أخبار عاجلة

سياسة حكومة أخنوش تقوم على قاعدتين: “إقتصاد الهمزة” و”كم من حاجة قضيناها بتركها”

أشرت في مقال “صفقة الديزل الروسي و زواج السلطان بالتجارة..” إلى أن السيد أخنوش غير مؤهل لرئاسة الحكومة نظرا لتضارب المصالح و تناسل الشبهات عن تورطه في عمليات و ممارسات تجارية يجرمها القانون، فالفساد في أي أمة يبدأ من رأسها، ومن أبرز و أخطر مظاهر هذا الفساد تحول الحكام والوزراء والولاة إلى تُجار، أو جمعهم بين السلطان والتجارة، وهذه الظاهرة لا تخص بلدًا بعينه، بل تكاد من “عموم البلوي”… و هذا الأمر تناوله بتفصيل العلامة ” ابن خلدون” عندما حذر في مقدمته من الجمع بين الحكم والتجارة، مبينا أن صاحب الجاه (السلطة) يستفيد بنفوذه في صنع ثروته وهو ما يشكل تهديدا مزدوجا للمال والسلطة وينذر بخراب العمران.
والتركيز على السيد أخنوش و تضارب المصالح فرضته الظرفية الاقتصادية و الاجتماعية التي تمر بها البلاد، بل و طبيعة المتغيرات الدولية المصحوبة بتضخم جامح و ارتفاع مهول في أغلب السلع الأساسية، و تزامنا مع الارتفاع المهول لأسعار المحروقات تدخلت حكومات العديد من البلدان التي تحترم نفسها و شعبها لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، فإيطاليا مثلا خصصت حكومتها ما يقرب من 30 مليار أورو لدعم الأسر والشركات في مواجهة ارتفاع أسعار النفط. نفس الأمر اعتمدته فرنسا وألمانيا و ماليزيا والعديد من الدول، بينما في المغرب حكومة أخنوش إلتزمت الصمت وتعمل بقاعدة ” كم من حاجة قضيناها بتركها”، وتركت الأمر “لليد الخفية” تتحكم في الأسعار صعودا، وعجزت عن اتخاذ تدابير استعجالية واستثنائية لمواجهة هذا الصعود الجامح ، و الحد من أثار التضخم و من ذلك مثلا إعادة تشغيل مصفاة لا سامير بشكل إستعجالي خدمة للصالح العام، و تعليق قرار تحرير سعر المحروقات و تسقيف السعر، وفرض ضرائب تصاعدية على شركات المحروقات و الحلول متعددة و متنوعة لكن هناك تضارب للمصالح.
لذلك، منذ بداية أزمة ارتفاع الأسعار و التي بدأت منذ لحظة ميلاد حكومة أخنوش و تحديدا منذ شهر أبريل 2022 تصاعدت حدة الجدل حول تضارب المصالح وزواج المال والسلطة بالنسبة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بل و تجاوز الاهتمام بالموضوع حدود المغرب، و أصبح هذا الموضوع مادة دسمة للصحافة الوطنية والدولية، فقد لخصت مجلة “تيل كيل” الإشكالية بسهولة وعمق حين نشرت على غلافها للعدد رقم 993 صورة لعزيز أخنوش بوجهين وجه رئيس حكومة مستسلم لا يحرك ساكنا ولا يبالي أمام ارتفاع أسعار المحروقات ووجه رجل أعمال سعيد وضاحك يساعده الوضع في مراكمة الأرباح والأموال. فرغم جائحة كورونا ورغم أزمات الاقتصاد المغربي فثروة أخنوش تضاعفت خلال السنتين الماضيتين حسب مجلة “فوربس” الأمريكية حيث تجاوزت سقف 2 مليار دولار بحلول سنة 2022.

كما نشرت جريدة “لوموند” مقالا مطولا أشارت فيه إلى تضارب المصالح بالنسبة لأخنوش باعتباره في نفس الوقت رئيسا للحكومة ومالكا لإحدى أكبر شركات المحروقات التي تراكم أرباحا كبيرة بشكل يعتبره الكثيرين غير شرعي وغير مقبول، أرباح فاقت حسب بعض المختصين 45 مليار درهم منذ التحرير وحتى نهاية سنة 2021.
لكن فضائح حكومة عزيز أخنوش تكاد لا تنتهي، و لا تقتصر على المحروقات بل تشمل قطاعات أخرى، فبعد أن تناولت في المقال أعلاه فضيحة الديزل الروسي سأحاول في هذا المقال رصد فضيحة أخرى من فضائح حكومة ” البيزنس” و إقتصاد ” الهمزة” ( و لمن لا يفهم كلمة الهمزة، فهي تعني اقتناص الفرص والاستفادة من أزمة ما لتحقيق مكسب مادي على حساب الأخرين بشكل غير مشروع أو فيه شبهة استغلال) ، وهذا الأمر لا يقتصر على رئيس الحكومة بل يشمل شخصيات و جهات أخرى فكما أشرت الظاهرة تكاد تكون من “عموم البلوي”…
ومن آخر هذه الفضائح وليس آخرها، الجدل الدائر بالمغرب وخاصة بوسائط التواصل الاجتماعي حول تسريب الحكومة لمعلومة عزمها استيراد الأبقار من الخارج لأجل بيع لحومها في السوق الداخلية.
و هذه الأبقار التي تم استيرادها من البرازيل و بلدان أخرى معفية من الضرائب، و قد سبق لوزير الفلاحة أن تحدث عن استيراد 40 ألف رأس من الأبقار، وأول دفعة وصلت في الأسابيع الماضية وتم ذبحها بمنطقة بني ملال خنيفرة، حيث صرح السيد “عبد الرحيم الشطبي” ، بصفته مدير عام وحدة إنتاج هي الأكبر للحوم الحمراء بالجهة، في تصريح مصور لجريدة “هسبريس” الإلكترونية ، أن الأبقار المذبوحة معفية من الجمارك والضرائب.
و السيد “عبد الرحيم الشطبي”، يستفيد من دعم المخطط الأخضر، بحكم أن وحدته الإنتاجية لها صفة وحدة انتاج مندمجة، ومن الناحية الحزبية فهو ينتمي لحزب السيد أخنوش، و يتحمل مسؤولية المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار ببني ملال خنيفرة، وسياسيا هو النائب الأول لرئيس مجلس الجهة عن حزب رئيس الحكومة.
و مما يثير مزيدا من الشك فإن الحكومة صادقت بتاريخ 26 يناير على رفع الرسوم عن الأبقار المستوردة، وأن أول دفعة وصلت بتاريخ 9 فبراير من البرازيل، وفق ما تم تداوله في فيديو يوثق العملي و متداول على و سائط التواصل الاجتماعي.
وقد أشار المقطع إلى أن نقل العجول أو الأبقار من البرازيل إلى المغرب لا يمكن أن يتم في أقل من 15 يوما، وأن المدة ما بين إعلان الحكومة عن القرار وتاريخ وصول أول دفعة غير كافية، هذا إن إفترضنا أن بدء الطلب تم في اليوم الأول للإعلان الرسمي عن القرار..
و هذا يقود بإتجاه الشك بأن الموردين ومنهم هذا المورد المحظوظ، كانوا على علم بالقرار، وتم طلب استيراد الأبقار من البرازيل قبل الإعلان الحكومي الرسمي.
ومن حيث الكلفة، فإن كلفة الكيلوغرام الواحد من اللحوم القادمة من البرازيل، إن أضفنا لها كلفة الشحن والنقل وغيرها، سيصل في أكثر الحالات إلى 38 درهم للكلغ الواحد بالمغرب، وأن هذا يعني أن قلة من المحظوظين سيحققون أرباحا كبيرة وخيالية بعد البيع بالمغرب، بحكم أن المعلومة كانت لديهم دون غيرهم من عموم المواطنين والمستثمرين…
فهل تستطيع حكومة أخنوش أن ترد على ما يثار من قضايا، ومنها ما تعلق بالواقعة أعلاه، أم ستلوذ إلى الصمت والتهرب من المسؤولية والاستمرار في سياسة الإلهاء؟!متى سيم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ متى سنرى في بلادنا تفعيل لسؤال من أين لك هذا؟
فمن المؤكد أن البلاد بها مسؤوليين عموميين نزهاء و يتعففون عن استغلال المنصب العمومي ، كما أن هناك رجال أعمال و طنيين و يتورعون عن تلويث ثروتهم بشبهة الفساد السياسي، فنحن ندرك جيدا أن رجل الأعمال يمكن ان يدير منصب حكومي و يدخل للسياسة عبر صناديق الاقتراع ، و لكن ينبغي ضبط هذا الرغبة بالقوانين الصارمة التي تمنع الوقوع في المحظور و تعيق تضارب المصالح ..فأغلب الحكومات في العالم تسجل وجود رجال أعمال ، لكن من الصعب أن يتم السكوت أو التعاطف مع استغلال مناصبهم العمومية لتحقيق مكاسب شخصية ، فالقوانين بهذه البلدان صارمة ، لكن للأسف في المغرب أصبحنا أمام ظاهرة التطبيع و التعاطف و التسامح مع ناهبي المال العام ، بل لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع فضيحة اختلاس ملايين الدراهم من المال العمومي ، و حتى إذا تمت متابعة المختلس فإن الحكم يكون مخفف جدا ..لذلك و أنا أتابع الوضع في المغرب أستحضر تجربة الصين في مكافحة الفساد ، و بصدق ما أحوجنا لتجربتها في معاقبة الفاسدين ..!!
و في الختام ، فالغاية من طرح هذه القضايا ليس تشويه صورة البلاد كما يتهمني بعض المغاربة، فهؤلاء لصوص المال العام هم من يشوهون البلاد و يضرون بالعباد ، و من يتورع عن استغلال المنصب العمومي لتخقيق مكسب خاص و يقبل مد يده للمال العام فهو ” لص” و هذا أمر مؤكد بنظري –شرعا و قانونا- أما كاتب المقال فمنذ نحو عقد و إلى اليوم يرفض المنصب العمومي، و التدريس بالجامعة لا يعد مغنما فهو بنظري مغرم ، و إختار التجارة لأنها المصدر الطبيعي و المشروع لبناء “الثروة الحلال”، أما الوظيفة فهي تظل إجارة مهما كان أجرها، اللهم إلا إذا تم استغلال المنصب العمومي لتحقيق مكاسب خاصة ، و حينئذ يمكن للمرء الحصول على أموال سهلة لكنها من “سحت و حرام” ف”الغنم بالغرم ” ..
غايتي أيها السادة ، توثيق هذه الوقائع للتاريخ ، و تنوير الرأي العام و إفهام الأغلبية الصامتة بحقيقة خطر زواج السلطة بالمال، و إبراء ذمتي أمام الله تعالى ، فشخصيا ليس لي معرفة أو عداوة بأخنوش أو غيره، ما يهمني هو مصير الوطن و مستقبله ، لأن لي مصالح و جذور عميقة و عريقة في هذا الوطن، و يهمني استقراره و أمنه و سعادة و رفاه أغلب مواطنيه ، لأني أومن بالمثل القائل ” خربة في وسط الديور دار ، و دار في وسط الخرب خربة” بمعنى مهما وصلنا لمستويات أكاديمية و مهنية و مالية و قل ما تشاء، و ما دمت منتمي لوطن هش ،و غالبية أهله تعيش الفقر و العوز و الظلم فأنت بدورك متضرر و فرص نجاحك و استمرارك و استقرارك و توسعك تتضاءل، و بلغة الاقتصاد لأن مناخ الاستثمار معيق و غير داعم..
 أما إذا كان الوطن ناجح و البيئة الحاضنة داعمة فإن الانسان المحدود الدراية و المواهب و الموارد أو العاجز أو المتعثر فسيجد فرص للنمو و التقدم …فنحن أمام خيارين لا ثالث لهما بناء وطن يصلح للعيش لنا و لأبناءنا و أحفادنا أو البحث عن ملاذ أخر بمعنى هجرة الوطن ، و للأسف هذا الخيار سهل و متاح لكن أرى أنه خيار “المنهزم و الهارب” ، لذلك لست متفق مع هجرة شبابنا للضفة الأخرى هروبا من الفقر و العوز ، ففرص العمل متاحة بدليل أن الأفارقة أصبحوا يستوطنون المغرب و يشتغلون في قطاعات عدة و منها الفلاحة و البناء و مراكز الاتصال و يبنون أسر في المغرب و يتزوجون بمغربيات و يشترون العقار بينما شباب المغرب يبحث عن الهجرة للخارج في مفارقة غريبة تصدير الشباب المغاربة و إستيراد الأفارقة ، فإلى أين تتجه البلاد ؟! ..و سأحاول تفصيل هذا الموضوع في مقال موالي إن شاء الله تعالى .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..

الدكتور طارق ليساوي

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

با احمـــــاد

أخنوش،أخنوش،أخنوش،أخنوش،أخنوش،أخنوش،أخنوش

يا أستاذ ، يا دكتور ! مقالك فيه كثير من اللغط و الخلط. الشباب هو من يُصدر نفسه للخارج أما الافارقة فيأتون من تلقاء أنفسهم و لانقودهم من أعناقهم بالسلاسل الى بلادنا. كلامك فيه كثير من التعميم و القارئ الغير ملم بأوضاعنا ستتكون لديه رأيا مشوشة خاطئة. هناك قلة محدودة جدا من الافارقة الحاصلين على وظائف في القطاع الخاص على الخصوص، و هم مميزون حاصلون على دبلومات عليا. و نحن نرحب بكل الطاقات التي من شأنها ان تعطي لبلادنا قيمة مضافة حتى لو كانت من افريقيا التي ننتمي إليها. أما غالبية الافارقة و هم بالآلاف ، فقسط منهم يمتهنون الحرف اليدوية الهامشية و الباقي يتسكع في الشوارع يتسولون عند إشارات المرور حتى يتسنى لهم شراء ما يسدون به رمقهم. هذه مظاهر أشاهدها بنفسي يوميا و غير بعيد عن مكان إقامتي في الدار البيضاء.. بالنسبة لي كمواطن يعتز بوطنه، ما يهمني بلدي و لا يهمني لا أخنوش و لا عائلته و لا زبانيته و إن كان مقصرا في واجبه فلكل عمل أجل و سوف يذهب و يأتي غيره. كما ذهب العثماني الذي كان هو الآخر معرض للانتقادات العشوائية اليومية و قبله بن كيران الذي تحالفت عليه القبائل و قبله عباس الفاسي المسكين الذي لم يتعرض للانتقاد فقط بل للضرب كذلك من طرف احد الاشخاص عندما كان يتنزه على كورنيش أكادير.. مرحبا بالنقد البناء الموضوعي الذي يتوخى الدقة ما أمكن و لا للمزايدات العقيمة التي لا تزيد الوضع إلا سوءا. لقد سبق و قلناها يا دكتور، النُّخَب المُعْوجة هي كارثة المجتمعات .

علال

نظام يستفيد من شعب امي وجاهل

الثورة الحقيقة هي التي تنبتر من وجدان الشعب ولا تتوقف حتى النصر،مع تحقيق العدالة الاجتماعية السكن اللاءق والعيش الكريم والحرية والكرامة والحق في التعليم والتمريض المجاني لكافة العائلات المعوزة والفقراء وتوزيع الثرواث على كافة المواطنين.

احمد

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم الله ياخذ فيهم الحق كل المسؤلين الفاسدين المجرمين فهاد البلاد الشعب مقهور معذب

هشام

اخنوش سبب خراب البلاد

السبب هي مافيا اخنوش الحل هو شارع هاد شي بزاف لا تعليم لاصخك لا خدمة لاحقوق لا محاسبة وزراء نهب مال العام

سام

لحاجة في نفس يعقوب

أستاذ المحترم لقد تكلمتم بصدر رحب و بكرم لغوي واسع فيما يخص توثيق الوقائع للتاريخ ، و تنوير الرأي العام و إفهام الأغلبية الصامتة بحقيقة خطر زواج السلطة بالمال و نشكرك على هذه المبادرة النبيلة إن صح صدق نيتها لكن أيها الأستاذ الكريم أين كنتم بخطابكم هذا قبل مجيء السيد اخنوش إلى رئاسة الحكومة المغربية ؟ انفهم من كلامكم و بحثكم القيم أن كل الأمور في سياسة تدبير الشأن العام بالمغرب كانت قبل مجيء السيد اخنوش على ما يرام ؟ و هل نستنتج من خطابكم انكم بدافع الغيرة الوطنية استيقظتم فجأة و فقط بوجود السيد اخنوش على رأس الحكومة المغربية لتوثقوا الوقائع للتاريخ وتنوير الرأي العام و إفهام الأغلبية الصامتة بحقيقة زواج السلطة بالمال و ما صاحب ذلك مع السيد اخنوش من فساد و سوء التدبير و فقر و غلاء وهجرة و عوز و ظلم وما شاء الله من كوارث و فضائح ؟ ام كل هذا لحاجة في نفس يعقوب باسم الفقر و العوز و الغلاء والحرمان صباحكم سعيد