أخبار عاجلة

تبون يلجأ الى دبلوماسية الشكارة لتقوية العلاقات مع دول الجوار

لجأت الجزائر الى دبلوماسية الشكارة، لتقوية علاقاتها مع دول الجوار خارج إطار اتحاد المغرب العربي، مضيفة الاقتصاد كمحدد جديد لتنشيط دبلوماسيتها إلى جانب محددات السياسة والأمن والجغرافيا لاستعادة ما تقول إنها “مكانتها الطبيعية”.

الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أعلن في خطاب تنصيبه في 19 ديسمبر 2019، أنه ملتزم بالحرص على علاقات “الاحترام والاخوة” مع جوار الجزائر الإقليمي.
وقال تبون في عدة تصريحات إعلامية، إن بلاده من “الدول المؤثرة في إفريقيا، ولا بد أن تستعيد مكانتها الطبيعية في الجوار وفي القارة ككل”.

ومنذ النصف الثاني لسنة 2021، قامت الجزائر بخطوات عديد تجاه دول المنطقة في مقدمتها، تونس، ليبيا، مالي، النيجر وموريتانيا.

فيما أعلنت في 25 أغسطس الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية بسبب ما اعتبرت أنها “أعمال عدائية مغربية تستهدفها منذ عدة سنوات”.

وفي تحول لافت، لم يستحضر الخطاب الرسمي الجزائري اتحاد المغرب العربي كإطار تعددي لإعادة بعث علاقاته بالمنطقة، ورجحت الكفة للعمل الثنائي مع كل دولة على حدة.
الاقتصاد عامل جديد

وتربط الجزائر علاقتها مع دول الجوار بالجغرافيا والتاريخ المشترك، والأمن وأحيانا من مبدأ “رد الجميل” نظير ما قدم لها أثناء ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962).

وأعلن الرئيس تبون، العام الماضي، في تصريحات إعلامية متكررة، عن انخراط بلاده القوي في مسار تسوية الأزمة الليبية “أنها أقل شيء نقدمه، لرد جميل الشعب الليبي ودعمه القوي لثورتنا”.
ودائما ما تردد الجزائر، أن أمنها من أمن “تونس، ليبيا ومالي وكل دول الجوار”.

لكن اللافت مؤخرا، هو بروز الاقتصاد، كعامل رئيسي في مسار إعادة بعث العلاقات الجزائرية مع دول المنطقة.
وفي هذ الصدد رأى الإعلامي الجزائري عثمان لحياني، أن “الجزائر قامت بتصحيح المربع الجغرافي الحيوي وإعادة تأهيل العلاقات مع دول الجوار خارج نطاق الاتحاد المغاربي الذي بات متجاوزا”.
وأضاف لحياني: “هذه المرة هناك محدد جديد في دبلوماسية الجوار الآمن وهو المحدد الاقتصادي، لضمان علاقات منتجة للقيمة المضافة”.

وشهدت زيارة الرئيس الجزائري، إلى تونس منتصف ديسمبر 2021، توقيع 27 اتفاقية ثنائية، في مختلف المجالات.

وعشية الزيارة أعلنت تونس عن تسلمها قرضا من الجزائر بقيمة 300 مليون دولار لتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية.
كما عرفت زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى الجزائر الأسبوع المنقضي، إنشاء مجلس أعمال جزائري-موريتاني، وتوقيع اتفاقية بناء طريق إستراتيجي بين محافظة تندوف الجزائرية ومنطقة الزويرات الموريتانية على مسافة 750 كلم.

وسيتكفل تكتل جزائري يضم 10 شركات حكومية بإنجاز الطريق الذي سيوصل صادرات البلاد نحو غرب إفريقيا، فيما أعلنت السلطات الرسمية الجزائرية عن تقليص مدة انجاز المعبر الحدودي بين البلدين إلى 12 شهرا بدل 24.
ووضعت البلاد تصدير 5 مليار دولار خارج قطاع محروقات كهدف استراتيجي لسنة 2021.
وتخطط الحكومة الجزائرية، لتفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية لبناء نموذج اقتصادي جديد بعيد عن التبعية المطلقة للبترول والغاز.

وعشية زيارة ولد الغزواني للجزائر، أعلنت صحفية الشروق (خاصة) عن انطلاق قافلة تجارية محملة بـ 960 طن من الصادرات الجزائرية باتجاه النيجر.
انخراط واستدراك
وإلى جانب الزيارات الرسمية وما انتهت إليه، أبدت الجزائر انخراطا كبيرا في العمليات السياسية لدول تونس، مالي وليبيا.

ومنذ تجميد الرئيس التونسي قيس سعيد، نشاط البرلمان وإقالة رئيس الحكومة في 25 يوليو الماضي، أجرت الدبلوماسية الجزائرية تحركات مكثفة، إذ قام تبون، بمتابعة دقيقة للانسداد السياسي في تونس، من خلال تبادل المكالمات مع سعيد، وإيفاد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، مبعوثا شخصيا له إلى قصر قرطاج عدة مرات.
ودون أدنى تحفظ، عبرت الجزائر عن مواقفها العلنية مما يجري في ليبيا ومالي.
وقال تبون في مقابلة مع قناة الجزيرة، إنه “لما صرح سنة 2020، أن العاصمة طرابلس خط أحمر”، فكان يقصد أن “الجزائر كانت ستتدخل لو سقط العاصمة الليبية” .

وعكس فرنسا، تدعم الجزائر السلطات الانتقالية في مالي، وقال وزير خارجيتها رمطان لعمامرة في أكتوبر الماضي: “إن مصير البلدين مرتبط بشكل وثيق”.

الخبير في شؤون الساحل الإفريقي، عبد القادر دريدي، قال للأناضول إن “الجزائر بصدد استدراك ما خسرته في العقد الأخير نتيجة ضعف جبهتها الداخلية”، مضيفا أن الجزائر “بصدد إعادة إحياء شبكة علاقاتها السياسية والدينية وتعزيز تواجدها الاقتصادي في إطار رؤية مشتركة مع حلفائها في المنطقة”.
تحول واضح

وقال عثمان لحياني، إن النشاط الدبلوماسي الجزائري “بدأ بالتحول الواضح لخريطة العمل الدبلوماسي الجزائر”.
وأضاف لحياني: “هناك عودة لإعطاء أولوية لدول الطوق بحثا عن الجوار الآمن. بعد فترة طويلة اهملت فيها الجزائر علاقاتها مع دول الجوار وهذا أمر كلفها غاليا سياسيا، بحيث ضعف دورها في المنطقة وامنيا بحيث صار الأمن القومي خارج زمام المبادرة الجزائرية”.

وتابع: “هذا التقييم هو الذي دفع الجزائر إلى إعادة تأهيل علاقاتها مع دول الجوار كليبيا من خلال إعادة فتح السفارة في طرابلس، وفتح معابر برية، ومع تونس من خلال اول زيارة لرئيس جزائري منذ عان 1984، وأول زيارة رسمية منذ عام 2009، ومع موريتانيا من خلال الاندفاع الكبير باتجاهها وأيضا العودة إلى التركيز على العمق في الساحل مع مالي والنيجر”.

وبالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة أدرار، (أقصى جنوب الجزائر)، عبد الحفيظ حسناوي فإن نجاح التحول الاستراتيجي لعلاقات الجزائر مع دول الجوار بحاجة إلى عنصرين مهمين.
وقال للأناضول:” إن تحقيق النجاعة المرجوة، يحتاج إلى أن يسند بتقوية البلاد من الداخل، اقتصاديا وسياسيا وفي ظل وجود انسجام اجتماعي سيمنحها المبادرة ويضمن تفعيل الثقل الدبلوماسي الخارجي”.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات