استشهد الصحافي حمزة الدحدوح، نجل مراسل قناة الجزيرة، وائل الدحدوح، وزميله الصحافي مصطفى ثريا، جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، اليوم الأحد.
وكان وائل الدحدوح فقد عددا من أفراد أسرته بمن فيهم زوجته وابنه وابنته، في قصف إسرائيلي استهدف منزلا نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة في شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
كما أصيب وائل في يده وبطنه بشظايا صاروخ أطلقته طائرة استطلاع إسرائيلية على محيط مدرسة “حيفا” وسط خان يونس في شهر ديسمبر/ كانون أول المنصرم.
وأدى ذلك القصف إلى استشهاد مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة الذي كان برفقة الدحدوح، حيث منعت قوات الاحتلال وصول سيارات الإسعاف إليه، وبقي ينزف حتى فارق الحياة
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الأحد، إنه باستشهاد الزميلين الدحدوح وثريا، يرتفع “عدد الشهداء الصحافيين إلى 109 منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة”.
وأعرب عن إدانته بـ”أشد العبارات لهذه الجريمة النكراء”.
واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي، أن “هذه الجرائم المتواصلة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الصحافيين تهدف إلى ترهيب وتخويف الصحافيين في محاولة فاشلة لطمس الحقيقة ومنعهم من التغطية الإعلامية”.
ودعا كل الاتحادات الصحافية والهيئات الإعلامية والحقوقية والقانونية إلى إدانة هذه الجريمة والتنديد بتكرارها من قبل الاحتلال.
الدحدوح ناعيا نجله: كان “روح الروح” ومستمرون بالعمل
“ليس أصعب من آلام ووجع الفقد فكيف إذا كان الفقد الولد البكر فلذة الكبد. حمزة ليس بضعة مني حمزة كان كلي. روح الروح وكل شيء”، بهذه الكلمات الممزوجة بالألم والصبر نعى الصحافي وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة نجله الأكبر حمزة الذي استشهد في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة كان يستقلها جنوبي القطاع.
الصحافي الدحدوح كان يقف بعد مواراة جثمان نجله الأكبر حمزة الثرى في مقبرة بمدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، يستقبل المعزين من الصحافيين والعشرات من الفلسطينيين الذين شاركوا في الجنازة قبل أن يستوقفه مراسل قناة “الجزيرة مباشر” ليتحدث معه عن تلك المشاعر التي تعتصر قلبه بعد الفقد الثالث له خلال هذه الحرب الإسرائيلية.
وبتنهيدة عميقة تكشف عن حزن دفين في قلبه، قال الدحدوح: “لا شيء أصعب من آلام الفقد وعندما تتجرع هذه الآلام مرة تلو المرة تكون الأمور أصعب وأشد. لكن ماذا عسانا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل”.
ومقاوماً دموعه يضيف وائل: “هذا خيارنا وقدرنا ويجب أن نرضى به مهما كان نحن أملنا أن يرضى الله عنا وأن يكتبنا مع الصابرين.. هذا خيار كل الناس في هذه الأرض كما تشاهدون الناس تودع أحبابها وفلذات أكبادها في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل لحظة ونحن أسوة بكل الناس نودع. ماذا عسانا أن نقول؟ (..) نسأل ربنا سبحانه وتعالى أن يربط على قلوبنا وقلوب كل الناس وأن يمدنا بأسباب الصبر والقوة حتى نستطيع المواصلة”، يكمل الدحدوح بحروفه الهادئة.
وخاطب نجله حمزة قائلا: “لحمزة ولكل الشهداء نقول إننا على العهد هذه طريق اخترناها طواعية وأعطيناها الكثير وسقيناها كما هو واضح بالدماء لأن هذا قدرنا ونحن ماضون. هذا هو التحدي الكبير”.
وتابع: “ليس هناك ما هو أصعب من ألام ووجع الفقد فكيف إذا كان الفقد الولد البكر فلذة الكبد”.
ويكمل وائل، الذي طالما كانت علاقته مع نجله علاقة صداقة عميقة كما يصفها الكثير من المقربين منهما: “حمزة ليس بضعة مني حمزة كان كلي روح الروح وكل شيء”.
وفي لحظة لم يملك الصحافي وائل إلا منح دموعه الحرية بعد أن حبسها طويلاً ليبكي على فراق نجله الأكبر، ليقول: “الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بكى وحزن. هذه هي دموع الحزن والفراق ودموع الإنسانية التي تفرقنا عن أعدائنا”.
ويضيف: “نحن مشبعون بالإنسانية وهم مشبعون بالقتل والحقد ولذلك نحن نبكي ونسكب الدموع. دموع الإنسانية ودموع الكرم والشهامة وليست دموع الجزع والخوف والاستكانة”.
“نحن ماضون نحن نعمل على الهواء مباشرة ولا شيء نخجل منه وولدي حمزة كان معنا يعمل بطاقم قناة الجزيرة ونحن بدأنا قبل أن يولد حمزة وأمضينا الآن ما يقرب أكثر من عقدين بهذه الرسالة والمهنة الإنسانية. بعد فقدان الأسرة وحمزة نحن مستمرون بالتأكيد”، يكمل الصحافي الفلسطيني حديثه.
ووجه كلماته للعالم قائلا: “نحن مستمرون لكن على كل العالم أن ينظر إلى ما يحدث في غزة ما يحدث صعب ومؤلم وكبير. ما يحدث فيه ظلم كبير لشعب أعزل شعب مدني. ما يحدث فيه ظلم لنا نحن الصحافيون”.
ويتابع: “قيل في يوم من الأيام بأن حرية الرأي والتعبير وعمل الصحافيين والحصول على المعلومات والصور حتى تصل إلى مستحقيها من المشاهدين والمتلقين مكفول بالقانون الدولي والمواثيق الإنسانية(..) 107 من الصحافيين (ارتفع العدد إلى 109 صحافيين) سفحت دمائهم على هذه الأرض وكأن أحد لم يسمع بهذه الأخبار وكأن أحد لم يرى ما يجري”.
ويطالب الصحافي الدحدوح “كل العالم بأن يضع حدا لهذه المقتلة التي تحصد أرواح الصحافيين واحدا بعد الآخر”.
ويختم مراسل قناة الجزيرة حديثه قائلاً: “أتمنى أن تكون دماء ابني حمزة آخر الدماء من بين الصحافيين وآخر الدماء من بين الناس هنا في غزة وأن تقف هذه المذبحة وهذه المقتلة، ولكن أي كان الثمن فنحن ماضون هذه الرسالة الإنسانية التي كفلها القانون الدولي وهذا واجب نقوم به على أكمل وجه”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات