أخبار عاجلة

الشعارات الفارغة التي يرفعها النظام الجزائري وسلاح النفط والغاز لا يصنعان سياسة!

محيّر، بل مضحك، ذلك الهلع الجزائري في كلّ مرّة يحقّق المغرب اختراقا افريقيا يصب في مصلحة قضيّته الوطنيّة، أي قضيّة الصحراء المغربيْة. إنّها قضيّة مرتبطة أوّلا وأخيرا بالتحرّر من الإستعمار. أي أنّها قضيّة غير بعيدة عن الشعارات التي يرفعها النظام الجزائري ويتاجر بها منذ قيامه في العام 1965 نتيجة إنقلاب عسكري قاده الراحل هواري بومدين على الرئيس المدني احمد بن بلّة الذي كان يتمتع بمقدار لا بأس به من السذاجة السياسيّة. جعلته تلك السذاجة يثق ببومدين الذي ما لبث أن انقلب عليه كي يؤسّس لنظام امني قائم على مجموعة عسكريّة تتحكّم بكل مرافق البلد، خصوصا بقطاع الغاز والنفط وشراء السلاح المخصص للجيش، وهو في معظمه سوفياتي في الماضي وروسي في الوقت الحاضر.

كان الواجب الوطني يفرض على النظام الجزائري دعم المغرب في استرجاع اقاليمه الجنوبيّة (الصحراوية). يعود ذلك إلى الدعم المغربي للثورة الجزائريّة منذ العام 1954 ولمجموعة وجدة تحديدا التي كان بومدين على رأسها. كانت تلك المجموعة تضمّ، بين من تضمّ، عبدالعزيز بوتفليقة المولود في تلك المدينة المغربيّة التي خرج منها بعد ذلك إلى تلمسان في الأراض الجزائرية التي منها أصول عائلته.

شيئا فشيئا يتكرس الإختراق المغربي لإفريقيا بعدما اكتشفت دول عدّة فيها أنّ ليس في الإمكان العيش على الشعارات الفارغة التي دعمها النظام الجزائري بأموال النفط والغاز. إنتهى مفعول أموال النفط والغاز. في غياب أموال النفط والغاز، حقّق المغرب تقدّما على كل صعيد في أفريقيا. لم يقتصر الأمر على مزيد من الدعم لقضية صحرائه، بل تعدّى ذلك إلى نوع من الشراكة بين دول افريقية عدّة مع المغرب، شراكة في مجالات عدّة. بين هذه المجالات انشاء مصانع لإنتاج الأسمدة التي تستخدم في الزراعة بفضل الفوسفات المغربي. لا خدمة آكبر من هذه الخدمة تقدّم إلى الدول الإفريقيّة من أجل دعم امنها الغذائي.

قبل ايّام سلّم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الرئيس الجديد لكينيا وليم ساموي روتو رسالة من الملك محمّد السادس.

توجت الزيارة بنوع من التصحيح للموقف الكيني من موضوع الصحراء المغربية بعدما بقي هذا البلد طويلا في دائرة التأثير الجزائري. اثمرت الزيارة عن بيان صحافي مشترك جاء فيه أنّه "احتراما لمبدأ السلامة الإقليمية وعدم التدخل، تقدم كينيا دعمها الكامل لخطة الحكم الذاتي الجادة وذات المصداقية التي اقترحتها المملكة المغربية، كحل فريد يقوم على وحدة أراضي المغرب" لحل هذه المشكلة. أكد البيان الصحفي المشترك أن "كينيا تدعم إطار عمل الأمم المتحدة كآلية حصرية لتحقيق حل سياسي دائم ودائم للنزاع حول قضية الصحراء".

أين المشكلة في حصول بداية وعي كيني يتعلّق بموضوع الصحراء؟ لا مشكلة في هذا المجال على الإطلاق. كلّ ما في الأمر أن دولة مهمّة مثل كينيا غيّرت رأيها وسارت في اتجاه اعتماد المنطق. تماما كما فعلت قبل ذلك اسبانيا التي اعترفت بدورها بالمبادرة المغربيّة القائمة على الحكم الذاتي الموسّع للصحراء الذي يعني، بين ما يعنيه، تمكن سكان المحافظات الجنوبيّة من ممارسة كلّ حقوقهم كمواطنين مغاربة.

بعيدا عن محاولة تسجيل نقاط على المغرب، من نوع استخدام الرئيس التونسي قيس سعيّد، في استقبال زعيم "بوليساريو" الذي أُرسل في طائرة رئاسيّة جزائريّة إلى تونس كي يشارك في قمة غير مدعو لها، آن أوان خروج النظام الجزائري من لعبة تنمّ عن قصر نظر ليس إلّا. لا وجود لشيء اسمه "جمهوريّة صحراويّة" ولا "بوليساريو". لا يمكن صنع شيء من لاشيء. كل ما هناك حرب استنزاف يشنّها النظام الجزائري على المغرب عن طريق أزمة مفتعلة اسمها الصحراء. هذا كلّ ما في الأمر بالنسبة إلى نظام يعتقد أنّه استعاد حيويته بفعل أموال النفط والغاز وبات يعتقد أنّه استعاد نفوذه في هذه الدولة الإفريقيّة أو تلك بفضل الدولار الأميركي. يبدّد النظام هذه الأموال في حرب على المغرب بدل صرفها على الشعب الجزائري الذي أثبت المرّة تلو الأخرى، منذ انتفاضة تشرين الأوّل – أكتوبر من العام 1988 أنّه يعيش في ظلّ نظام لا علاقة له به وبهمومه الحقيقيّة من قريب أو بعيد.

على أبواب قمّة عربية تستضيفها الجزائر، يؤمل ان يكون النظام في مستوى هذا الحدث، خصوصا أنّ احتمال حضور الملك محمّد السادس القمة يوفّر له فرصة كي يظهر أنّه استطاع الخروج من عقدة المغرب. كيف ذلك؟ ثمّة خطوة في غاية البساطة تبدأ بالتصالح مع الواقع والتخلي عن الأوهام من نوع أن إدارة جو بايدن ستتراجع عن اعتراف إدارة دونالد ترامب بمغربيّة الصحراء. ثمّة ترجمة عملية لهذه الخطوة. تكون هذه الترجمة العمليّة عبر انضمام الجزائر إلى الأكثريّة العربيّة التي اعترفت بدورها بمغربيّة الصحراء. اين العيب في قراءة البيان الصادر عن قمة الرياض لدول مجلس التعاون الخليجي الست، التي انعقدت قبل عشرة أشهر؟ أكّد ذلك البيان من دون مواربة الوقوف مع المغرب ووحدته الترابيّة.

في النهاية لا تصنع عائدات الغاز والنفط سياسة بناءة، لا في الداخل الجزائري ولا خارج الجزائر... إلّا إذا استخدمت هذه الأموال في خدمة الشعب الجزائري. ما يصنع سياسة بناءة هو اعتماد المنطق. المنطق يقول أنّ مشكلة الصحراء بين الجزائر والمغرب، وهي قضيّة مفتعلة أساسا. من يقبل باستضافة قمّة عربيّة بعد تلقي صفعتي رفض البحث في عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربيّة والفشل في ادراج قضية الصحراء في جدول اعمال القمة، يستطيع ابتلاع ما هو اسهل من ذلك بكثير. يستطيع ابتلاع إقامة علاقات طبيعية مع المغرب حيث يعرف الملك محمّد السادس جيدا أنّ الشعب الجزائري شيء والنظام شيء آخر وأن الشعبين الجزائري والمغربي توأمان وانّ لا بد من يوم تظهر في هذه الحقيقة الواضحة وضوح نور شمس.

الجزائر تايمز خير الله خير الله

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات