أخبار عاجلة

عصابة الجنرالات تُخرج الكاتب بوعلام صنصال من المستشفى وتعيده إلى السجن

غادر الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الذي أثار اعتقاله في الجزائر جدلاً واسعاً، أخيرا المستشفى الذي كان يتلقى فيه العلاج، ليتم نقله مجددًا إلى السجن حيث يُحتجز في إحدى المؤسسات السجنية القريبة من العاصمة الجزائرية، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، مشيرا إلى أن السلطات الجزائرية ترفض تمكين البعثة الدبلوماسية من زيارته.

وأوضح بارو، خلال مقابلة إذاعية أجراها مع إذاعة "سود راديو"، أن هذه المعلومات وردت إلى السلطات الفرنسية عن طريق زوجة الكاتب، التي أطلعت باريس على مستجدات حالته الصحية ووضعه القانوني، مشيرا إلى أن الحكومة الفرنسية بذلت مساعي دبلوماسية لتأمين زيارة قنصلية من أجل الاطمئنان على ظروف اعتقال صنصال والوقوف على حالته بشكل مباشر، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت هذا الطلب، مما أثار استياءً واضحًا في الأوساط الرسمية والثقافية بفرنسا.

    

وتُعد قضية بوعلام صنصال واحدة من الملفات الحساسة التي تعكس طبيعة العلاقات المتوترة بين باريس والجزائر، حيث يواجه الكاتب الذي يحمل الجنسية الفرنسية ويُعرف بمواقفه الجريئة والمتعارضة أحيانًا مع السلطة الجزائرية، سلسلة من التحديات التي أثارت قلقاً واسعاً بين المنظمات الحقوقية والمثقفين داخل وخارج البلدين، إذ تأتي هذه التطورات في سياق يعكس تعقيدات المشهد الدبلوماسي بين فرنسا والجزائر، حيث تتداخل القضايا الثقافية والسياسية مع الإرث التاريخي المشترك، مما يجعل من هذه القضية اختباراً جديداً لقدرة الطرفين على التعامل مع الأزمات بشفافية واحترام للحقوق الإنسانية.

وفي 16 نونبر2024، اعتُقل الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، مؤلف رواية "2084: نهاية العالم"، في مطار الجزائر العاصمة، ووجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي تصف "كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي"، بأنه إرهاب أو تخريب.

وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن السلطات الجزائرية أبدت انزعاجها من تصريحات صنصال، البالغ من العمر 80 عامًا، والتي أدلى بها لموقع "فرونتيير" الفرنسي ما كان سببا في اعتقاله من مطار بومدين، حيث تناول فيها مسألة الأراضي المغربية التي تم اقتطاعها لصالح الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وقد ساءت الحالة الصحية للكاتب الفرنسي إثر اعتقاله ما دفع إلى نقله منتصف شهر دجنبر لتلقي العلاج الطبي، دون أن تتمكن السلطات الفرنسية ومحاميه من لقائه حتى الآن بسبب رفض السلطات الجزائرية ذلك.

في هذا السياق، أعرب البرلمان الأوروبي في 23 يناير الجاري عن إدانته الشديدة لاستمرار احتجاز صنصال، مطالبًا بالإفراج عنه فورًا ودون شروط، ومؤكدًا أن احترام الجزائر لحقوق الإنسان يمثل شرطًا أساسيًا لتجديد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

وأفاد البرلمان، وفقًا لموقعه الرسمي، بضرورة إطلاق سراح جميع النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين، مع مراجعة القوانين القمعية التي تقيد الحريات الأساسية واستقلال القضاء، باعتبار هذه الخطوات ضرورية لحماية حرية الصحافة، التي ينص عليها الدستور الجزائري في مادته 54.

وأكد البرلمان الأوروبي أن تعزيز سيادة القانون وضمان الحريات الديمقراطية يجب أن يشكلا أساسًا لتطوير العلاقات بين الطرفين، مشيرًا إلى أن أي تقييم مستقبلي لدعم الاتحاد الأوروبي المالي للجزائر سيعتمد على مدى التقدم المحرز في تعزيز حرية التعبير والحريات الأساسية. كما دعا القرار إلى وقف السياسات القمعية، معتبرًا أن تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر ليس مجرد شأن داخلي، بل شرط جوهري للحفاظ على شراكة فعالة ومثمرة مع الاتحاد الأوروبي تقوم على احترام القيم المشتركة.

وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع إصدار منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرها السنوي لعام 2025، الذي رسم صورة قاتمة عن الوضع الحقوقي في الجزائر، متناولًا قضية اعتقال صنصال. وذكر التقرير أن السلطات الجزائرية واصلت "قمع المعارضة وإغلاق الفضاء المدني من خلال تقييد حرية التعبير والصحافة والتجمع السلمي"، وأشار إلى خروقات حقوقية رافقت الانتخابات الرئاسية لعام 2024، التي كرّست استمرار عبد المجيد تبون في الحكم، بما في ذلك اعتقال العشرات بسبب تصريحات أو أنشطة سلمية.

وتطرق التقرير أيضًا إلى قضايا أخرى، مثل اعتقال نشطاء وصحفيين، منهم محمد تجاديت الذي تعرض للمضايقات الأمنية وسُجن عدة مرات منذ 2019، والفنانة الفرنسية-الجزائرية جميلة بن طويس، التي حُكم عليها بالسجن لمدة عامين بسبب أغنية انتقدت فيها قمع احتجاجات الحراك. كما أشار إلى تصنيف الجزائر في المرتبة 139 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الصادر عن "مراسلون بلا حدود"، مسجلة تراجعًا بثلاث مراتب مقارنة بعام 2023.

وسلط التقرير الضوء على توسّع تعريف "الإرهاب" في الجزائر منذ عام 2021، ما أدى إلى استخدامه كذريعة لقمع المعارضة السلمية، بما في ذلك قضية بوعلام صنصال. كما أشار إلى القيود المفروضة على الجمعيات الحقوقية، مثل منع جمعية "أس أو أس المفقودون" من تنظيم أنشطتها.

وأبرز التقرير كذلك استمرار السلطات الجزائرية في طرد المهاجرين من جنسيات أفريقية بطرق تعسفية، إذ رحّلت ما يقرب من 20 ألف شخص بين يناير وغشت 2024 إلى النيجر، في ظروف وصفت بأنها تهدد حياتهم في الصحراء، حيث توفي ثمانية أشخاص على الأقل نتيجة لهذه العمليات.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات