أخبار عاجلة

المغاربة صنعوا التاريخ وجنرالات الجزائر صنعوا المهازل

رغم غيابها، حضرتْ الجزائر في مونديال قطر منذ بدايته. كان حضورا هامشيا لكنه لافتا، وليس بالضرورة مُشرِّفا. ليس بالمشاركة في البطولة، ولكن بأفعال بعض وسائل إعلامها وبعض جمهورها والتفاعل الرسمي والشعبي معه. إذا أردنا اختصار الموضوع في جملة، نستطيع القول إن المغاربة صنعوا التاريخ وبعض الجزائريين صنعوا المهازل. منتخب الكاميرون تغلب على البرازيل والإعلام الجزائري نال «العيب».

لماذا يُحشر المغرب والكاميرون هنا؟ بسبب الإعلام الرسمي الجزائري.
هذا الإعلام، الحكومي منه خاصة، صنع مسلسلا بائسا تمسك ببثه منذ بداية انتصارات المنتخب المغربي. تسلى المشجعون المغاربة والجزائريون والعرب بمسلسل التلفزيون الجزائري الذي تقوم الحبكة فيه على إنكار تام لوجود المغرب في المونديال. بلغ بهم الأمر التلاعب بجداول المباريات والنتائج وممارسة بعض القفز البهلواني فقط لتجاوز وجود المغرب. (في نقاش مُسلٍّ حول الموضوع مازحتُ صديقا مغربيا بالقول: بسببكم سنُلغي صلاة المغرب ونبني جسرا من العصر إلى العشاء!).

كان لا بد من انتصار آخر على البرتغال، في ليلة تاريخية، والتأهل لدور نصف النهائي لكي يستسلم التلفزيون الجزائري ويقرّ بوجود المغرب في هذا المونديال. أتمنى أنهم عادوا إلى رشدهم، لا أقصد صحافيي التلفزيون ولكن الذين يتحكمون فيه ويستعملونه أداة دعائية، لأنهم أدركوا خطأ ما فعلوا منذ البداية، وليس لأنهم حُشروا في الزاوية وبلغت السخرية منهم مبلغها ولم يعد ممكنا تجاهل منتخب بلغ نصف نهائي كأس العالم في سابقة تاريخية. وأتمنى أن هذه «التوبة» ليست السبب الحقيقي لإقالة مدير عام التلفزيون في الساعات اللاحقة لبث الخبر، كما يتداول الشارع الجزائري.
من المحزن أن ينزل التفكير الرسمي في الجزائر إلى هذا المستوى في زمن المعلومة الأسرع من الصوت ومنصات التواصل الاجتماعي الأشد فتكا من أقوى الآلات الدعائية على وجه الأرض. بثُّ نتائج المنتخب المغربي وكيف تحققت ما كان سيضر الجزائر في شيء. والامتناع عن بثها لم يحرم المغرب منها ومن حلاوتها، بل جعل الإعلام الجزائري مضحكة أمام العالم (وسائل إعلام دولية عديدة تناولت الموضوع).

الطريف في الأمر أن التلفزيون الجزائري، وفي نشرة أخبار واحدة، يتجاهل أداء المنتخب المغربي في المونديال لكنه يبث تقارير طويلة عن مظاهرات الغضب في المغرب ضد «المخزن العميل للكيان» و«ممارساته القمعية ضد شعبه».. مرة مظاهرات المعلمين ومرة المحامين ومرة العاطلين عن العمل، ومرة ضد الغلاء وأخرى ضد التطبيع مع «الكيان» (مصطلح جزائري لوصف إسرائيل معمول به منذ 2020) إلخ.

لحسن حظ الجزائر أن الرأي العام في مجمله في قطيعة بائنة مع الخطاب الإعلامي والرسمي. ولولا التردد وإيثار الأمان من لدن الجزائريين البسطاء لفاقت احتفالات المدن الجزائرية بفوز المغرب احتفالات فاس والرباط وطنجة.

ولماذا الكاميرون؟ مرة أخرى بسبب الإعلام الجزائري الذي لا يريد للجزائريين أن ينسوا إقصاء منتخبهم على يد الكاميرون في منافسات التأهل لمونديال قطر.

مع الكاميرون انتقل بعض الإعلام الجزائري من الكراهية والدعاء بالهزيمة إلى العنصرية. صحيفة «الشروق» لم تجد غضاضة في وضع مانشيت «الكاميرون يعود إلى الأدغال بلا فول ولا حمص». نشروا هذه العنصرية غداة مباراة البرازيل على الرغم من النتيجة والأداء الرائعين للفريق الكاميروني. هل يدرك مَن وضع هذا العنوان المعيب أنه موغل العنصرية واحتقار الآخر؟ ألم يدرك أن هذا التشفي يدينه هو وصحيفته والإعلام الذي ينتمي إليه، ولا يسيء الكاميرون في شيء؟

لو كنا في بلد يستجيب للوخز، لتحركت النيابة العامة لمقاضاة الصحيفة ومَن يتحمل مسؤولية هذا المانشيت. قبل ثلاثين سنة كنت أعمل في صحيفة بالجزائر. حلّت ذكرى وفاة هواري بومدين فاقترحت زميلة إنجاز عمل عنه جمعت فيه شهادات وانطباعات. من ضمن الشهادات مقولة (أشكك في صحتها) منسوبة لبومدين وهو على فراش الموت: أكثر ما يؤلمني أنني سأموت وأترك ورائي هذا الــــــ…. (كلمة مهينة عن الملك الحسن الثاني). في يوم صدور النص رفعت نيابة محكمة حسين داي بالعاصمة دعوى ضد الصحافية ورئيس التحرير المناوب ذلك اليوم ومسؤول النشر بتهمة إهانة رأس دولة.

لماذا لم تتحرك النيابة ضد «الشروق»؟ ببساطة لأن البلاد خلت من ثقافة الدولة ومن الذوق العام، والصحافة فالتة وبلا نضج.

إذا كان الكثير من الجزائريين عاجزين عن الشفاء من الهزيمة أمام الكاميرون حتى اليوم، فذلك بسبب وسائل الإعلام المحلية التي ترفض التوقف عن تغذية الشعور بالمظلومية وبالاضطهاد وبوجود مؤامرة ضد الجزائر ومنتخبها القومي. في غياب مساحات إعلامية للنقاش السياسي والفكري الحر والمفيد، بقي المنتخب الوطني وإقصاؤه وخرافة «الماتش يتعاود» الموضوع الوحيد المسموح بمناقشته لإشغال الجزائريين عن همومهم.

هذه التصحر الكبير هو الذي قاد ذلك الشاب المسكين إلى التحرش بصامويل إيتو في الدوحة واتهامه بالرشوة والفساد، فأوسعه الأخير ضربا. يجب إدانة رد إيتو الوحشي، لكن هذا لا يجب أن يُنسي الناس أصل المشكلة: تسخير الإعلام الجزائري والتفكير العام لتغذية شعور الناس المستمر بالمظلومية وعجزهم عن الشفاء من الهزيمة أمام الكاميرون.

مثلما حذّر إيتو في رسالة اعتذاره، إذا لم تُحل عقدة الجزائريين هذه، فنحن بصدد مأساة على وشك الوقوع. لن أستغرب إذا ما ورد في الأخبار أن عراكا بين جزائريين وكاميرونيين في مكان ما انتهى بجريمة قتل. ساعتذاك لن ينفع الندم.

لكن التوجه لا يبدو نحو التهدئة، إذ بدلا من وضع واقعة الشاب المغمور في سياقها والعمل على تجاوزها، اختار الخطاب الرسمي الجزائري تكريم الشاب، ويعمل الخطاب الإعلامي على تحويله إلى بطل قومي. يعني أن جمع الحطب جارٍ على قدم وساق.

توفيق رباحي

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

مسلم جزائري امازيغي

بتر الشر اولى

كلام في الصميم و صواب لكن يجب لفت الانتباه أن الفساد متمكن و موجود في كل حكام العرب و المسلمين و في المملكات اكثر من الجمهريات و في الشعب فساد مثل الذي في الحكام فلا يليق التعجب ولا الحزن على تصرفات الحكام الجاهلة و الحاقدة و العدائية لانها تصدر من كل الاطراف ليس من حكام بلدان معينة فقط . سواء كانت ردة فعل او فعل . فإذا اردنا ذم احد الاطراف فعلينا ذم الكل او ستر الكل فالمسألة اذا اردنا المقارنة فعلينا ان ننظر من أقل مكيدة و أشرف موقفا في سائر الأمور من غير علاقة الأطراف المتعادية بينهم . و إذا اردنا ان ننجو من سموم و عواقب عداوتهم بينهم علينا توعية الشعوب و تطهير قلوبهم بأننا لا حولولنا و لا قوة إلا ما جعل الله بين ايدينا و هي التوبة و الرجوع الى الله و ان اكرمنا اتقانا و الله يولي علينا مثلما نكون . انا الانتقادات و فضح العيوب و الغل و الحقد الذي يدور بين المملكة المملوكة من الشيطان و الحمهورية المهجورة من الصلاح فلا يخدم إلا مشروع الشيطان و هجر الصلاح مهنة الصحافة ليست حجة لما يتعلق الامر بشر محض . الصحفي التقي النقي يبتر و يستر الشر لا يذيعه و يغذي مشروع الاشرار و يزيد شرارة الشر في الشعوب المشرشرة اصلا

اليونسي محمد

المغرب مهتم ببلاده وشعبه

نحن ناسف أشد الأسف لما وصلت اليه الجزاءر حاليا. هناك رجل واحد سيطر على البلاد والعباد بدون منازع ، وهدا الرجل له حسابات شخصية مع المغرب وشعبه وهده الحسابات لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بمصلحة الشعب الجزائري ولا تمت بصلة إلى مصلحة الجزاءر كبلد وكوطن! وهدا الرجل لإرضاء شغفه بحساباته مع المغرب وشعبه فهو يستعمل ويستخدم الشعب الجزائري وثروات الشعب الجزائري وجيش الوطن الجزائري وكل ما هو تحت سيطرته دون منازع او معارض لإرضاء نزعاته العداءية والحقد تجاه المغرب وشعبه وكان هدا الرجل ورث الجزاءر عن ممتلكات ابيه وكأنه ورث الشعب الجزائري عن ماكان يملك ابوه وكأنهم عبيد لا يملكون ولو حبة رمل واحدة من تراب هدا الوطن اي الجزاءر. والعار وكل العار هو أن هدا الرجل لم بجد أحدا يقف ضده حبا في الوطن وحفظا لكرامة الشعب الجزائري، ابدا، لحد الساعة ليس هناك في الجزاءر من قام بمعارضة هدا الطاءش المعتوه بغيرة عن الوطن وحبا في حفظ كرامة الشعب الجزائري! هده هي المأساة وهدا هو الخزي والعار . لست ادري باي حق يقوم هدا الرجل بمصادرة مصلحة الشعب والوطن من أجل ارضاء شذوذ ونعرة الكراهية التى لا قيمة لها بالنسبة للمغرب، لان المغرب وشعبه لا يعير اي اهتمام لسلوكيات هدا المعتوه بل بالعكس يقابلها بالاهتمام بمصلحة المغرب وشعبه و يعمل جاهدا لإنجاز ما يمكن إنجازه دون تضييع الوقت في الانتباه إلى سلوكيات هدا الرجل.

مواطن

ألم يوجد في الجزائر عقلاء

ألم يوجد في الجزائر متقفين وحكماء وأساتدة يحكمون الجزائر أين هو الشعب وأين هو الحراك 44 مليون جزائري يحكمونهم حماق على الشعب والحراك التحرك وبي كترت لأزالة الحماق من الحكم