا منذ شغر المنصب قبل أربعة شهور، مما زاد من تعقّد الأوضاع. وقال “إن القيادة الدولية فشلت حل الأزمة الليبية تحت الفصل السابع. فماذا نتوقع؟”.
وحذر السفير السني من الخطوات الأحادية التي يتخذها أي من الأطراف والتي من شأنها تعقيد الأمور مثلما فعل مجلس النواب مؤخرا بقرار أحادي بسحب السلطات التنفيذية خارج الإطار السياسي ما يفتح المجال من اتخاذ قرارات شبيهة من الجهات الأخرى.
وقال إن المشكلة في ليبيا ليست قانونية بل سياسية بامتياز. وانتقد السفير الليبي تدخل بعض الدول في الشؤون الليبية الداخلية وخرق القرارات الدولية وتعزيز الانقسامات الداخلية عبر تعاملها الرسمي مع مؤسسات خارج إطار الوساطة والحيادية.
ودعا السفير تلك الدول للتعامل مع الأوضاع في ليبيا بطريقة إيجابية وحيادية للمساهمة في خروج ليبيا من المأزق الذي تعيشه الآن. وأكد أن الحل يكمن في وحدة الليبيين وإنهاء الانقسام والمراحل الانتقالية الهشة وذلك عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة التي تأخرت كثيرا. “إن الاحتكام للشعب هو الحل وعبر التوافق بين الليبيين والتوجه لمسار سياسي يبنى على ما تم التوافق عليه سابقا والاتفاق على خارطة طريق متفق عليها في مدة زمنية تفضي إلى انتخابات عامة بإشراف دولي. الشعب الليبي يريد أن يحدد شكل الدولية وهوية نظامها من خلال الدستور الدائم كما يرفض أي تدخل خارجي في القرار الليبي الوطني الخالص”.
وكان مجلس الأمن الدولي قد استمع عبر الفيديو إلى إحاطة من السيدة ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة في ليبيا (أونسميل) بشأن الوضع في ليبيا، نبهت فيها إلى أنه على مدى الشهرين الماضيين، تدهور الوضع في ليبيا بسرعة كبيرة من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.
وأشارت خوري إلى العديد من التطورات الأمنية في البلاد بما فيها اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة في تاجوراء، شرقي طرابلس، في 9 آب/أغسطس بين مجموعتين مسلحتين مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين وتدمير الممتلكات، وتحرك الجيش الوطني الليبي من جانب واحد نحو الأجزاء الجنوبية الغربية من ليبيا مما دفع القوات والجماعات في غرب البلاد إلى التعبئة وتأكيد استعدادها للرد على أي هجوم.
وشددت خوري على أن الإجراءات أحادية الجانب من قِبل الشخصيات السياسية والأمنية تقوض الاستقرار، مضيفةبأن المحاولات أحادية الجانب لإقالة محافظ البنك المركزي تقابل بمحاولات معاكسة لإبقائه. كما تقابل محاولات إقالة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة وحكومته بمحاولات لإبقائه.
وقالت القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إن البعثة الأممية كررت التأكيد لجميع القادة السياسيين والمؤسسات على التزاماتهم وتعهداتهم بموجب الاتفاق السياسي الليبي وتعديلاته، بما يتماشى مع جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار 2702 لعام 2023. وأشارت كذلك إلى أن الإجراءات أحادية الجانب في المجال الاقتصادي تشكل أيضا محركا لعدم الاستقرار، مضيفة أنه بعد أشهر من الجهود الرامية إلى وضع ميزانية موحدة بمشاركة ممثلين من الشرق والغرب، اعتمد مجلس النواب في 10 تموز/ يوليو مخصصا إضافيا للميزانية قدمته الحكومة المعينة من جانب واحد من قبل مجلس النواب.
وأفادت خوري بأن البعثة الأممية تعمل على المساعدة في تسهيل خفض التصعيد بشكل عام وتقترح محادثات لتطوير مجموعة من تدابير بناء الثقة بين جميع الأطراف لإنهاء الإجراءات أحادية الجانب وخلق بيئة أكثر ملاءمة لاستئناف العملية السياسية.
وأضافت أن المضي قدما في نجاح العملية السياسية يتطلب جهودا لحسن النية من جانب القادة والجهات الفاعلة السياسية والأمنية، و جمهورا أوسع نطاقا منخرطا، ونهجا منسقا لدعم المحادثات الليبية من قبل المجتمع الدولي.
وتحدثت نائبة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا عن وجود منظمات متطرفة في ليبيا. وقالت إن الارتباط المتزايد بين الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والمنظمات المتطرفة في ليبيا أمر مثير للقلق بشكل خاص. وفيما يتعلق بحقوق الإنسان واحترام سيادة القانون، أكدت خوري أن أونسميل تعمل مع جميع أصحاب المصلحة في جميع أنحاء ليبيا، شرقا وغربا لتقديم المساعدة الفنية لدعم القدرات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون. كما رحبت بالإفراج مؤخرا عن بعض الأفراد الذين تم اعتقالهم تعسفيا في الغرب والشرق، بما في ذلك بعض الأطفال.
وعن الوضع الإنساني في البلاد، أشارت المسؤولة الأممية إلى الفيضانات التي وقعت في جنوب غرب ليبيا في منتصف هذا الشهر، مما أدى إلى نزوح ما يقدر بنحو 5800 شخص. وقالت إن فريق الأمم المتحدة القطري، بالتنسيق مع الحكومة، أرسل إمدادات إنسانية. وأفادت كذلك بأن عدد اللاجئين السودانيين في ليبيا ارتفع إلى 97,000 حتى 11 آب/ أغسطس، ووصل معظمهم إلى الكفرة حيث الظروف مزرية.
وقالت خوري إن الوصول الكامل إلى اللاجئين يعد أمرا ضروريا لتقديم المساعدة الإنسانية الفعالة والمتزايدة بالتنسيق مع السلطات المحلية. ولم يتم تمويل خطة الاستجابة للأمم المتحدة للاجئين السودانيين في ليبيا إلا بنسبة 21 في المئة.
وقبل انعقاد الجلسة، تحدث للصحافيين من أمام قاعة مجلس الأمن ممثلو وسفراء الدول الموقعة على بيان الالتزام المشترك بمبادئ المرأة والسلام والأمن وهي الإكوادور وفرنسا وغيانا واليابان ومالطة وجمهورية كوريا وسيراليون وسلوفينيا وسويسرا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتحدث بالنيابة عن المجموعة ممثل سيراليون الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير مايكل عمران كانو الذي ترأس بلاده مجلس الأمن هذا الشهر قائلا: “نعرب عن قلقنا البالغ إزاء عدم مشاركة المرأة الليبية بشكل كامل ومتساوٍ وهادف في تشكيل مستقبل بلدها”.
وأشار إلى أنه لم تكن هناك نساء في اللجنة الليبية المشتركة 5+5 بشأن الترتيبات الأمنية، أو اللجنة الليبية المشتركة 6+6 لإعداد القوانين الانتخابية، وكان تمثيل المرأة منخفضا في الحوارات الوطنية. ولفت أيضا إلى أن أحدث قانون انتخابي معتمد يخصص ستة مقاعد فقط للنساء من أصل 90 مقعدا يتألف منها مجلس الشيوخ الليبي المستقبلي
تعليقات الزوار
لا تعليقات