أفاد تقرير سري للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان بأن قوات حرس الحدود في تونس ألقت القبض على مهاجرين وسلمتهم إلى حرس الحدود في ليبيا، مشيرا إلى أنهم يتعرضون للابتزاز والتعذيب والقتل بالإضافة إلى العمل القسري.
ويلعب البلدان دورا رئيسيا في جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى وقف تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا إلى جنوب أوروبا عبر البحر المتوسط.
وجاء في التقرير الذي يحمل تاريخ 23 يناير/كانون الثاني أن مئات المهاجرين في تونس ألقي القبض عليهم ضمن موجة من الاعتقالات وطردوا إلى ليبيا خلال النصف الثاني من العام الماضي.
واستند التقرير إلى مقابلات أجريت مع 18 شخصا سبق احتجازهم بالإضافة إلى أدلّة عبارة عن صور ومقاطع مصورة لعمليات تعذيب في إحدى المنشآت.
وقال طارق لملوم، الخبير الليبي في مجال حقوق الإنسان، إن عمليات نقل المهاجرين هذه جرت في أوائل مايو/أيار. وأضاف أن نحو ألفي مهاجر كانت تونس تحتجزهم نقلوا إلى ليبيا هذا العام، مشيرا إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 30 مهاجرا.
وجاء في التقرير أن "عمليات الطرد الجماعي من تونس إلى ليبيا وما يرتبط بها من احتجاز تعسفي للمهاجرين يؤججان عمليات الابتزاز والانتهاكات، وهي بالفعل قضايا حقوق إنسان منتشرة على نطاق واسع في ليبيا".
وأشار التقرير إلى أن مسؤولين ليبيين يطلبون آلاف الدولارات مقابل إطلاق سراح بعض المهاجرين وأضاف "يصب هذا الوضع في مصلحة هؤلاء الذين يستغلون الضعفاء، ومنهم المتاجرون بالبشر".
وقال متحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إنه ليس بوسعه التعليق على هذا التقرير. وفي 16 أبريل/نيسان، قال عبدالله باتيلي، الذي كان حينها كبير مسؤولي الأمم المتحدة هناك، إنه "يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع المزري للمهاجرين واللاجئين في ليبيا الذين يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان طوال عملية الهجرة".
وقال الاتحاد الأوروبي العام الماضي إنه سينفق 800 مليون يورو حتى عام 2024 في شمال أفريقيا لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط.
والهجرة مصدر قلق رئيسي للناخبين في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت الأسبوع الماضي وشهدت مكاسب لأحزاب اليمين المتطرف.
وفي الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، انخفض عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط بأكثر من 60 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في الرابع من يونيو/حزيران إن الانخفاض يرجع "قبل أي شيء" إلى المساعدة القادمة من تونس وليبيا، لكن جماعات لحقوق الإنسان تقول إن سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في نقل السيطرة على الهجرة إلى دول أخرى مقابل تقديم مساعدات تؤدي إلى انتهاكات وتخفق في معالجة القضايا الأساسية.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد في مايو/أيار إن مئات الأشخاص يصلون إلى بلاده كل يوم، وإن تونس تنسق عودة المهاجرين مع الدول المجاورة.
وقالت الحكومة في الماضي إنها تحترم حقوق الإنسان. وتقول السلطات الليبية إنها تعمل مع الدول المجاورة لحل قضايا الهجرة.
وخلصت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة العام الماضي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق مهاجرين في ليبيا في بعض مراكز الاحتجاز التي تديرها وحدات تلقت دعما من الاتحاد الأوروبي.
جاء في التقرير الأحدث للأمم المتحدة أن هناك نمطا يقوم فيه مسؤولو الحدود التونسيون بالتنسيق مع نظرائهم الليبيين لنقل المهاجرين إما إلى مراكز احتجاز العسه أو نالوت، الواقعتين على الجانب الآخر من الحدود في ليبيا.
وقال التقرير إن المهاجرين يتعرضون للاحتجاز لفترات تتراوح بين بضعة أيام وعدة أسابيع قبل نقلهم إلى مركز احتجاز بئر الغنم بالقرب من طرابلس ويتولى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي وخفر السواحل إدارة مركزي الاحتجاز.
وأوضح تقرير الأمم المتحدة أن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية يمنع باستمرار مسؤولي الأمم المتحدة من الدخول إلى الموقعين.
وجاء المهاجرون الذين تمت مقابلتهم خلال إعداد تقرير الأمم المتحدة من فلسطين وسوريا والسودان وجنوب السودان. وكان الحصول على معلومات من الأفارقة أكثر صعوبة حيث كان يجري ترحيلهم وكان التواصل معهم أكثر تعقيدا.
وأضاف التقرير أن الندوب وعلامات التعذيب كانت واضحة على ثلاثة من المهاجرين الذين تمت مقابلتهم ووصف تقرير الأمم المتحدة المؤرخ في يناير/كانون الثاني الأوضاع في العسه وبئر الغنم بأنها "بشعة".
وأوضح "مئات المعتقلين مكدسون في حظائر وزنازين، غالبا ما يكون بها مرحاض واحد صالح للاستخدام ولا يوجد صرف صحي أو تهوية".
وفي بئر الغنم، كانت هناك اتهامات بأن المسؤولين ابتزوا المهاجرين للحصول على مبالغ تتراوح بين 2500 وأربعة آلاف دولار تبعا لجنسياتهم مقابل إطلاق سراحهم.
وأشار التقرير إلى أن "النهج الحالي الخاص بالهجرة وإدارة الحدود غير ناجح"، داعيا ليبيا إلى إلغاء تجريم المهاجرين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني وطالب بدعم دولي كامل لدفع إدارة الحدود للالتزام بحقوق الإنسان.
تعليقات الزوار
لا تعليقات