أخبار عاجلة

الفلسطينيون يبحثون دون جدوى عن ملاذ آمن من القصف الصهيوني الغاشم

يستعد الفلسطينيون لهجوم على نطاق غير مسبوق على قطاع غزة الصغير والمكتظ بالسكان يفوق الدمار الذي حدث في الجولات السابقة وسيصبح الناجون منه معدمين دون مأوى أو ماء أو كهرباء أو مستشفيات أو طعام.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي بعث برسائل هاتفية يطلب فيها من الفلسطينيين مغادرة بعض المناطق في غزة بعد الهجوم الدامي الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية حماس السبت، لا يعرف محمد بريص بأي ملاذ يحتمي من هجوم يتوقع السكان أن يكون الأسوأ على الإطلاق وتساءل الرجل البالغ من العمر 55 عاما "وين نروح؟ وين نروح؟".

وفر من منزله القريب من خط مواجهة محتمل ليحتمي بمتجره، لكنه تعرض للقصف في واحدة من مئات الضربات الجوية وقذائف المدفعية التي تقصف غزة بالفعل.

وجعل هجوم حماس المفاجئ السبت إسرائيل تشهد أكثر الأيام دموية منذ عقود حين اخترق مقاتلون الدفاعات الحدودية وتوغلوا داخل البلدات، مما أسفر عن مقتل 900 شخص واقتياد عشرات الأسرى إلى غزة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الثمن الذي ستدفعه غزة "سيغير الواقع لأجيال"، وإن إسرائيل تفرض حصارا كاملا وتحظر دخول واردات الغذاء والوقود في إطار معركة ضد "الحيوانات".

وحتى ظهر اليوم الاثنين، قالت حماس إن أكثر من 500 شخص قتلوا وأصيب 2700 وشرد 80 ألفا في مئات الضربات التي شنتها إسرائيل على غزة بالطائرات الحربية والمسيرة والهليكوبتر وقذائف المدفعية.

وفي مخيم جباليا للاجئين في شمال القطاع تسلق رجال مبنى متداعيا لانتشال جثة رضيع من وسط الأنقاض ونزلوا بها عبر الحشد المجتمعين وسط الحطام. وقالت وزارة الصحة في غزة إن تلك الغارة الجوية أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

ومع وصول سيارات الإسعاف إلى مستشفى هرع العاملون لنقل الجرحى على محفات وكان هناك رجل يرقد في الداخل بجانب جثة ابن أخيه الملفوفة بالكفن وقد أصابته حالة حزن هستيرية وظل يضرب الأرض ويحتضن الجثة ويصرخ.

وجابت مواكب الجنازات شوارع غزة. كما سار رجال في رفح بجنوب البلاد خلف جثمان محمول على نعش ورفعوا خلفه علم فلسطين وراية حماس.

وفي المقبرة كانت عائلة سعد لُبَد، وهو صبي قتل في الغارات، تدفن جثمانه ووضعوا الجسد الصغير الملفوف بالكفن الأبيض على قطعة من القماش المنقوش قبل إنزاله إلى المقبرة.

وتعرض سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة لنوبات متكررة من الحروب والضربات الجوية من قبل. وكثير منهم لاجئون ينحدرون من نسل أولئك الذين فروا أو طردوا من منازلهم في الحرب عندما تأسست دولة إسرائيل عام 1948 ويتوقعون أن تكون الحرب هذه المرة أسوأ.

وقال ساكن في بيت حانون على الحدود الشمالية الشرقية لقطاع غزة مع إسرائيل "مش محتاجة تفكير كتير، إسرائيل تلقت أكبر خسارة في تاريخها، فالواحد بيقدر يتنبأ شو راح يعملوا".

وأضاف "عن نفسي أنا أخدت أسرتي وطلعت متلي متل عشرات العائلات إللي طلعوا، كتير منا اجتهم اتصالات ورسائل صوتية من ضباط أمن إسرائيليين بتطلب منهم يتركوا مناطقهم لأنهم راح يعملوا شي هناك".

وبدأت العائلات في تخزين المواد الغذائية مع بدء هجوم يوم السبت لكنها تخشى انخفاض الإمدادات رغم تأكيدات حماس.

ومع قطع إسرائيل إمدادات الكهرباء عن غزة فإن نقص الوقود الذي يلوح في الأفق يعني أن المولدات الخاصة وكذلك محطة الكهرباء الخاصة بالقطاع التي ما زالت توفر نحو أربع ساعات من الكهرباء يوميا ستواجه صعوبات في العمل.

ويعني نقص الكهرباء أن السكان لن يستطعيوا إعادة شحن هواتفهم ومن ثم تنقطع إمكانية تبادل الأخبار فيما بينهم ولن يتمكنوا من ضخ المياه إلى خزانات الأسطح وفي الليل يغرق القطاع في ظلام دامس تشقه من حين إلى آخر انفجارات الغارات الجوية.

وقال مسؤولون بوزارة الصحة في غزة إنه من المتوقع نفاد الوقود اللازم لتشغيل أجهزة إنقاذ الحياة في المستشفيات في غضون أسبوعين.

ويلجأ كثيرون من عشرات الآلاف الفارين من منازلهم إلى مدارس الأمم المتحدة.

وفي إحدى هذه المدارس بمدينة غزة قالت إسراء القيشاوي البالغة من العمر 13 عاما إن "الخوف يجعلها تريد الذهاب إلى المرحاض كل بضع دقائق، لكن لا يوجد ماء"، مضيفة "الحرب صارت فجأة واحنا خايفين منها".

وقال سكان وفرق طبية إن الغارات الجوية أضرت بالشوارع وأغلقتها مما جعل من الصعب على مركبات الإسعاف الوصول إلى مواقع القصف. وقالت فرق الدفاع المدني إنها لا تستطيع التعامل مع هذا العدد الكبير من مواقع القصف وطلبت فرق إنقاذ أجنبية لمساعدتها في إنقاذ الناجين المحاصرين تحت الأنقاض.

وأفاد أحد سكان بيت حانون بأن قصف الشوارع هو تحضير فيما يبدو لهجوم بري إسرائيلي آخر مثل ذلك الذي شهده من سطح منزله في غزة في عامي 2008 و2014.

وتفاقمت مخاوف السكان بعد أن أرسل الجيش الإسرائيلي رسائل صوتية على الهواتف ونشر تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب السكان بالابتعاد عن بعض مناطق غزة.

لكن على الرغم من الإخطار، عبر الرجل البالغ من العمر 45 عاما الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام الإسرائيلي عن سعادته بهجوم حماس على إسرائيل.

وقال "إحنا خايفين بس فخورين لأول مرة نشعر بهيك فخر، حماس مسحت كتائب كاملة من الجيش الإسرائيلي كسرتهم متل البسكوت".

وقال محمد بريص، وهو يقف أمام حطام متجره، بالقرب من منازل أصابها الدمار وقتل فيها ثلاث عائلات بأكملها، إنه ود لو توقفت دوامة الدمار التي لا نهاية لها في غزة.

وقال بريص وهو ينظر إلى أطلال متجره "بيكفي، زهقنا. أنا عمري 55 سنة ومن حرب لحرب وكل حرب بتكون أصعب وأقسى من غيرها... داري تدمرت مرتين".

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات