كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حوادث قتل فيها جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين دهساً تحت جنازير الدبابات بشكل متعمد وهم أحياء، وأيضا تدمير الممتلكات المدنية في إطار جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ووثق المرصد قتل الجيش الإسرائيلي شابًّا فلسطينيًّا دهسًا بشكل متعمد في حي الزيتون بمدينة غزة يوم 29 شباط/ فبراير المنصرم، وجمع إفادات لشهود عيان بأن الجيش اعتقل الضحية وقيّد يديه بقيود بلاستيكية وأخضعه للتحقيق قبل دهسه بمركبة مدرعة، فيما يتضح أن الدهس تم من النصف السفلي ثم العلوي من جسده.
وقال شهود عيان لفريق “الأورومتوسطي” إن الحادثة جرت في شارع “صلاح الدين” الرئيس في حي الزيتون، وسبقها ربط الضحية بقيود بلاستيكية من جنود إسرائيليين ثم دهس جسده من الساقين إلى الأعلى، مما يشير إلى أن الضحية كان على قيد الحياة أثناء سحقه. وقد تم وضع الضحية على الأسفلت بدلاً من الرمال المجاورة لضمان سحق تام وكامل.
وتظهر آثار واضحة لجرافة عسكرية أو دبابة على جسد الضحية المتهتك تماما والمنطقة المحيطة، فيما تم تجريد الضحية من ملابسه بشكل متعمد، حيث يظهر مرتديا فقط سرواله الداخلي.
وحدثت عملية الدهس قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى أطراف منطقة حي الزيتون قبل يومين، كما تؤكد ذلك حالة الأحشاء والأشلاء التي لم تكن قد تحللت بعد عند توثيق الحالة.
وذكر المرصد أنه سبق واطّلع على حادثة مماثلة بدهس دبابة إسرائيلية “كرفان” إيواء مؤقت في منطقة “أبراج طيبة” بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة في 23 كانون ثاني/ يناير الماضي، كان يقيم فيه أفراد من عائلة “غنام” وهم نائمون ما أدى إلى مقتل شخص وابنته الكبرى، وإصابة أطفاله الثلاثة المتبقين وزوجته. وأفادت ابنته أمينة غنام (13 عاما) أن دبابة إسرائيلية دهست الكرفان مرارا وتكرارا ودون سابق إنذار وهم نائمون، ما أدى إلى مقتل والدها وشقيقتها الكبرى، ونجاة من تبقى من العائلة، فيما أصيبت هي بضغط شديد في عينيها، كاد يفقدها بصرها.
كما وثّق المرصد في 16 كانون أول/ديسمبر 2023، إقدام الدبابات والجرافات الإسرائيلية على دهس وسحق نازحين داخل خيامهم في ساحة مستشفى كمال عدوان، في بيت لاهيا، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، بمن فيهم مصابون، إلى جانب سحق جثامين شهداء كانت مدفونة في قبور في جانب من الساحة.
ويوم 20 شباط/ فبراير، نجت أسرة فلسطينية بعدما داست جنازير دبابة إسرائيلية خيمة تقيم فيها على شاطئ بحر خان يونس، خلال عملية مفاجئة نفذتها القوات الإسرائيلية. وأفادت مواطنة أنها فوجئت بنفسها بين جنازير الدبابة التي داست خيمتها بشكل مفاجئ.
كذلك وثق الأورومتوسطي تكرار حالات تدمير الآليات العسكرية الإسرائيلية ممتلكات مدنية، لا سيما المركبات خلال عمليات توغلها البري في مناطق متفرقة من قطاع غزة، حيث تقدم الدبابات على تدمير وطحن المركبات الموجودة في الشوارع دون أي ضرورة عسكرية، مما يعكس نية الجيش الإسرائيلي تدمير الممتلكات التي تعود للمواطنين الفلسطينيين على نحو منهجي وواسع النطاق.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن كل هذه الانتهاكات تأتي في سياق نزع الإنسانية عن الفلسطينيين جميعا في قطاع غزة، وبالتالي تبرير وتطبيع الجرائم التي ترتكب ضدهم، حيث تشكل عمليات القتل بالسحق تحت جنازير الدبابات إحدى الأساليب الوحشية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين دون إيلاء اعتبار لإنسانيتهم وآلامهم وكرامتهم.
وتعكس تلك الممارسات رغبات انتقامية لدى الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين كقومية بهدف القضاء عليهم وترهيبهم وإيذائهم جسديا ونفسيا، حيث تأتي تنفيذا للتحريضات العلنية التي تدعو لإبادة الفلسطينيين في غزة، والتي صرح بها مسؤولون وإعلاميون ومستوطنون إسرائيليون، وكنتيجة للحصانة المطلقة التي يتمتع بها مرتكبو هذه الجرائم وإفلاتهم المستمر من العقاب في ظل عدم اتخاذ أي إجراء لمساءلتهم ومحاسبتهم على أي مستوى أو من أي جهة.
وأشار إلى أن التدمير واسع النطاق الذي يلحقه الجيش الإسرائيلي بالممتلكات التي تعود للفلسطينيين دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك، وبطريقة عابثة، يعتبر جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.
وقال إنه يساوره ” قلق بالغ” بشأن أداء مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تجاه ما يحصل في قطاع غزة من أخطر الجرائم الدولية ذات العواقب المدمرة على المدنيين، حيث لم يصدر عن المحكمة حتى الآن أي إجراء، ولم توجه أي اتهام في معرض تحقيقاتها التي من المفترض أنها تجريها في الحالة الفلسطينية.
وعلى الرغم من الكم الهائل من الأدلة الاتهامية التي يقدمها ويعرضها مسؤولون وجنود إسرائيليون بأنفسهم، بالإضافة إلى التقارير التوثيقية والتحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة وخبرائها، والمنظمات الدولية، وحكومات العديد من الدول، بشأن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، ما تزال المحكمة ملتزمة الصمت. وكان آخر تحديث نشرته المحكمة على موقعها الرسمي بشأن ما يجري في فلسطين في 17 تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، وهو ما يطرح تساؤلات ومخاوف جدية حول استقلالية ونزاهة المحكمة، ومدى قدرتها على القيام بعملها دون تسييس أو تأثر بمعايير الازدواجية والعدالة الانتقائية
تعليقات الزوار
لا تعليقات