تناول الباحثان زها حسن، محامية حقوق الإنسان والزميلة في وقفية كارنيغي للسلام العالمي، والباحث الزائر في برنامج فن الحكم، ماثيو دوس في وقفية كارنيغي، موضوع الإعفاءات من التأشيرة، والذي تخطط كل من وزارة الأمن الداخلي والخارجية الأمريكيتين تعميمها على الزوار الإسرائيليين.
وفي مقال نشرته مجله “فورين بوليسي”، حذّرا من خطورة الخطوة، إن لم تحصل الولايات المتحدة على ضمانات معاملة بالمثل لمواطنيها الذين يصلون إلى إسرائيل. وسيتم تطبيق ما يعرف ببرنامج الإعفاء من تأشيرة الولايات المتحدة الانتقائي على القادمين الإسرائيليين، وبعد فترة تجريبية لشهر، واعتباراً من تموز/يوليو. وإذا أثبتت إسرائيل أنها أنهت ممارستها للتمييز ضد الأمريكيين على أساس الأصل القومي أو الدين أو الآراء السياسية، فسيصبح هذا التنازل دائماً.
وقالا إنه بموجب “مبدأ المعاملة بالمثل”، يتطلب الدخول في البرنامج معاملة جميع الأمريكيين الذين يسافرون إلى، وعبْرَ، دولة مشاركة في برنامج الإعفاء من التأشيرة، أو الأراضي التي تسيطر عليها تلك الدولة، بنفس الطريقة تماماً التي يعامل بها مواطنو تلك الدولة المشاركة عند سفرهم إلى الولايات المتحدة.
ويشير الكاتبان إلى أن الأمريكيين من خلفيات معينة، أي العرب والمسلمين، عانوا، ومنذ فترة طويلة من معاملة تمييزية عند زيارة إسرائيل، وهو أمر تحذّر الحكومة الأمريكية المسافرين منه على موقع وزارة الخارجية على الإنترنت. ولا تزال الشكاوى تتوالى حتى قبل أيام فقط من بدء الفترة التجريبية، ولا يزال الأمريكيون يبلغون عن معاملة تمييزية عند المعابر الحدودية الإسرائيلية. مع أنه لا توجد آلية لتحديد عدد المسافرين الأمريكيين الذين تم منعهم من دخول المنطقة، أو أسباب استبعادهم.
وتفيد التقارير الأخيرة بأن السفارة الأمريكية في إسرائيل تتفاوض على اتفاقية من شأنها أن تنشئ استثناءً خاصاً بشكل فعّال لإعفاء إسرائيل من متطلبات المعاملة بالمثل في البرنامج، وهو ما يثير قلقاً عميقاً.
ومن دون اتفاق يضمن احترام إسرائيل مبدأ المعاملة بالمثل، واحترام حقوق جميع المسافرين الأمريكيين، فإن من المرجح أن تصبح اتفاقية الإعفاء من التأشيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي الأولى التي تكرّس التمييز ضد بعض المسافرين الأمريكيين كأمر مقبول.
ويضيف الكاتبان أنه بموجب الاتفاقية المذكورة، سيُطلَب من بعض الأمريكيين، وتحديداً حَمَلَة بطاقة الهوية الفلسطينية، الحصول على تصريح عسكري للسفر إلى إسرائيل عن طريق المطار، وزيارة أفراد الأسرة في الضفة الغربية، بينما سيخضع الأمريكيون الآخرون فقط للقانون المدني، وستكون لديهم حرية الوصول إلى الضفة الغربية لأي غرض من الأغراض، دون قيود على دخولهم وسفرهم في جميع أنحاء المنطقة.
ويقول الكاتبان إن هذه الاتفاقية للمعاملة التفاضلية للأمريكيين من شأنها أن تنتهك مبدأ المعاملة بالمثل الأساسي، الذي يقام عليه برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية المرموق للغاية، ومن شأنه أن يؤدي بشكل فعال إلى تطبيع التمييز العرقي والديني والتنميط العنصري للمواطنين الأمريكيين.
لم تجد أي دولة أخرى، من بين 40 دولة مشاركة حالياً في برنامج الإعفاء، صعوبة في الالتزام الكامل بمتطلبات المعاملة بالمثل، وهو مبدأ أساسي يدعم جميع تفاعلاته الدبلوماسية، فضلاً عن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والقيم الأمريكية المعلنة للحقوق المدنية والعدالة والمساواة.
ويهدف برنامج الإعفاء من تأشيرة الولايات المتحدة إلى ضمان وتعزيز أمن جميع الأمريكيين. لا يوجد بلد لديه “الحق” في دخول البرنامج. لقد تم تصميمه ليكون انتقائياً، وعلى هذا النحو، لديه العديد من المتطلبات الملموسة التي يجب على أي دولة مشاركة الوفاء بها للدخول.
وليس لدى حكومة الولايات المتحدة أي سلطة للتفاوض على حقوق بعض الأمريكيين، ومن المشين أن تفكر في مثل هذا الأمر.
بالطبع، 30000 إلى 70000 فلسطيني أمريكي يعيشون في الضفة الغربية، والمئات الذين يعيشون في غزة، يجب أن يكونوا قادرين على استخدام المطار في إسرائيل. ويجب أن يكون هذا غير قابل للتفاوض.
لكن التحقيق فيما إذا كانت إسرائيل مؤهلة للبرنامج لا ينتهي عند هذا الحد. فعدد الأمريكيين المتأثرين بالنظام القانوني التمييزي الإسرائيلي على المعابر الحدودية أكبر بكثير من أولئك الذين يدعون أنهم من أصل فلسطيني. ومن بينهم الأمريكيون العرب والمسلمون، وأولئك الذين ولدوا في دول تعتبرها إسرائيل معادية، أو يحملون وثائق سفر منها، في عدة حالات، حتى بعد توقيعها اتفاقيات سلام و/ أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل الأردن والمغرب.
ويشمل أيضاً أي أمريكي يدعم علناً المقاطعة السياسية المحمية بموجب الدستور لإسرائيل، بما في ذلك أعضاء الكونغرس الأمريكي، أو أولئك الذين يكتبون، أو يعملون أو يتحدثون عن حقوق الإنسان للفلسطينيين.
في المقابل، لا تفرض الولايات المتحدة قيوداً على سفر الزوار الإسرائيليين، بغض النظر عن آرائهم السياسية، أو بلدانهم الأصلية (بما في ذلك أولئك الذين يحملون الجنسية الروسية)، أو معتقداتهم.
فقد حصل أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية، الذين يعربون عن آراء بغيضة، ويطالبون بتدمير البلدات الفلسطينية، على تأشيرات لدخول الولايات المتحدة. ويتمتع الزوار الإسرائيليون لفترات قصيرة، وكثير منهم جنود سابقون شبان أظهروا في الماضي أنهم معرضون بشكل متزايد لخطر تجاوز مدة تأشيراتهم، بحرية استخدام أي مطار أمريكي للعبور إلى ميناء دخول آخر في أي مكان في البلاد، أو في طريقهم إلى وجهة أخرى.
وفي هذا السياق، لا تطالب الولايات المتحدة الزوار الإسرائيليين لفترات قصيرة بالحصول على تصاريح خاصة صادرة عن الجيش لدخول أجزاء معينة من الولايات المتحدة أو الأراضي الأمريكية، ولا تطلب من الزوار الإسرائيليين الخضوع لفحوصات أمنية لا تنطبق على جميع الدول الأخرى. مع أن هذا هو ما يحدث، وهذه هي الطريقة التي يتم التعامل بها مع بعض فئات الأمريكيين عندما يحاولون السفر إلى إسرائيل والأراضي المحتلة.
بسبب التحديات الخاصة التي تطرحها إسرائيل، والنظام الذي تفرضه على مجموعات معينة من المسافرين، امتنعت الإدارات السابقة، بما في ذلك الرئيس باراك أوباما، عن متابعة اتفاقية تأشيرة مع إسرائيل.
قبل بدء فترة التجربة، ودخول إسرائيل في البرنامج، يجب وضع آلية لضمان انتهاء المعاملة التمييزية والتنميط العنصري للأمريكيين عند المعابر ونقاط التفتيش الحدودية التي تسيطر عليها إسرائيل.
على سبيل المثال، عند المعبر البري بين الأردن وإسرائيل، حيث يبدو أن الولايات المتحدة ليس لديها أرقام دقيقة لعدد الأمريكيين الذين يتم استبعادهم من الدخول كل عام، يجب وضع أنظمة حتى يتمكن المسافرون من مسح جوازات سفرهم. الأمر الذي من شأنه أن يسمح للمسؤولين الأمريكيين بمعرفة متى يحاول أمريكي الدخول، وبالتالي يمكنه مراقبة حالات رفض الدخول أو سوء المعاملة.
حتى يتم تنفيذ مثل هذه العمليات، لن تكون هناك طريقة لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تطبق شروط برنامج الإعفاء من التأشيرة، وسيظل الأمريكيون يواجهون التمييز.
إن وجود برنامج تجريبي من دون مثل هذه الآليات لاختبار الامتثال يفرغ العملية من محتواها، ولا حاجة لفترة تجريبية. ويجب أن تأخذ وزارة الأمن الوطني ووزارة الخارجية الوقت الكافي لتصحيح هذا الأمر، أو إذا لم يكن هذا الهدف قابلاً للتحقيق، فعليهما تجنب إعطاء الضوء الأخضر للسياسات الإسرائيلية التي تضرّ بمجموعات معينة من الأمريكيين على مدى عقود.
إذا فعلوا أي شيء أقلّ من ضمان الامتثال الكامل لمتطلبات المعاملة بالمثل، فستقوم إدارة بايدن بكتابة التمييز العنصري في قانون الولايات المتحدة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات